حرص رسمي على التضامن مع الدول الخليجية والسعودية على وجه الخصوص مصادر مطّلعة على أجواء بعبدا لـ«اللواء»: عون اعتمد الديبلوماسية الهادئة ولم يتجاهل معالجة الأزمة مع المملكة

كارول سلوم-اللواء
    
منذ أن نشأت أزمة لبنان مع دول الخليج اعتقد كثيرون أن الحكومة ستسارع إلى عقد جلسة عنوانها الوحيد معالجة ما جرى وإصدار بيان يؤكد أهمية العلاقات اللبنانية – الخليجية ، إنما حال التعطيل الداخلي لها دون انعقادها تحت أي ظرف كان، وبالتالي غابت الحكومة عن هذا الملف لسبب في الواقع معلوم . فلم يكن في امكانها تفادي الانقسامات في الآراء والتوصل إلى موقف موحد. وبقيت المعالجة عالقة حتى أن الاتصالات التي أجراها كبار المسؤولين بدت وكأنها من دون جدوى ، فلا استقالة تمت ولا معالجات فورية اتخذت .
البعض اعتبر أن التحرك اللبناني الرسمي والديبلوماسي لم يكن وفق المستوى المطلوب .اما البعض الآخر فرأى أن القصة لا تتصل بوزير بل بالقضية الأكبر والعلاقة المتشنجة بين المملكة العربية السعودية وحزب الله. في السياق عينه ، سأل البعض عن تحرك رئيس الجمهورية العماد ميشال عون حيال هذه الأزمة التي توسعت بشكل غير مسبوق .
إلا أن مصادر مطلعة على أجواء بعبدا قالت لـ«اللواء» أن هذا الملف دقيق وحساس ومعالجته بعيدا عن الأضواء تؤدي في العادة إلى نتيجة أفضل من المبالغات أو من الإضاءات لأن المعالجة الهادئة هي المطلوبة كما أن المعالجة الواقعية مسألة ضرورية وكشفت أن هناك سلسلة تحركات قام بها رئيس الجمهورية على الصعيدين الداخلي والخارجي، إنما بقيت بعيدا عن الأضواء كي تفضي إلى نتيجة . وأشارت المصادر إلى أن رئيس الجمهورية كان حريصا على أفضل العلاقات مع المملكة العربية السعودية، ومن هنا كانت اولى محطاته الخارجية بعيد انتخابه رئيساً إلى المملكة، وعبر في أكثر من مناسبة عن تقديره لدورها ودور دول الخليج في مساعدة لبنان . كما لبى الدعوة إلى قمة الدمام والتقى العاهل السعودي وكانت مشاركته أساسية وشكلت موضع تقدير.
ولفتت المصادر إلى أن الرئيس عون واصل التأكيد على المحافظة على هذه العلاقات ، وعندما ظهر بعض الخلل في أعقاب حرب اليمن، كان رئيس الجمهورية واضحا في التشديد على النأي بالنفس كدولة، عما يجري وموقف لبنان معروف في هذا المجال. اما دخول فريق لبناني كطرف في هذا الموضوع ، فمن غير الواقعية محاسبة دولة وشعب بفعل تعاطي هذا الفريق مهما كان دوره اساسيا في الساحة اللبنانية. بمعنى حثه على الاستقالة..
واستذكرت كيف كانت ردة فعل الرئيس عون سريعة بعد مقابلة الوزير شربل وهبي وحصل تمنٍّ وتجاوب من الوزير للتنحي وتم ذلك في أقل من اربع وعشرين ساعة. وهذا نابع من الحرص على أهمية العلاقة مع المملكة.
واوضحت أن ما من مرة عبر فيها الرئيس عون عن تأييده لموقف يعادي المملكة العربية السعودية أو دول الخليج. واشارت إلى أنه عند حصول حادثة وزير الإعلام جورج قرداحي سارع رئيس الجمهورية ومع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الى التأكيد وبشكل علني أن موقف الوزير قرداحي لا يعبر عن وجهة نظر الدولة اللبنانية إنما هذا رأي خاص صدر عن شخصية لم تكن في موقع المسؤولية آنذاك.
وتحدثت عن اتصالات تمت مع السفير السعودي وليد البخاري عبر عدد من معاوني رئيس الجمهورية لتوضيح هذه النقاط،وأكدت أنه لا يزال يعمل في هذا الإطار وكان لقاؤه مع سفراء لبنان في عدد من دول الخليج والذين تم بعادهم، مناسبة للاستماع منهم شخصياً على المعطيات التي بحوزتهم في هذا الموضوع وهذا دليل على اهتمامه الخاص بالملف ، كما أشارت إلى محادثاته مع الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية السفير حسام زكي حيث أبدى ترحيبه بأي مسعى يمكن أن يقوم من أجل معالجة الازمة مع دول الخليج وإزالة الخلل الذي أصاب العلاقات معها ومع المملكة.
وأكدت أن الوفود الأجنبية التي زارته واستوضحت منه ما يجري، سمعت الموقف نفسه منه.
وافادت المصادر نفسها أن رئيس الجمهورية تواصل مع الوزير قرداحي غداة الحادثة ولفته إلى تأثير الكلام الذي صدر عنه على صعيد العلاقات مع دول الخليج، وطلب منه تحكيم ضميره واتخاذ الموقف الذي يحفظ المصلحة اللبنانية، بمعنى حثِّه على الإستقالة.
وأعربت عن اعتقادها ان البعض أخذ على الرئيس عون أنه كان يجب إقالة الوزير قرداحي لكن البعض فاته أن لبنان لا يخضع لنظام رئاسي بل لنظام ديمقراطي، وهناك أصول ودستور ينصان على كيفية إقالة الوزراء ،إذ أن هناك حاجة إلى جلسة لمجلس الوزراء وهذا كان متعذرا بسبب الوضع الذي نشأ نتيجة موقف وزراء الثنائي الشيعي من ملف التحقيق في المرفأ، كما أن هناك حاجة إلى ثلثي الأصوات في المجلس وفق نص الدستور . ولربما لم يكن هذا الأمر متوفرا لاتخاذ هذا الإجراء فضلا عن تعذر انعقاد جلسة حكومية.وقد استُعيض عن ذلك بسلسلة الإتصالات التي كانت تقام وينسق فيها مع الرئيس ميقاتي من أجل معالجة الأزمة بالطرق الديبلوماسية وتضمن مصلحة لبنان وتأخذ في الاعتبار من جهة ثانية سيادة الدولة اللبنانية ومقتضبات النظام الديمقراطي في لبنان.
ولاحظت المصادر إنه على الرغم من شبه القطيعة السعودية التي كانت قائمة قبيل هذه الحادثة ،إلا أن رئيس الجمهورية لم يتوقف عند هذا الأمر وظل ينادي بأفضل العلاقات مع دول الخليج والمملكة بفعل صلة الأخوة وتاريخ من العلاقات، كما أن هناك لبنانيين في هذه الدول ساهموا فيها وهي بدورها فتحت أبوابها وقدمت التسهيلات لهم في كل الظروف التي مر فيها لبنان.
وكررت القول أن الرئيس عون لم يقصّر في الدخول على خط المعالجة لكنه يفضل المعالجة الهادئة بعيدا عن الإعلام من جهة والفولكلور والشعارات التي تصدر من جهة ثانية ، ولفتت إلى اعتماده سياسة الديبلوماسية الهادئة التي يمارسها عون متمنية أن تأتي بثمار.وقالت أنه لا يمكن لأحد أن يقول انه تجاهل أو قصّر لا بل على العكس لم يقصّر ولم يتجاهل ولكن يؤمن بهذه الديبلوماسية ولا يستسيغ المظاهر في موضوع دقيق وحساس مرتبط بالعلاقات بين الدول.
وشددت على أن رئيس الجمهورية يعالج الموضوع، على الرغم من أن ما حصل هو موضوع فردي ولم يصدر عن الدولة اللبنانية أو الحكومة أو عن وزير أثناء مسؤولياته الوزارية. ولفتت إلى أن الرئيس عون لم يترك وسيلة للمعالجة وهو مستمر في ذلك وستكون له محطات وخطوات في الأيام القليلة المقبلة للتأكيد على موقف لبنان في إطار السيادة اللبنانية والحرص على المزاوجة بين السيادة اللبنانية وكرامة لبنان والحرص على علاقات متينة ومتضامنة مع الدول العربية عموما ودول الخليج والمملكة العربية السعودية خصوصا .
Exit mobile version