ظن الكثير من السياسيين، نواب، وزراء، قياديون حزبيون انه مع تلاشي زخم وحماسة «ثوار ١٧» تشرين بعد عامين على الانتفاضة الشهيرة، انهم قد يعاودون حياتهم الطبيعية خاصة واننا على عتبة انتخابات نيابية تستدعي التواجد على الارض ومع الناس لحثهم على تجديد البيعة رغم الانهيار الكبير الحاصل. الا ان وصول عملية رفع الدعم عن المواد الاساسية الى ذروتها، وبخاصة مع ارتفاع اسعار الدواء بشكل جنوني، حتى قبل رفع الدعم عنه بشكل كامل، جعل هؤلاء يعيدون كل حساباتهم. اذ يقر احد النواب انه بات بعد للعشرة قبل النزول الى الشارع وملاقاة الناس، معربا عن أسفه للتعاطي مع الجميع بنفس الطريقة من دون التمييز بين «الآدمي والحرامي». ويشير النائب الذي فضل عدم الكشف عن هويته ان «الامور في المنطقة مسقط رأسه مختلفة، بحيث يميز ابناء المنطقة بين صاحب الكف النظيف والسارق او الفاسد، لذلك يكون التلاقي معهم أسهل، وان كانوا يطرحون عشرات الاسئلة عما ستؤول اليه الاوضاع، وعما اذا كان الصالحون قادرين على النهوض مجددا بالبلد ام ان الفاسدين وهم الاكثرية سيكتبون نهاية لبنان».
وتدرك معظم القوى السياسية ان البلد بات أقرب من اي وقت مضى من انفجار اجتماعي كبير يفتح الباب على كل الاحتمالات وابرزها الانفجار الامني. وتقول مصادر سياسية مطلعة: «بالرغم من نفي الوزراء المعنيين رغبة منهم بعدم اثارة البلبلة ومخاوف الناس، الا ان الوضع خطير واخطر من اي وقت مضى. فهل نتوقع من شخص لم يعد قادرا على شراء دواء له او لطفله او لوالديه المسنين ان يسكت ويرضخ؟؟ انتوقع من عشرات الآلاف الذين لم يعودوا يتمتعون بتغطية صحية وسيموت اقاربهم على ابواب المستشفيات ان يقفوا متفرجين»؟! وتضيف المصادر: «البعض لا يدرك خطورة رفع الدعم الكلي بغياب اي تقديمات. الاستمرار بالمراوغة بموضوع البطاقة التمويلية اقل ما يقال عنه انه اجرام. الا اذا كانت القوى السياسية تنتظر اقتراب موعد الانتخابات اكثر كي توزعها، وتكون كما نتوقع بطاقة انتخابية تستخدمها هذه القوى لحث الناخبين للتصويت لمرشحيها مرة جديدة»؟!
وتنبه المصادر من ان «المؤشرات توحي بأن هناك من يدفع باتجاه الانفجار الاجتماعي بالتزامن مع التصعيد الخليجي بوجه لبنان، وكأنه ينفذ أجندة خارجية لجر البلد الى الهاوية»، وتضيف: «والا كيف نفسر هذه الخفة بالتعامل مع الازمات المستفحلة»!؟
وتعتبر المصادر انه «في حال لم يتم ايجاد مخرج قريب لازمة الحكومة والازمة السياسية التي تؤثر على كل السلطات، قد لا نصل الى موعد الانتخابات النيابية المقبلة، وسيكون البلد قد تداعى حتى ذلك الوقت».
وبحسب المعلومات يمارس حزب الله ضغوطا كبيرة لحث المعنيين على التراجع عن قرار رفع الدعم عن الدواء بالشكل الذي حصل فيه، وان كانت الاجوبة التي تصله تفيد بأن احتياطي العملات الاجنبية لامس مستويات خطيرة، وبأن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة لم يعد قادرا على مواصلة سياسة الدعم التي كانت اصلا سببا رئيسيا للازمة المالية التي يرزح تحتها البلد.