زيارة أوغلو الى لبنان: استمرار”العثمانية الجديدة”
الأزمة الدبلوماسية التي افتعلتها السعودية مع لبنان، جعلت من هذا البلد ساحة للتجاذب والصراع الدولي في محاولة “لملأ فراغ الرياض” وفي ظل انكفائها (الظاهري)، وأول الوافدين الى بيروت كان وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو الذي التقى المسؤولين اللبنانيين، وبحسب الأوساط الإعلامية فان أنقرة “مهتمة” باستثمارات الاقتصادية في لبنان، لكنها قد تحمل وجهاً آخر سياسي يحقق شيئا من “طموحات” تركيا في سياساتها الخارجية.
مشروع “العثمانية الجديدة”
أكد الخبير في الشؤون التركية الدكتور محمد نور الدين، في مقابلة لموقع “الخنادق” ان السياسة الخارجية التركية ماضية فيما يسمى مشروع “العثمانية الجديدة” التي تحقق “الغرائز المعنوية” للرئيس رجب طيب أردوغان المشحون بهاجس إعادة إحياء “السيطرة العثمانية” في المناطق المجاورة التي كانت تعتبر خاضعة للسلطة العثمانية في “ميثاق 1920″، على الرغم من التداعيات والأعباء الاقتصادية المترتبة على ذلك داخل البلاد وعلى الرغم من بعض الضغوطات الخارجية على أنقرا لا سيما من الجانب الروسي.
وتقسّم عناصر هذه “الرغبة التوسعية” الى ثلاث:
_ توسع عسكري عبر تمركز قواعد عسكرية لتركيا في بعض البلاد، ومنها ليبيا وسوريا.
_ حضور سياسي خاصة في الدول التي تتواجد فيها “إخوان مسلمين” مثل تونس ومصر سابقاً لكن يمكن اعتبار ان تركيا فشلت في بسط نفوذها في البلدين.
_ البُعد الاقتصادي للسياسة التوسعية حيث تهتم تركيا باستثمارات خارجية.
وفي لبنان يبدو ان تركيا تدخل من بوابة الاستثمارات الاقتصادية، حيث قال أغلو في تصريح بعد لقاءه نظرية اللبناني عبد الله بو حبيب ” نريد تطوير علاقاتنا الثنائيّة على جميع الأصعدة، وتناولنا اليوم كيف يمكننا تطوير علاقتنا السياحيّة، وعلاقاتنا في مجالي الزّراعة والطّاقة”، كما التقى مع وزير الاقتصاد والتجارة أمين سلام تناولا فيه العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين، ونقل الوزير أوغلو الدعوة للوزير سلام لزيارة أنقرة ولقاء وزراء الاقتصاد والتجارة والمال، والاجتماع بالشركات التركية المهتمة بالاستثمار في لبنان.
ويضيف نور الدين ان حجم التجارة التركية مع لبنان محدود حتى قبل الانهيار الاقتصادي اللبناني، ولا يتعدى مئات الملايين، وهي تصبّ في أغلبها لصالح أنقرة أكثر من لبنان، لكن الحكومة اللبنانية الجديدة التي “تضع على جدول أعمالها برنامجاً اقتصادياً ومشاريع إعادة بناء البنى التحتية”، تأمل تركيا أن يكون لها “حصة” وخاصة في إعادة إعمار مرفأ بيروت، وفي تأسيس منشآت الطاقة الكهربائية لا سيما ان أنقرة لها دور واسع في استثمارات خارجية في العديد من الدول، ولها تجارب في قطر وأذربيجان/ وهي تعتبر من أوائل دول العالم في إنتاج الكهرباء. لكن علامات الاستفهام تُطرح اليوم حول جديّة تنفيذ هذه المشاريع التي قد تعرقلها الولايات المتحدة التي تريد أن “تُحرج” السعودية!
لكن هذه الاستثمارات الاقتصادية لا تكون الا “لتحقيق” نفوذ سياسي تركي في لبنان – قد بدأ مع تسلّلها الى الشمال في السنوات الأخيرة الماضية – واستكمالاً “لمشروع العثمانية الجديدة”.
السياسة الخارجية التركية: حالة مدّ وجز
ويشرح الخبير في الشؤون التركية محمد نور الدين ان أنقرة لا تزال تعاني من الانقلاب في 15 تموز عام 2016 والتي اتهمت واشنطن وبعض دول الخليج بإدارته، ما أجبرها على فتح بعض النوافذ مع دول الشرق، وخاصة روسيا حيث تتشارك معها في أنابيب النفط، وفي بعض صفقات السلاح كما في الجانب السياحي، ولكن تركيا تبقى في البنية الغربية ولا تستطيع أن تغادرها، وبالتالي فان سياستها الخارجية الحالية تبقى في إطار “المدّ والجزر”
الكاتب: الخنادق