يوماً بعد يوم، سيكتشف اللبنانيون ويتأكدون، بأن أغلبية الجمعيات غير الحكومية الـNGO’s، ليست سوى وجه جديد، اعتمدته الولايات المتحدة الامريكية لإعادة نفوذها البرلماني، الذي كانت تؤمنه لها قوى الرابع عشر من آذار. فهذه الجمعيات بأفكارها وشخصياتها ومنهجية عملها، لا تشكل أي تغيير عن الفاسدين في الطبقة السياسية وفي قوى 14 آذار، بل العكس تماماً، فإنهم يشكلون ما بات يسمى بالطبقة الثرية الجديدة. لما تحصل عليه من أموال خارجية (Fresh dollars)، والذي تقوم عبره بتمويل نشاطاتها وحملاتها الانتخابية والاعلانية (الضخمة جداً).
وليست المشكلة في أصل وجود هكذا جمعيات، التي قد تستطيع تقديم المساعدة للمجتمع اللبناني في العديد من الجوانب، خصوصاً تلك التي أهملتها الدولة في الفترة الأخيرة. بل المشكلة فيمن يقف خلفها من أشخاص وسفارات (سفارة عوكر خصوصاً)، بهدف النيل من حزب الله وحلفاءه. وهذا ما كشف عنه نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم مؤخراً، حين تحدث عما جرى ما بين إحدى الشخصيات والسفارة الامريكية، حيث وعدته بتوفير الدعم المالي الذي يغطي كل تكاليف حملته الانتخابية، شرط الترشح بوجه حزب الله.
هذا الدعم المالي لا تقدمه السفارة الامريكية مباشرة من حساباته، بل من خلال متمولين ورجال أعمال في خارج لبنان، يكونون تابعين لها وينفذون الخطط التي تضمن مصالحها (هذه الطريقة غير المباشرة في التمويل من أجل منع مساءلة وزارة الخارجية في مجلس الكونغرس والشيوخ).
كلنا إرادة
ومن أهم هذه الجمعيات التي تنشط وتستعد لخوض الانتخابات النيابية، هي مجموعة “كلنا إرادة”. والتي يظهر من بعد التدقيق في المعلومات التي تتحدث عنها، والمنشورة أصلاً على موقعها الالكتروني، أنها لا تمثل سوى الطبقة التي استفادت من كل المرحلة السابقة خصوصاً من العام 2005 وما بعده.
أما أبرز المعلومات التي تكشف ذلك:
_ أغلب الشخصيات التي أسستها وتديرها، من أصحاب وموظفي الشركات والمصارف، وبعضهم عمل في مؤسسات مصرفية أمريكية كشركة Merrill Lynch & Co، أو عمل في شركات استثمارية. وهذه الفئة هي التي ساهمت واستفادت من تحول اقتصاد لبنان الى ريعي غير منتج.
_ من الشخصيات التي تدير هذه المجموعة أسماء برزت كلوبي لبناني في أمريكا، وكانت طوال مسيرتها المهنية تعمل وفق المصالح والرؤى الامريكية، وعلى رأسهم بول سالم. وسالم من الأشخاص الذين ينظّرون بأهمية دور جمعيات الـ NGO’s هذه على المدى البعيد في لبنان، بحيث تشكل الانتخابات المقبلة الخطوة الأولى في مسار نمو حجمها وحضورها الشعبي.
_ كما أن أغلب جهازها الإداري ممن تسلموا مناصب في مؤسسات دولية وعلى رأسهم الإعلامي ألبير كوستانيان والحزبي السابق الذي كان من طاقم رئيس حزب الكتائب سامي الجميل الإداري والانتخابي. وبالتالي فإن هذه الشخصيات تتماهى الى حد كبير، مع الطروحات الخارجية للحل في لبنان على الصعد السياسية والاقتصادية، التي هي بنفسها أوصلتنا الى ما نعيشه. (البنك الدولي والمؤسسات الأجنبية والدولية الأخرى كانت الشريك الأساسي في مؤتمرات الاستدانة المختلفة من باريس 1 حتى سيدر).
الكاتب:الخنادق