تمديد أخير للمبادرة.. هل يُغضب حزب الله فرنسا؟…
غسان ريفي-سفير الشمال
أعطى التريث في نعي المبادرة الفرنسية وفي إعلان الرئيس المكلف مصطفى أديب إعتذاره، بعضا من الأمل بإمكانية نجاح الاتصالات المستمرة في الوصول الى قواسم مشتركة تساهم في ولادة ″حكومة الانقاذ″.
بالرغم من سوداوية المشهد ووصول المفاوضات الى الطريق المسدود، يبدو أن ثمة إصرار من كل الأطراف على إيجاد الحلول للعراقيل والعقد التي تحول دون إتمام المبادرة الفرنسية، الأمر الذي فرض تمديد المهلة التي سيتم إستغلالها حتى الثواني الأخيرة.
الكل يريد الوصول الى الحلول المرجوة، فالرئيس مصطفى أديب لا يريد تضييع فرصة ترؤسه لحكومة إنقاذ والانتقال الى السرايا الكبيرة، وهو يُسجل له صلابة في الموقف، ووضوح في الرؤية وفي التعاطي مع الآخرين حيث أبلغ الخليلين صراحة أنني “لا أريد تأليف حكومة من دون مشاركة الثنائي الشيعي كما أنني لا أستطيع تنفيذ رغبته في تسمية وزرائه، لأن ذلك يفقد الحكومة عنوانها ومهماتها”.
والثنائي الشيعي لا يريد تضييع فرصة إستمرار العلاقة الجيدة مع الفرنسيين، فمن غير المنطقي أن يعمل هذا الثنائي على إغضاب الدولة التي تتحدى أميركا وتصر على التعاطي مع حزب الله على أنه حزب سياسي، وبالرغم من الموقف الأميركي الحازم بلسان بومبيو تجاهه فإن السفارة الفرنسية في لبنان لم تتوان عن إستقبال مسؤول العلاقات الدولية في حزب الله النائب السابق عمار الموسوي حيث عقد إجتماع تخلله إتصالات مباشرة مع رئيس جهاز المخابرات الفرنسية الخارجية برنار إيمييه.
ورئيس الجمهورية ميشال عون لا يريد تضييع فرصة إنقاذ عهده من خلال حكومة إختصاصيين مهمتها وقف الانهيار المالي والاقتصادي وإجراء الاصلاحات التي ستفتح باب مساعدات المجتمع الدولي للبنان.
كما أن فرنسا لا تريد تضييع فرصة تثبيت نقطة لنفوذها في الشرق الأوسط من خلال لبنان، لذلك تبدو مصرة على حماية مبادرتها، وهي لن تتوانى عن طرق أي باب من مصر الى السعودية طلبا للمساعدة في حل بعض العراقيل الداخلية.
وكذلك القوى الداعمة للرئيس المكلف لا تريد تضييع فرصة تشكيل حكومة تساهم في إعادة الانتظام العام للبلاد بعد حكومة حسان دياب التي فشلت على كل الصعد.
بالأمس تنفس الجميع الصعداء بتمديد مهلة التأليف التي قد تمتد لغاية مساء يوم الأحد، ومن المفترض أن تشهد هذه الفترة إتصالات على أعلى المستويات وفي كل الاتجاهات من أجل حل عقدة وزارة المالية وإصرار الثنائي الشيعي على تسمية وزرائه، حيث تشير المعلومات الى أن السقف الذي يقبل به الرئيس المكلف هو تسميته لشخصية شيعية لوزارة المال يرضى عنها الثنائي، وترك الحرية للرئيس المكلف بتسمية سائر الوزراء من أسماء غير إستفزازية، خصوصا أن فتح المجال للثنائي بتسمية وزرائه سيفتح شهية سائر التيارات للقيام بالمثل، ما يجعل حكومة مصطفى أديب، حكومة حسان دياب ثانية، وهذا ما لا يمكن أن يرضى به الرئيس المكلف ولا القوى الداعمة له.
ثلاثة أيام مفصلية ستكون أمام المبادرة الفرنسية، فإما أن يبادر من بيدهم الأمر الى تقديم تنازلات متبادلة فتبصر الحكومة النور، وإلا فإنه سيعاد تفعيل حكومة تصريف الأعمال التي ستواجه مزيدا من الصعوبات في ظل تنامي الأزمات المعيشية والمالية والاقتصادية وصولا الى الجوع، وعندها بحسب بعض المتابعين “لا التوقيع الثالث سوف يؤمن الدواء للمرضى، ولا الميثاقية ستطعم الفقراء خبزا، ولا التمسك بالمطالب سيلجم جنون الدولار الذي لن يكون له سقف، ما يعني فشلا جديدا لحكومة دياب، وهيجان شعبي في الشارع قد يؤدي الى ما لا يجمد عقباه!..”