مرسال الترس-سفير الشمال
لا يمكن أن ينسى المواطنون في لبنان منذ بضعة سنوات ذاك المتطوع في الدفاع المدني الذي بعدما بُحّ صوته من الصراخ مطالباً بحقوق زملائه في التثبيت، قرّر السير في مياه البحر حتى الغرق لعل المسؤولين في الدولة اللبنانية يتحرك ضميرهم من أجل إنصاف أولئك المتطوعين الذين لم يبخلوا يوماً عن تلبية نداء الواجب في إطفاء حرائق أو تلبية استغاثة!
خلال الثماني والأربعين ساعة الماضية ضجت وسائل الإعلام وتقاريرها المصوّرة والمنقولة مباشرة باخبار الحرائق (تشير معظم التقارير إلى أنها مفتعلة) التي طالت العديد من المناطق ولامست المنازل في الكثير من الأحيان، فهب عناصر الدفاع المدني بسياراتهم التي تنقصها المياه والعديد من المعدات الحديثة للقيام بما يلزم بمساعدة الأهالي وبما توفر بين أيديهم من معدات وباللحم الحي كما يُقال.
وفي هذه الضوضاء توقف المراقبون عند التصريح الذي حيا فيه وزير الداخلية القاضي بسام مولوي الجهود الجبارة التي قام بها عناصر الدفاع المدني، لإخماد الحرائق التي اندلعت في العديد من المناطق. وبعدما شكر مولوي المديرية العامة للدفاع المدني وعلى رأسها العميد ريمون خطار لحمايتهم أرواح المواطنين وأملاكهم وثروة لبنان الحرجية وغاباته، أكد دعمه الكامل للمتطوعين ومباشرته منذ اليوم بالإجراءات اللازمة وفقا للقانون، للسير بالمباراة المحصورة والآيلة الى تثبيتهم.
عناصر الدفاع المدني الذين تمنوا أن لا يلحق هذا الوعد بما سبقه، قد لا يعتبون على الوزير الذي “لم يصل إلى القصر الاّ مبارح العصر” ولكنهم يوجهون الاسئلة بحسرة إلى الوزراء الذين تعاقبوا على هذه الوزارة منذ عدة سنوات ويعيدون طرح السؤال: “لماذا لم يتم تثبيتنا”؟ ولكن ليس من مجيب. لأن تلك المعاشات الصغيرة قد تكسر الدولة كما يقول بعض الإختصاصيين الماليين الذين شهدوا بأم العين على نهب الدولة وبدون محاسبة أو حتى سؤال!
متعاقدو الدفاع المدني ليسوا سوى نموذج صغير مما يحصل في “دولتنا الكريمة”. فها هم الجنود والعناصر الأمنية لا يُنظر إلى أوضاعهم الاّ عندما تقع حرب ما، أو تحصل أحداث أمنية. وكذلك الحال للمعلمين الذين يتحركون إبان الامتحانات الرسمية او مع بداية العام الدراسي، أو القضاة عند الدخول إلى قضايا ذات أهمية لافتة، أو موظفي القطاع العام عند الحديث عن الرشاوى والفساد.. واللائحة تطول وتطول. والثابت أن دولتنا تنتبه إلى ضرورة معالجة الأمور فور وقوع الأحداث وليس وضع الخطط للمعالجة قبل سنوات. وهذا ما ينطبق على قوانين الانتخاب حيث يستفيق المعنيون على تعديلها قبيل موعد حصول الانتخابات ليتم اعتماد القانون الذي يلائم أصحاب الشأن.
لذلك كله وأمثاله فشلنا في بناء نظام سياسي يحمي الجميع ولا يؤدي إلى التفرقة الطائفية والمذهبية باستمرار، بالرغم من مرور مئة عام على إعلان دولة لبنان الكبير.