يجري الحديث عن مساع جديدة تبذل بعيدا عن الاضواء لاستئناف جلسات لمجلس الوزراء، خصوصا بعد ان تعززت القناعة لدى الاطراف المعنية بان استمرار الوضع على ما هو عليه من شأنه ان يؤدي الى مزيد من التداعيات والمضاعفات ليس على صعيد اضعاف وشلل الحكومة فحسب بل ايضا على صعيد الوضع العام في البلاد لا سيما بالنسبة لمواجهة الاستحقاقات الاقتصادية والمالية والاجتماعية.
ويقول مصدر نيابي في الثنائي الشيعي ان هناك محاولات جديدة “لتعويم ألحكومة”، لكن تفاصيل التسويات والحلول لم يكشف عنها النقاب، وهي ما زالت قيد البحث الدقيق لدى الجهات التي تتولى قيادة هذه المحاولات والمساعي.
ويضيف المصدر ان مساعي اعادة جلسات مجلس الوزراء تأخذ بعين الاعتبار معالجة الاسباب التي ادت الى توقفها ولا تتجاوز او تتجاهل هذه الاسباب. لكن مقاربة الموضوع تجري بطريقة معينة لبلورة حلّ او مخرج دستوري وقانوني لقضية تحقيقات القاضي طارق البيطار في انفجار مرفأ بيروت والوضع المستجد بشأن موضوع الوزير جورج قرداحي.
ويشير الى ان هناك تكتما حول تفاصيل الحل، لافتا الى ان الرئيس بري يلعب دورا بارزا في صياغة الافكار والاقتراحات المتعلقة بهذا المسار بالتعاون والتواصل مع الرئيس ميقاتي الذي على تواصل ايضا مع الرئيس عون.
وفي ظل التكتم السائد حول الافكار او صيغة الحل التي بدأ العمل عليها، تسربت معلومات عن ترجيح فكرة تولي مجلس محاكمة الرؤساء والوزراء التحقيق مع الرئيس حسان دياب والنواب علي حسين خليل وغازي زعيتر ونهاد المشنوق، والوزير السابق يوسف فنيانوس، واستكمال التحقيق القضائي في انفجار المرفأ بعد فصل قضية الرئيس دياب والنواب عن العناصر الاخرى في هذه القضية. وهذا الحل ربما يرضي الثنائي الشيعي ولا يحرج الآخرين.
وتضيف المعلومات ان تجميد او كف يد القاضي البيطار مؤقتا يساهم في تعزيز فرص هذا الحل، خصوصا ان الرئيس بري اكد مرارا وجوب التزام الاصول الدستورية، رافضا تجاوز او التطاول على مجلس النواب باي شكل وتحت اي ذريعة خصوصا اذا كانت مثل هذه المحاولات غير دستورية او قانونية وتعتبر التفافا على الدستور.
وفي شأن قضية الوزير قرداحي تقول المعلومات ان فكرة طرح اقالته على التصويت مستبعدة تماما، وبالتالي فان تجنب مجلس الوزراء اللجوء الى هذا الخيار امر مؤكد. وهناك مخارج عديدة تبحث لانعقاد مجلس الوزراء دون احراج الرئيس ميقاتي الذي دعا ويدعو قرداحي الى الاستقالة، ومن بين هذه المخارج تغيّب وزير الاعلام عن جلسات مجلس الوزراء او على الاقل عن الجلسة الاولى للمجلس.
وتقول مصادر مطلعة ان هناك افكارا اخرى قيد التداول ايضا، لكن الصورة لم تتوضح بعد حول الحل او المخرج الذي سيعتمد لاستئناف جلسات الحكومة لافتة في الوقت نفسه الى ان هذا المخرج سيكون على طريقة «لا يموت الديب ولا يفنى الغنم». وفي تقدير المصادر ان الرئيس ميقاتي لجأ في غياب جلسات مجلس الوزراء الى عقد اجتماعات عمل وزارية لبحث ومعالجة بعض القضايا الطارئة او الملحة لكنه لا يستطيع او يرغب في ان يكون على رأس حكومة لا تجتمع لفترة طويلة. كما ان التعاون بينه وبين رئيس الجمهورية لا يسد فراغ عدم التئام مجلس الوزراء عدا عن ان هناك امورا موضع تباين لا يمكن حسمها او البت بها الا في اطار مجلس الوزراء مجتمعا. من جهة اخرى فإن مجلس النواب نشط قبل وبعد تشكيل حكومة الرئيس ميقاتي لاقرار القوانين الحيوية التي تحاكي الوضعين الاقتصادي والمالي واستتباعا الوضع الاجتماعي ايضا وهو عازم على اقرار المزيد من القوانين الاصلاحية او المتعلقة بتحسين ومعالجة تداعيات الازمة على المواطنين. لكن التشريع لا يكفي كما يقول مصدر نيابي، لافتا الى ان هناك حاجة ملحة لترجمة هذه القوانين وتطبيقها من قبل السلطة التنفيذية. ولا شك ان شلل الحكومة او عدم اجتماع مجلس الوزراء يعيق هذه العملية مع العلم انه خلال الوضع المتعافي للحكومات لم تطبق عشرات القوانين التي صدقها المجلس وصدرت في مختلف المجالات. من هنا، يضيف المصدر، فإن المجلس النيابي حريص على اعادة العافية للحكومة بكامل طاقتها، وقد ابدى واثبت انه سيواكب عملها بكل نشاط وفعالية، وانه مستعد لاقرار كل القوانين التي تعزز قدرتها على مواجهة التحديات لا سيما الاقتصادية والمالية، لا بل انه بادر بشكل كبير وفعال الى وضع اقتراحات قوانين واقرارها آخذا على عاتقه ايضا التصدي لهذه التحديات. من هنا، يرى المصدر النيابي، ان المرحلة الصعبة التي تمر بها البلاد تقتضي تعاون السلطتين التشريعية والتنفيذية بكامل طاقتهما وانه من الطبيعي ان تتعزز الجهود لتنشيط وتفعيل الحكومة على غير صعيد. وفي ضوء المعطيات والمستجدات يبدو واضحا ان هناك رغبة لدى اهل الحكم في الخروج من الواقع الراهن ومعالجة الازمة الحكومية بدلا من استمرار التعايش معها وادارة الظهر الى الاسباب التي ادت اليها.