الحدث

الأعمدة الثمانية لحكومة ميقاتي.. الكهرباء (1)

كتب المحرر الاقتصادي-سفير الشمال

مما لا شك فيه أن الرئيس نجيب ميقاتي بما له من رؤية وخبرة إقتصادية محلياً وخارجياً، وبما لديه من مستشارين ومساعدين لم يقبل بتأليف حكومة إنقاذ، لو لم تكن لديه أفكار ومشاريع شبه جاهزة في رأسه لمشاكل لبنان وضع ملخصاً عنها في البيان الوزاري، وناقش معظمها مع الوزراء الاختصاصيين وخلال الجلسات المعدودة لمجلس الوزراء التي عقدت خلال فترة شهر تلت تأليفه الحكومة، وخلال فترة الشهر الثاني في الجلسات الوزارية وخلال لقاءات صندوق النقد الدولي، أو مع الدول الصديقة لا سيما مباشرة أو من خلال وزراء ومبعوثين أو وسطاء مع كل من سوريا والأردن ومصر.

الواقع يدل على أن حاجة لبنان من إنتاج الكهرباء تتراوح ما بين 3500 و4000 ميغا/24 ساعة حسب حاجة الإستهلاك في الصيف أو الشتاء. وكانت مؤسسة كهرباء لبنان مع وزارة الطاقة تقترح إستيراد الفيول لتغذية معامل الإنتاج في الذوق والجيه ودير عمار وغيرها، ليصل معدل الإنتاج كمعدل وسطي لكل لبنان بين 16 و18 ساعة يومياً حين كانت خزينة الدولة تغطي ثمن الفيول وتفتح إعتمادات الإستيراد بما فيها إنتاج البواخر التركية التي كانت تصل إلى 700 ميغاوات يومياً.

إلا أن تدهور الوضع المالي والخلاف مع الشركة التركية المالكة للبواخر المنتجة في لبنان أدى إلى تدهور معدل الإنتاج حتى وصل إلى ساعتين أو إلى ما يقاربهما، وذلك في الفترة الأخيرة من عهد الحكومة السابقة التي بدأت مفاوضات مع العراق وأكملتها الحكومة الحالية بشكل ساعد على تأمين إنتاج حوالي خمس ساعات يومياً. كما أن المفاوضات والتحضيرات الجارية لتشغيل محطة دير عمار بوصلها مع الغاز المصري الواصل بالأنابيب سيؤمن من إنتاج 450 ميغا يومياً، إضافة إلى 250 ميغا يومياً من الكهرباء الأردنية بواسطة الشبكة عبر سوريا، مما يعني أن تحقيق ذلك سيرفع الإنتاج إلى حوالي 40% من حاجة الإستهلاك أي حوالي عشر ساعات تغذية يومياً.

والأمر لم يتوقف عند هذا الحد، بل إن خطة الكهرباء لتأمين إحتياجات لبنان 24/24 ساعة سائرة على قدم وساق، إلا أن التمويل ينتظر نتائج المفاوضات مع البنك الدولي لتمويل جزء من الخطة من خزينة الدولة بعد تغذيتها من الخارج، ومن بنود موازنة العام القادم التي ستؤمن موارد إضافية من تسعيرة جديدة على الرسوم الجمركية وضريبة القيمة المضافة وعلى رسوم مباشرة وغير مباشرة أخرى.

كما أن تلزيم جزء من معامل الإنتاج من قبل القطاع الخاص على طريقة الـBot لن يتم الا من خلال خطة متكاملة تأخذ بعين الإعتبار حصة الدولة أو كهرباء لبنان من إمكانية الإنتاج كما تنتظر إنتهاء وضع دفتر الشروط للتعاقد مع الشركات الموردة لمحطات التوليد لطرفي الإنتاج أي العام والخاص. وربما سيكون جزء من موارد التمويل عن طريق المودعين الذين تفوق ودائع كل واحد منهم مبلغ الـ500 مليون دولار في المصارف اللبنانية والتي تخيف أصحاب الودائع وتسيء إلى سمعة المصارف اللبنانية بدلاً من التجميد الحاصل لأموالهم أو لسياسة الإقتطاع التي وردت ولم تطبق (Hair cut).

والمواطن الذي يشكو من كلفة حصوله على الكهرباء نتيجة إرتفاع أسعار المازوت وجشع أصحاب المولدات بات يدفع ما بين 80 و90 دولارا أميركيا لحصوله على خمسة أمبير، وضعف المبلغ لعشرة أمبير أي ما يزيد عن راتب الموظف من مستوى مدير في الدولة أو القطاع الخاص ويعجز عنه أي مواطن عادي بما فيهم صغار التجار الذين هم في حالة عمل جزئي في ظل الأوضاع الراهنة. كما يدفع ما بين 4500 ليرة و6500 ليرة ثمن الكيلوات ساعة أي حوالي 30 سنتس أميركي للكيلوات. بالإضافة إلى التعرفة السارية عن ساعات إستخدام كهرباء الدولة التي تتراوح ما بين 35 ليرة للكيلوات عن أول مئة كيلو وصولاً إلى 200 ليرة في حال تجاوز الـ500 كيلوات شهرياً، وهي التعرفة المعرضة للزيادة في حال تطبيق خطة الإنتاج المتكاملة التي تتطلب فترة تقارب السنتين من تهيئة دفتر الشروط والتلزيم والتركيب وتجارب الإنتاج.

كل ذلك، يحتاج الى تقدير المصلحة الوطنية من قبل الجميع، لافساح المجال أمام الحكومة بالعمل لأن النتائج قد تكون باهرة، خصوصا أن رئيسها جاء ليعمل وينتج مستخدماً ما لديه من علاقات محلية وعربية ودولية، بما فيها الجهات والصناديق المانحة والمقرضة، ما يشكل الفرصة الأخيرة، لأن الكهرباء لها إنعكاساتها على إنتاج المياه والتدفئة والتبريد وتشغيل المصانع والمؤسسات التجارية والأمن وإنارة الشوارع…… والإنقاذ يتطلب الفكر والنوايا الصادقة أولاً، والإستقرار السياسي والأمني ثانياً، والتمويل والوقت ثالثاً، فهل يتجاوب المعنيون مع رئيس الحكومة لتحقيق هذه الثلاثية؟.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى