كيف سيشلّ حزب الله “الداخل الاسرائيلي”؟

“اسرائيل” تعيش مرحلة عنوانها “القلق الوجودي”

ذكر الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في خطابه الأخير الخميس الماضي ان الكيان الإسرائيلي يعيش مرحلة عنوانها “القلق الوجودي “، قلق من لبنان وفلسطين والمنطقة، لم يعشه سابقاً، فالمناورات المتزايدة وهذا العنف غير ‏المفهوم على الأسرى في السجون وعلى أهالي الاحياء في القدس المحتلّة منها الشيخ جراّح وسلوان، وفي مناطق  فلسطين الـ 48 والضفة الغربية وتشديد الحصار على غزة، هذا ليس علامة قوة!

وفي هذا السياق، مقابلة خاصة لموقع “الخنادق” مع الكاتب الفلسطيني المتخصص في الشؤون الإسرائيلية، حسن لافي، لتشريح مفهوم هذا “القلق ” الإسرائيلي من قدرات المقاومة لا سيما الفصائل الفلسطينية وحزب الله، وإمكانيتها ضرب “عصب الحياة الاجتماعية” و”الشرايين الحيوية” لكيان الاحتلال ما يعجّل على “نهايته”.

سيناريو اقتراب الزوال

خلال معركة سيف القدس في أيار الماضي كانت مناطق الـ 48 المحتلّة وما يعتبر بحسب الاحتلال “الجبهة الداخلية” تحت مرمى صواريخ المقاومة الفلسطينية، ما أدى لدخول 6 مليون مستوطن الى الملاجئ، وعطّل الحياة لأكثر من 10 أيام وهو ما  لم يكن سابقاً في الحسابات الإسرائيلية.

الامر الثاني، ان الجبهات الفلسطينية استطاعت ان تتوحّد وهذا أعاد بالذاكرة سيناريو “الحرب متعددة الجبهات” او ما يسمى بحسب “الثقافات” الإسرائيلية ” سيناريو “يوم الدين”، والذي يدل بحسب المفاهيم الاسرائيلية  ان وقوعه يعني انهيار “إسرائيل وقيامتها”، وذلك عند توحّد الجبهات وقتال الكيان عند كل هذه الجبهات، وهذا السيناريو هو  أكثر ما يقلق “إسرائيل” وجودياً التي تعيش بعقدة الزوال. 

وكل تدريباتها العسكرية منذ أكثر من ستة أشهر تحاكي “الحرب متعددة الجبهات” او لتحمي جبهتها الداخلية من كل الجبهات وهذه إشكالية مهمة فـ”إسرائيل” حتى الان لم تستطع ان توفّق بين قدراتها العسكرية الهجومية وقدراتها العسكرية الدفاعية لعدة أسباب منها النقص العددي وعدم وجود العمق الاستراتيجي الإسرائيلي، ومع تطور سلاح المقاومة وخاصة السلاح الصاروخي ودخول المسيرات القتالية حديثاً، هذا يجعل من مهمة “الدفاع” شبه مستحيلة.

وفي معركة سيف القدس وصل 400 صاروخ من قطاع غزّة الى الكيان الإسرائيلي ولم تُسقط القبة الحديدية سوى 60% ما يعني ان حوالي 40% من الصواريخ الفلسطينية قد أصابت أهدافها، وبالتالي يدرك جيش الاحتلال ان المقاومة قادرة على إصابة الجبهة الداخلية بشكل يؤثر على الحياة اليومية، فيما التقديرات الإسرائيلية تشير الى ان في “حرب الشمال” او في الحرب مع حزب الله سيكون معدل إطلاق الصواريخ في اليوم الواحد حوالي  3000 صاروخ، وبحسابات بسيطة، لو تصدّت القبة الحديدة لـ70% من الصواريخ، وهي نسبة عالية من التصدي لم تصل اليها القبة بالأساس بعد، أي ان 900 من الصواريخ ستصل الى أهدافها (30%) وهذا يعني الدمار الشامل للجبهة الداخلية الإسرائيلية وخاصة ان صواريخ حزب الله دقيقة قادرة على  ان تضع “إسرائيل” تحت ظروف جديّة: بلا كهرباء وبلا ماء، وهذا الأمر يُعد سابقة في تاريخ الحروب ضد الكيان، كما يدرك الإسرائيلي ان الحرب لم تُعد ثنائية بل ان الأمور قد تدحرج الى حرب إقليمية بفعل معادلات محور المقاومة.

شلّ الحياة اليومية: نهاية “إسرائيل”

“إسرائيل” كلها منشآت حيوية، أولا هناك تغيّر اجتماعي جعل المستوطن يتقارب ويتطابق مع الفكر الرأسمالي الفردي بمعنى انه بات يفكر بنفسه اكثر مما يفكر بـ”دولة”، والامر الثاني ان هذه “الدولة” تتشبه بالحياة الغربية فاذا قطعت الكهرباء عن منطقة لن يستطيعوا “الصمود”. كما نتكلم عن كيان بتقنيات الكترونية عاليةHiteck  وأي تأثير يشوّش على الحياة اليومية سيؤدي عملياً الى خسارة في الاقتصاد، وخسارة في المعنويات وتعطيل للحياة في الداخل الاسرائيلي.

بالاضافة الى ان استهداف أي منشآت للاحتلال سيعقّد الأمور بالنسبة لـ”إسرائيل”، وبالدليل في هجمات “السايبر” التي يتم اختراق الجبهة الداخلية الإسرائيلية من خلالها، فان تعطيل أي شركة سيؤدي لتأثيرات على “الدولة”، أو تعطيل بنك مثلاً، فليس بالضرورة فقط الوصول الى مفاعل “ديمونا” او مصافي تكرير البترول في حيفا ولا خزّانات “الأمونيا” في خليج حيفا، بل ان مجرد تعطيل شركة كهرباء واحدة في “إسرائيل” من الممكن ان تؤثر بشدّة على غرار الاستهدافات العسكرية.

ولكن هناك ايضاً منشآت حيوية والتي بالفعل إذا تم استهدافها ستشكّل نهاية “إسرائيل” مثل المطارات والموانئ التي تعتبر شريان الوصل الوحيد بين “إسرائيل” والخارج في حالات الحرب ما يضعها أمام مأزق وصول الامدادات اللوجستية الخارجية – كما حصل في سيف القدس حيث خرج مطار بن غوريون وميناء “اسدود” عن الخدمة، أو تعطيل شركة تحلية المياه، أو استهداف منصات صواريخ الدفاع الجوي.

اذاً إسرائيل “هشّة” على المستوى الدفاعي، أي ضربة في جهة من الجهات مهما كانت تعتبر ثانوية في دولة أخرى فإنها مركزية بالنسبة “لإسرائيل” لحساسيتها وحساسية مجتمعها الذي لا يتقبّل الخسائر البشرية والذي لا يُخّيل له ان يعيش وسط انقطاع في الكهرباء على سبيل المثال، وبحسب “الثقافة” الإسرائيلية، “هم لم يأتوا الى هذه الأرض لعيش الضغوطات والموت بل من أجل الامن والرفاهية”، وبذلك اذا ضربت المقاومة عنصر الاقتصاد أو عنصر الأمن في إسرائيل هذا يعني نهاية هذا الكيان الذي سيفقد القدرة على استيعاب مستوطنين جدد أو إقناع المستوطنين الحاليين بالبقاء.

التمزّق المجتمعي الإسرائيلي

ان ضرب مراكز الحياة اليومية الإسرائيلية لن يشكل فقط عبءً عسكريا على جيش الاحتلال بل أيضاً تفكك لمجتمع هذا الكيان وانقلابه على حكوماته، وان آخر دراسات مراكز البحث العلمي الإسرائيلية في السنوات الخمس الماضية تشير في تقديراتها الاستراتيجية الى  ما يسمى “بالتمزّق المجتمعي داخل إسرائيل” أو ما يسمى “فقدان الحصانة القومية”، وكلما زاد الضغط الخارجي ستزداد الإشكاليات، وأكبر دليل الحكومة الحالية التي أخفقت في العديد من النواحي وخاصة في تعاملها مع المقاومة الفلسطينية وقدراتها الصاروخية، وأيضاُ نسبة لائتلافاتها غير المنسجمة فان مجتمع كيان الاحتلال يعيش حالة عدم استقرار.


الكاتب:الخنادق

 

Exit mobile version