بولا مراد- الديار
بكثير من الدهاء والصبر والثبات، يخوض حزب الله المواجهة المستجدة مع دول الخليج وعلى رأسها المملكة العربية السعودية. الحزب الذي يدرك انه في مواجهة مفتوحة معها منذ سنوات، يتحدث عن انتقال التصعيد السعودي الى مستويات جديدة. وتشير مصادر مطلعة على جوه الى انه «بعد محاولة ضرب واضعاف حزب الله سواء في انتخابات 2018 وقبلها وبعدها عبر أكثر من حادثة أمنية آخرها في منطقة الطيونة من خلال السعي لاقحامه في مواجهات داخلية عبر أدوات لبنانية ما يؤدي الى انقلاب حلفائه والجماهير اللبنانية المتعاطفة معه عليه، قررت الرياض اليوم رفع مستوى المواجهة لتتخذ بعدا جديدا في اطار الضغط الدبلوماسي العالي الوتيرة الذي يتزامن مع الازمة الاقتصادية والمالية التي ترزح تحتها البلاد، ما تعتقد أنه قد يحقق هدفها الذي طال انتظاره لجهة دفع الحزب الى القيام بخطوات الى الوراء او حتى الاستسلام، متجاهلة كل الانتصارات التي يحققها محور المقاومة في المنطقة مقابل الخسارات المدوية للسعودية وواشنطن وحلفائهما».
وترى المصادر ان «ما يحتم التعاطي مع الازمة الراهنة بكثير من الروية والصبر هو ان افتعال الازمة الديبلوماسية الاخيرة من خلال الاحتجاج بتصريحات سابقة لوزير الاعلام جورج قرداحي، جاء في توقيت دقيق بحيث تشهد البلاد أزمة سياسية – قضائية خطرة، لا شك ان للرياض ايضا يدا فيها، ما يعني قتال الحزب على أكثر من جبهة في آن بوقت لا يقف حلفاؤه في صفه في كثير من الجبهات لاعتبارات شتى»، مضيفة: «ففي المواجهة مع المحقق العدلي في جريمة انفجار مرفأ بيروت طارق البيطار، حلفائه وعلى رأسهم رئيس الجمهورية العماد ميشال عون و»التيار الوطني الحر» رأس حربة في دعمه والدفاع عنه رغم اقرارهم أكثر من مرة بشكل او بآخر بعلامات استفهام تحيط بالتحقيقات. وتنطبق المواجهة القضائية تلقائيا على الوضع السياسي وبالتحديد الوضع الحكومي، اذ وفيما يصر حزب الله و»أمل» على وجوب استباق عقد اي جلسة حكومية بكف يد البيطار سواء عبر مخرج قضائي ما واذا لم ينفع ذلك عبر مجلس الوزراء نفسه، يرفض الرئيس عون و»التيار» ربط مصير التحقيقات والبيطار بمصير الحكومة كونهما يرفضان ان يشهد العام الاخير من الولاية الرئاسية الحالية تعطيلا اضافيا عانينا منه الأمرين في السنوات الـ5 الماضية».
وشكّل الخطاب الأخير لأمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله خارطة طريق لتعامل الحزب مع الازمة الراهنة، فبعدما كان كثيرون يترقبون خطابا تصعيديا عالي النبرة، تفاجأوا بخطاب هادىء من حيث الشكل والنبرة لكنه حاسم وجازم بالمضمون، ما يعني اعتماد الحزب «المواجهة اللينة» للتعامل مع التصعيد الخليجي، لاقتناعه بأن مقابلة التصعيد بتصعيد مضاد حاد سيجعل الأمور تتطور بشكل دراماتيكي اذا ما قررت السعودية لعب الأوراق الكبيرة التي ما زالت تمسك بها بين يديها. ويترك الحزب بذلك مجالا للقيادة السياسية في لبنان سواء عبر رئاستي الجمهورية والحكومة كما عبر وزارة الخارجية لمحاولة رأب الصدع الحاصل وترطيب الأجواء من دون ان يكون هو بذلك قد قدم اي تنازلات او أظهر عن انكسار او حتى قام بأي خطوة الى الوراء، وان كان يعي ان الوساطات والجهود المبذولة حاليا للعودة بالعلاقات اللبنانية – السعودية الى ما كانت عليه قبل الازمة الاخيرة اصبح مستبعدا ان لم نقل مستحيلا، وهو وأبلغ المسؤولين وجوب الاستعداد للتعامل مع ازمة طويلة الامد ومع ما يشبه القطيعة مع المملكة ودول خليجية أخرى بعد ان انتقلت هي من سياسة اللامبالاة والحياد السلبي الى سياسة التصعيد والمواجهة.