الأخبار- ميسم رزق
منذ أشهر تعمل هذه السفارات، عبرَ دبلوماسييها في الداخل ومسؤوليها في الخارج، على هذه الانتخابات كما لو أنها حاصلة غداً. وهي فتحت أبواب التواصل مع التيارات والأحزاب السياسية، لكن تركيزها الفعلي، السياسي والمالي، يصب في خدمة مجموعات المجتمع المدني التي يعتبرها الغرب، خصوصاً، «قوة التغيير» التي ستخلّص البلاد من «سطوة الأحزاب الفاسدة». وعلى رغم أن الجميع يتحدث عن دور أساسي لكل من الولايات المتحدة والسعودية، إلا أن عواصم أخرى، لا سيما الأوروبية منها، دخلت شريكة في البرنامج السياسي والتمويلي. وكان لافتاً تعاظم الحراك الدبلوماسي في الأيام الأخيرة ربطاً بما اعتبر «إشارات تعكس نوايا تعطيلية»، إثر الخلاف في مجلس النواب حول قانون الانتخابات والمهل، وإعلان التيار الوطني الحر نيته الطعن في التعديلات على القانون أمام المجلس الدستوري.
وعلمت «الأخبار» أن السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا ومسؤولين في إدارتها أجروا جولة اتصالات مع القوى السياسية للاستفسار عمّا إذا كانت هناك مساع لتأجيل الاستحقاق، مؤكدين أن الانتخابات، بالنسبة إلى واشنطن، «محطة لا يُمكن القفز عنها». واستخدم هؤلاء، كالعادة، منطق التهديد، مشيرين إلى أن «أي تأجيل ستنتج منه إجراءات لن تتساهل مع هذه القوى». وسمِع عدد ممن جرى التواصل معهم أو اللقاء بهم أن عنوان هذه الإجراءات هو «إعلان لبنان دولة فاشلة»، وأن تداعياتها «تبدأ بعقوبات ولا تنتهي بفرض تدابير من الأمم المتحدة».
لكن أكثر ما كان لافتاً في الرسائل الدبلوماسية ما ينسب إلى الأميركيين وفيه كلام مباشر يقول: «لا انتخابات يعني أن لا صندوق نقد، بالتالي ستتوقف المفاوضات ولن تكون هناك خطة إنقاذ»، وأن أي طرف «سيمنع من تقديم مساعدات للدولة أو للحكومة الحالية ومن تمويل أي مشاريع استثمارية وإصلاحية لأن لا ثقة في أن المنظومة الحالية ستستخدم القروض أو المساعدات لحل الأزمة». واعتبر هؤلاء أن «التهرب من الاستحقاق النيابي محاولة للتغطية على تراجع شعبية الأحزاب بعدما صار واضحاً بأن الغالبية فقدت من رصيدها بعد 17 تشرين»، إضافة إلى تهديد لأحزاب وشخصيات بأنها ستكون تحت العقوبات الأميركية والأوروبية.
وفي هذا السياق، تقول مصادر مطلعة إنه ليس هناك من مؤشرات على تقدم في المفاوضات مع صندوق النقد. وإن «كل ما تردد عن إنجاز اتفاق معه قبل نهاية العام ليس سوى مبالغات»، مؤكدة أن «هناك قراراً بربط الأمرين، ولن يُسمح بالوصول إلى اتفاق مع صندوق النقد قبل موعد الانتخابات، على أن يكون التنفيذ بعد ذلِك». وهذا الكلام قاله مسؤولون في الصندوق في معرض مراجعتهم حول آلية العمل بأن الاتفاق ليس ممكناً مع سلطة انتقالية.
ووفق مطلعين فإن أجواء دول الخليج ليست بعيدة من هذا المنطق. فبعدما ظهر دخول سعودي على خط الانتخابات (بمعزل عن الأزمة المفتعلة مع لبنان أخيراً)، تؤكد المعلومات أن «الدعم السياسي والمالي الذي تفكر الرياض في تقديمه إلى مجموعات من المجتمع المدني أو حزب القوات اللبنانية لن يكون في متناول هؤلاء إلا بعد التأكد من أن الانتخابات ستجرى في موعدها».