هكذا ردّ بلينكن على نصرالله
اندريه قصاص
قد نكون اليوم أمام مشهدين سورياليين، وأمام لوحتين متمايزتي الألوان، ولكنها متنافرة.
المشهد الأول رأيناه في قمة “غلاسكو”، حيث لم يترك رئيس الحكومة نجيب ميقاتي فرصة إلاّ وأقتنصها من أجل تعزيز الحضور اللبناني على الساحة الدولية، ومن أجل التفتيش عن مساعدات خارجية ممكنة للمساهمة في إخراج لبنان من أزمته الخانقة.
ومن بين الذين إلتقاهم الرئيس ميقاتي وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن، الذي عاد وأكدّ “ان ميقاتي لديه خطة جيدة للدفع بلبنان إلى الأمام”، مشدداً على “أننا نعمل على توفير الوقود في لبنان، ونعمل مع الجيش هناك لضمان الاستقرار”. وقد شكّلت هذه الإشادة مؤشراً لافتاً جديداً لجهة الدعم الأميركي للحكومة المعطّل دورها بفعل بعض التصرفات، التي لم يستطع أحد من الخارج فهمها، وقد طرحوا أكثر من علامة إستفهام حولها، وسألوا الذين يراجعونهم في مسائل تتعلق بلبنان: كيف تريدوننا أن نساعد من لا يريد أن يساعدوا أنفسهم. وهذا ما سبق أن قاله الوزير الفرنسي جان أيف لودريان، في أكثر من زيارة له للبنان.
فهل أراد بلينكن، عندما تطرّق إلى الوضع اللبناني، ولو باقتضاب، في مؤتمره الصحافي المشترك مع وزير الخارجية القطري، الردّ ولو بطريقة غير مباشرة على الكلام الأخير للأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله في “يوم الشهيد”؟
مقابل هذا المشهد من اللوحة السوريالية، نرى مشهدًا آخر، أطلقه السيد نصرالله، الذي يقول إنه إذا “كان هناك أحد يسأل عن لبنان فهو بسبب وجود المقاومة في لبنان وصواريخ المقاومة. واذا كان هناك اهتمام اميركي او اوروبي غربي دولي في لبنان، كل الوفود التي جاءت الى لبنان، شاهدوا محاضر الجلسات، لقاءاتهم مع المسؤولين، البيانات الصادرة في الاعلام، القرارات، كلها محورها الاساسي هو المقاومة وسلاحها ومقدراتها”.
وتحدّث أيضًا عن تضاؤل النفوذ الأميركي في لبنان، “الذي منعناه بفضل تضحيات الشهداء. منعنا الهيمنة الكاملة، منعنا السيطرة الكاملة. ولذلك لبنان يستطيع أن يقف اليوم على رجليه حتى الآن، وكلّ ما يحتاجه هو الارادة السياسية فقط، ويرفض الإملاءات الأميركية في ترسيم الحدود البحرية. هنا نحن نتحدث عن أمر سيادي لأنّه عندما تتحدث عن السيادة حبّة الرمل لها قيمة، لمن يفهمون السيادة، كوب الماء له قيمة، الشبر والمتر له قيمة، في الأرض أو في المياه. لكن هنا يضاف إلى ذلك أنّ المنطقة المتنازع عليها عند الحدود تضم ثروة نفطية وغازية هائلة يحتاجها لبنان”.
وسط هذه المشهدية، والتي تنظر إليها كل جهة من زاوية محدّدة مرتبطة بما ترسمه في مخططاتها، وبما لها من إرتباطات مصلحية مع هذا المحور أو ذاك، يبقى المواطن اللبناني العادي قابعًا على رصيف الإنتظار، من دون أن يلقى أي عناية مجردّة من الغايات والمصالح، وهو لا حول له ولا قوّة على تغيير الواقع حتى ولو أتيح له التعبير عن خياراته بحرية في الإنتخابات النيابية المقبلة.
وبين هذا الموقف والموقف المضاد له لا يزال الرئيس ميقاتي، المتحصّن بإيمانه بربه، مصرًّا على إقتناص كل فرصة تلوح منها بشائر خلاص.
المصدر: خاص “لبنان 24”