لا يزال رئيس الحكومة نجيب ميقاتي متمسكاً بموقفه الرافض للإستقالة، فالرجل الذي يؤكد في كل اجتماعاته بأن حكومته الحالية هي الأمل الاخير للبنانيين، لن يكون بوارد التخلي عنها لمصلحة الفراغ القاتل، وبأنه لو كان بالإمكان تشكيل حكومة جديدة بشكل سريع لكان قدّم استقالته منذ بداية الأزمة التي تعصف بمجلس الوزراء.

بنفس الوقت يعتبر رئيس الحكومة، بحسب مصادر نيابية في فريق 8 آذار، أن الحكومة لا يمكن أن تجتمع بوجود وزير الاعلام جورج قرداحي، لأن المسألة تتعلق بأخلاقيات معينة إذ لا يمكن لقرداحي أن يتجاهل طلب ميقاتي ورئيس الجمهورية ميشال عون منه الاستقالة، وهذا ما يجعل مشكلة الحكومة مستمرة دون وجود أي بوادر إيجابية بقرب انعقاد مجلس الوزراء، فلا المشكلة الأساسية المتعلقة بالتحقيقات بملف انفجار مرفأ بيروت قريبة من الحل، ولا أزمة وزير الاعلام كذلك.

أمس كان واضحاً قرداحي بأنه لن يستقيل، وقبل ذلك جاء خطاب أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله ليؤكد أن الأزمة طويلة ومستمرة، فبالنسبة للمصادر فإن السيد نصر الله الذي يرى استقالة وزير الخارجية السابق شربل وهبة «خطأً» لن يرضى باستقالة قرداحي، لأي أي مبادرة حسن نية باتجاه الدول الخليجية لن تُقابل سوى بمزيد من الطلبات.

ومن هذه الطلبات ما نُقل عن مطلعين بأن السعودية تريد خروج حزب الله من سوريا لكي تُعيد علاقاتها مع لبنان، وفي هذا السياق تؤكد المصادر أن المسؤولين الرسميين في لبنان لم يتلقوا طلباً مماثلاً، مشيرة بنفس الوقت الى أن الصراع بين السعودية وحزب الله صراع اقليمي ومن غير المستبعد أن يُطرح مثل هذا الطلب مستقبلاً، ولو أن السعوديين يعلمون أن حزب الله لن ينفذه.

بالمقابل، وبالعودة الى الوضع السياسي الداخلي، تكشف المصادر أن ميقاتي وعون اتفقا في لقاءاتهما الأخيرة على خارطة طريق لعودة الحكومة الى الانعقاد تبدأ من زيادة الضغط على الثنائي الشيعي عبر تحميله مسؤولية الفراغ وما يجري من أزمات معيشية تنطلق من سعر صرف الدولار الذي لامس 23 ألف ليرة بالساعات الماضية، مشيرة الى أن ميقاتي يتحدث خلال لقاءاته عن استعداده لمعالجة كل الملفات المعيشية وعلى رأسها ملف سعر الصرف الذي يتغير بسرعة قياسية بسبب قرارات مصرف لبنان الأخيرة بما يتعلق باستيراد المحروقات، ملف الكهرباء حيث يُتوقع أن يبدأ العام الجديد على وقع ارتفاع سعر الكيلووات وزيادة ساعات التغذية حتى 15 ساعة يوميا، وملف الجامعة اللبنانية والإضراب الذي يعصف بانطلاق العام الدراسي عبر تقديم الوعود للأساتذة بتقديم مساعدات اجتماعية، وعرض ملف التفرغ على الحكومة فور حل المشاكل التي تُعيق انعقادها، ولكنه بحاجة الى انعقاد الحكومة ليفعل ذلك.

وتعتبر المصادر ما يجري محاولة لتحميل حزب الله وحركة أمل وتيار المردة مسؤولية الأوضاع الاجتماعية السيئة وزيادة الضغط عليهم للقبول بالحلول المطروحة والتي لا تلبي طموحهم، وبنفس الوقت تولى رئيس الجمهورية عبر فريقه السياسي تكثيف الحملات الإعلامية على نفس الفريق ولنفس الأسباب، علماً أن هذا الفريق بالتحديد لا يحق له الحديث عن التعطيل.