رغم ذلك، وفي سياق الانطلاقة الجديدة لعمل المبعوث الأميركي (الإسرائيلي المولد والجنسية والهوى) عاموس هوكشتين على الملف، يبدو أن لبنان الذي أسمع الأخير كلاماً واضحاً، ولو مع بعض التناقض، لم يحصل على أي جواب قال المبعوث الأميركي إنه سيحصل عليه من العدو. إذ لم ترد أي رسالة من هوكشتين حول نتائج اجتماعاته نهاية الأسبوع الماضي مع المسؤولين الإسرائيليين.
وفي الموازاة، لم تتلقّ وزارة الخارجية اللبنانية، حتى اللحظة، جواباً عن رسالتين بعثت بهما إلى الأمم المتحدة للمطالبة بتحديد الموقع الذي بدأت شركة «هاليبرتون» الأميركية أعمال الحفر فيه، والتأكد من أنه لا يقع في منطقة متنازع عليها، علماً بأن مسؤولين لبنانيين يشيرون إلى أن «الشركة الأميركية تحفر بعيداً عن الخط 29».
وتتردد في بيروت «تسريبات»، مصدرها الإعلام الإسرائيلي، عن أن «هوكشتين سينهي مهمته في حال عدم التوصل الى اتفاق خلال أشهر». في حين قالت مصادر مطلعة إنه «يعطي نفسه مهلة حتى موعد الانتخابات النيابية، لأنه يعوّل على التوصل إلى اتفاق مع الحكومة الحالية». ورجّحت أن الحل الذي يحمله هوكشتين معه، ذهاباً وإياباً، لا يختلف عن فكرته القديمة، الهادفة الى انتزاع السيادة عن المنطقة المتنازع عليها، ووضعها تحت وصاية الشركات الأجنبية.
المصادر أكّدت أن «الجانب اللبناني، مع الاختلاف على بعض التفاصيل بين المسؤولين، أكد أن لبنان متمسك بالـ 860 كيلومتراً مربعاً، مع الاحتفاظ بحقه في ما يفوق الخط 23، وخاصة حيث هناك مكامن فيها غاز كحقل قانا المتداخل مع الحدود». وأشارت إلى أن الوسيط الأميركي «وعد بأنه سيستطلِع موقف الجانب الإسرائيلي وسيسعى إلى ايجاد قاعدة مشتركة يُمكن الانطلاق منها».
ما بات محسوماً، أن الخط 29 (أي مساحة الـ 1430 كيلومتراً مربعاً الإضافية) لم تعُد موجودة في حسابات الدولة اللبنانية. هو أمر يتأكد يوماً بعد يوم من المعنيين الذين تقاطعت مواقفهم عند القول إن «هذا الخط لم يكُن يوماً معتمداً بشكل رسمي، وأن الخط الذي تعتمده الدولة اللبنانية هو الخط 23 بفعل المرسوم 6433 الذي وقّعته حكومة الرئيس نجيب ميقاتي عام 2011. أما طرح الخط 29 فلم يكُن سوى باب لتحسين شروط التفاوض.
أصحاب هذا الرأي يفترضون أن «تعديل المرسوم صارَ وراءنا»، ما يعني، عملياً، استبعاد انسحاب هوكشتين، و«الأمر لا يتعدّى محاولات للضغط على لبنان لتقديم تنازلات»، ولا سيما في هذه المرحلة الحرجة مالياً واقتصادياً.