كيف يكون عون سلم الدولة لحزب الله؟
– تنتشر على ألسنة فقهاء وعباقرة خصوم المقاومة عملية ترويج لثلاثية تقوم على ضلع أول قوامه أن حزب الله مأزوم لأنه فشل في تعطيل المسار القضائي للقاضي طارق بيطار ثم فشل في تعطيله حكومياً، وأن حزب الله مأزوم لأن قضية التحقيق في انفجار المرفأ هي قضية وجودية بالنسبة له لأنه متورط بشيء ما يخشى أن ينكشف ولذلك يعطل الحكومة وتحرك في الشارع وصولاً لاتهامه بافتعال صدام لنسف المسار القضائي وخلق ما يطغى عليه، أما الضلع الثاني فيقوم على القول بأن حزب الله تمكن عبر تحالفه مع التيار الوطني الحر الذي أوصل العماد ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية من الهيمنة على مؤسسات الدولة وقرارها، وأن الرئيس عون قد سلم الدولة للحزب الذي ينفذ مشروعه عبر جعل الدولة مساحة لهذا المشروع، ويصل أصحاب هذه الأطروحة إلى المطالبة باستقالة رئيس الجمهورية بناء على كل ذلك، أما الضلع الثالث للنظرية فهو أن حزب الله غير معني وغير مهتم بالوضع الداخلي فهو فقد كل اتصال بالوضع الداخلي لأنه ذراع أمنية وعسكرية لمشروع إيران في المنطقة ويخضع كل حركته ونفوذه في لبنان لتخديم المشروع الإيراني الذي يريد تجميع أوراق تفاوضية تخدم مفاوضاته مع واشنطن حول الملف النووي الإيراني.
– الذين يتلقون هذه النظرية الثلاثية، يتعاملون غالباً مع كل من أضلاعها الثلاثة على حدة، فربما يتمكن الضخ الإعلامي من إرباك تفكيرهم، لكن جمع الأضلاع الثلاثة معاً، سيسهم في إثبات العكس، وهو أنها نظرية قائمة على التلفيق، بمجرد إثبات أن كل من يروج لواحدة من هذه الأضلاع لا ينفك يروج للباقي، فيصير التساؤل لكل منهم طالما أنه يتبنى الثلاثية وليس فقط أحد أضلاعها، كيف يستقيم الجمع بين هذه الأضلاع، وكل اثنتين منها تنسفان الثالث، فإذا كان حزب الله مسيطراً على الدولة ويخدم المشروع الإيراني وغير معني بالداخل اللبناني، فكيف يكون مأزوماً ويعيش قضية وجود من ملف فرعي في مؤسسة من مؤسسات دولة يفترض أنه يسيطر عليها، وغير مهتم بتفاصيلها، وإذا كان مأزوماً ويعيش قضية وجودية فكيف يكون عون قد سلمه الدولة وهي سبب أزمته، بل عون نفسه حاضر في بعض عناوينها، التي ينسبون إليه تعطيل المسار الحكومي الذي أراده حزب الله في الشأن القضائي.
– الأمر ببساطة هو أن حزب الله لا يعيش قضية حياة أو موت وإلا كان استعان بمن يفترض أنهم سلموه الدولة، وهو يتعايش مع خلافه معهم حول شؤون عدة منها الملف القضائي لأنه ليس ملف حياة أو موت ولأنه لا يشعر بأنه مأزوم، وحزب الله لا يسيطر على الدولة والرئيس عون لم يسلمه الدولة، بدليل أن اعتراضات الحزب على الملف القضائي في نسبة كبيرة منها مواضيع خلافية مع الرئيس عون والتيار الوطني الحر، وحزب الله ليس في غربة عن الملفات الداخلية بمعزل عن حجم أهميتها عنده، فهي مهمة، كاهتمامه بالملف القضائي الذي يعرف الجميع أنه يستحيل أن يتجه نحو اتهامه، لأن شرط ذلك اتهام القضاة الذين أمروا بإدخال النيترات وحفظها وبقائها بأنهم تابعون لحزب الله، وهذه أكثر من استحالة في وضعية القضاة الذين يختلف حزب الله مع مسار التحقيق في كونه يريد حمايتهم من الملاحقة، ولكن حزب الله مهتم لأنه حزب لبناني طبيعي، خلافاً لنظريات تخديم المشروع الإيراني التفاوضي، حيث لا إيران مهتمة ولا حزب الله معني، بل عقول مريضة تتوهم.