«مغامرة» سعودية «أوهام» إسرائيلية «ومراهقة» لبنانية : وصفة انتحار ؟
ابراهيم ناصرالدين- الديار
محاولة «حشر» حزب الله في «الزاوية» طريق خطير مُعبّد «بالألغام»
جنبلاط يُصعّد مرغماً : «قارب نجاة» لجماعته بعد تهديدات سعودية !
اتهامات لحزب الله بمحاولة «عزل» لبنان، وزير خارجية لبنان يقر «بالعجز» عن مواجهة حزب الله، الكونغرس الاميركي يتهم حزب الله باثارة النعرات ودعم الفساد، توقيف خلايا لحزب الله في الكويت وكوسوفو؟ حزب الله يتحمل مسؤولية افقار اللبنانيين، حزب الله مسؤول عن»خربان بيوت» العاملين في الخليج، هذه بعض من العناوين، طفت فجاة ودفعة واحدة الى «السطح» دون سابق انذار، تلت احداثا مشبوهة في خلدة، وشويا، والطيونة، وتظهرت اكثر بعد ازمة السعودية المفتعلة مع لبنان، كلها تهدف الى «ابلسة» حزب الله «وشيطنة» تاريخه وحاضره ومستقبله، فهل كل ما يحصل مجرد «صدفة»؟ او مقدمة لما قد يكون اكثر خطورة؟
لولا الازمة المفتعلة من قبل الرياض، لكانت نظرية المؤامرة المفترضة سقطت دون الكثير من العناء، تقول مصادر سياسية بارزة معنية بهذا الملف، لكن تسلسل الاحداث مقرونا بتصعيد ممنهج تزامنا مع اعادة ترتيب «الاوراق» في المنطقة، يشير بوضوح الى وجود «خارطة طريق» مريبة يجري العمل عليها من قبل عدة جهات اقليمية تواكبها اسرائيل اما بفعل ميداني في سوريا، واستنفارعلى الحدود الجنوبية، او عبر مواكبة اعلامية تخدم المصالح المشتركة وتحاول الاضرار بحزب الله.
وعلى سبيل المثال لا الحصر، آخر مظاهر هذه الحملة كان عنوانها رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الذي كسر قواعد «الاشتباك» مع حزب الله معلنا انه صبر كثيرا على الحزب ،داعيا للاعتذار من السعودية؟ هذا التحول الدراماتيكي في موقف «المختارة»، ترى فيه مصادر دبلوماسية، انعكاسا خطيرا لمسار تجري محاولة لتحويله الى امر واقع بقيادة السعودية على الساحة اللبنانية، بعدما قررت المملكة دون اي مسوغ جدي اعلان حرب تصفية لما تعتبره «الذراع الاقليمي» الايراني الاقوى في المنطقة، كبدل عن ضائع استراتيجي في اليمن، اي تريد ان تقول لطهران لن تكون الخسارة للحرب اليمنية دون اثمان، واذا كنتم لا تريدون تقديم التنازلات هناك، فسيدفع حليفكم الثمن في بيروت، لكن كيف؟ وباي ثمن؟ وباي ادوات؟ لا شيء واضح حتى الان، وكل ما يعرفه المقربون والخصوم ان المملكة تدفع الامور نحو «الفوضى» وتمارس ضغوطا غير مسبوقة على كل حلفائها في لبنان للانخراط في المواجهة التي لا وجود فيها لمواقف «رمادية»!
وفي هذا السياق، كان لافتا كلام جنبلاط عن ارتباط لبنان بعلاقات سياسية اقتصادية منذ عقود مع الخليج العربي، وعن وجود مئات الآلاف من اللبنانيين في الخليج العربي يعيشون هناك، ويرسلون الأموال إلى لبنان؛ متسائلا أين يذهبون؟ وهنا تلفت تلك الاوساط الى ان «زعيم» المختارة اضطر للتصعيد مرغما، بعدما تبلغ صراحة من مسؤول رفيع في المملكة تواصل مع النائب وائل ابو فاعور، بان خطوات تصعيدية خليجية متقدمة ستكون على «الطاولة» قريبا ولن تستطيع اي مرجعية سعودية حماية «جماعته» الموجودة في السعودية من العقوبات اذا ما استمر محافظا على سياسة «ربط النزاع» مع حزب الله في معركة تعتبرها الرياض مصيرية وتتعلق بامنها القومي؟!
وانطلاقا من هذه المعطيات، حجز جنبلاط لنفسه وجماعته مكانا على «قارب» النجاة، ووعد برفع سقف المواجهة السياسية الى اعلى مستوى ممكن، لكنه «ينأى» بنفسه حتى الان عن اي فعل ميداني على الساحة اللبنانية، وهو ابلغ المحيطين به عدم وجود اي مطلب سعودي في هذا الاتجاه حتى الان، مكررا كلاما سابقا بانهم يعرفون موقفه ازاء عدم صوابية حصول اي احتكاك ميداني مع الحزب، في وقت تبدو جهات لبنانية اخرى متحمسة لهذا الامر، «غامزا من قناة» القوات اللبنانية.
ولا تغيب المواكبة الاسرائيلية عن الحدث اللبناني، حيث تشرح صحيفة «معاريف» اسباب ارتفاع الخط البياني التصعيدي بين السعودية وحزب الله وتقول « ان المبادرات الطيبة اتجاه طهران هي خطوات رمزية وجزء من اللعبة الدبلوماسية، ولكن الحقائق الأساس لم تتغير، فهم يرون ان إيران وفروعها التهديد الحقيقي، والدليل أن السعودية أعلنت قبل بضعة أيام مؤسسة القرض الحسن التابعة لحزب الله كيانا إرهابيا، وليس للسعودية أوهام حول إيران، او من خلال «فروعها» مثل حزب الله، وهي مصممة على مواصلة استراتيجية عزل إيران قدر الإمكان، وذلك على الرغم من الابتسامات المتبادلة». اما صحيفة «يديعوت احرنوت» فطرحت سؤالا اكثر تعبيرا، ماذا يمكن أن يحصل في لبنان أكثر ليؤدي به إلى حرب أهلية مضرجة بالدماء، وينتهي بسيطرة الحرس الثوري الإيراني؟ الحقيقة، ليس كثيراً بحسب الصحيفة، التي تهكمت على الاوضاع الاقتصادية الصعبة، لكن الاكثر اثارة في عرضها كان تاكيدها «ان مواطنين كثر بدأوا بالنظر إلى اسرائيل بشكل موضوعي أكثر،ومن تجرى معهم اللقاءات في البرامج التلفزيونية الرائدة لم يعودوا يخافون من ذكر إسرائيل بالاسم والتحدث عن «التعاون التجاري» في المستقبل المنظور للعيان، وبرأيها فان لبنان تحول الى دولة تجار ورجال أعمال».
هذا السياق»الدرامي» المثير للقلق، سواء من قبل السعودية التي تعتقد بقدرتها على اضعاف حزب الله ، ومن اسرائيل التي ترى ان لبنان بات قابلا للتطبيع، او بعض القيادات السياسية اللبنانية الواهمة المغلوب على امرها، يدفع الاوضاع نحو «الهاوية» السحيقة، اذا لم يتم تدارك الموقف، وعندها ستكون «جهنم» على اصولها، كما تقول اوساط مقربة من حزب الله، تتخوف من «مراهقة» بعض الداخل، ومغامرة غبية من الخارج، ستكون نتيجتها «انتحار جماعي» بعد انفجار غير مسبوق، لانهم يسيرون في «حقل الغام» لكن التاريخ سيعيد نفسه، فسابقا حين دفع الحزب الى «الزاوية» في محاولة لتحجيمه او خنقه لم يبق «مكتوف الايدي»، وهذه المرة لن يبقى متفرجاً ؟!