الجامعة العربية تستطلع المواقف من الأزمة مع الخليج زكي: المسألة أبعد من توصيف للحرب على اليمن والحلّ كان ممكناً باستقالة قرداحي
ما زالت الازمة اللبنانية مع دول الخليج عموماً والسعودية خصوصاً تتصدر المشهد السياسي في لبنان وظلت بنداً أول في جدول الاهتمامات والمتابعات الرسمية، وقد سُجّل دخول جامعة الدول العربية على خطها، في محاولة للمعالجة ورأب الصدع.
وفي هذا السياق، أوضح الأمين العام المساعد حسام زكي هدف زيارته الى لبنان وهو “الحوار مع القيادات اللبنانية حول الازمة والتعرف على موقفهم، وما الذي يمكن عمله للتمكن من حلحلتها وتجاوزها”، معتبراً ان زيارته “هي في حد ذاتها مبادرة لوضع الأزمة في موضعها الصحيح”. وأكد انّ “العلاقات بين الدول العربية لها أسس تقوم عليها وهناك ميثاق جامعة الدول العربية والجميع ملتزم به، وهذا الأمر نحرص على احترامه والعلاقات بين لبنان ودول الخليج هي علاقات مهمّة للبنان، ولدول الخليج ايضاً”، ورحّب بكل جهد عربي يساهم في الحل، ورأى انه كان يمكن احتواء الازمة من البداية.
في بعبدا
وقد تنقّل زكي امس بين قصر بعبدا والسراي الحكومي وعين التينة ووزارة الخارجية والمغتربين، وقال بعد لقائه رئيس الجمهورية ميشال عون: “انه جهد من الجامعة للتعرف على الموقف أولاً، واذا ما تبين ان هناك إمكانية ان نبذل جهداً كي نتمكن من تقريب وجهات النظر بين الجانبين وحل هذا الاشكال، فذلك يكون امراً طيباً. ان المصلحة اللبنانية والمصلحة الخليجية هي هدفنا وسبيلنا للتوصل الى مخرج لهذا الوضع”. وأكد انه “اذا احتاج الامر زيارة المملكة فهذا وارد… لكن يجب أولاً ان نشعر ان هناك حلحلة في الازمة حتى يمكن ان نأخذها الى مرحلة مقبلة”. وتحدث عن تطمينات للبنانيين المقيمين في دول الخليج.
بدوره، أبلغ عون زكي حرص لبنان على إقامة افضل العلاقات وأطيبها مع الدول العربية، ولا سيما منها السعودية ودول الخليج، لافتاً الى “ضرورة الفصل بين مواقف الدولة اللبنانية وبين ما يمكن ان يصدر عن افراد او جماعات، خصوصاً اذا ما كانوا خارج مواقع المسؤولية، آخذين في الاعتبار مقتضيات النظام الديموقراطي الذي اختاره اللبنانيون والذي يضمن حرية الرأي والفكر ضمن ضوابط القانون، وشدد على وجوب معالجة ما حدث “من خلال حوار صادق مبني على أسس الاخوة العربية والتعاون والتنسيق بين مؤسسات الدولتين الشقيقتين، نظراً لما يجمعهما من علاقات تاريخية كانت دائماً وستبقى لمصلحة الشعبين”، ورحب “بأي مسعى تقوم به الجامعة لاعادة العلاقات الأخوية بين البلدين الى سابق عهدها، لا سيما وان لبنان لا يكن للمملكة الا الخير والتقدم والازدهار”، معتبراً ان “المصارحة في مثل هذه الأوضاع هي عامل أساسي لتقريب وجهات النظر ورأب أي صدع، ولن يتردد لبنان في اتخاذ أي موقف يساعد في تهيئة الأجواء لمثل هذه المصارحة التي تأخذ في الاعتبار السيادة الوطنية والحرص المتبادل، على مأسسة العلاقات بين الدولتين الشقيقتين لضمان ديمومتها وعدم تأثرها بأي احداث فردية وعابرة”.
في السراي
وأوضح زكي انه استمع من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الى موقف “مهم وفي غاية الإيجابية” عن العلاقة بين لبنان والمملكة، “التي يحرص عليها هو كثيراً كشخص، وكمسؤول لبناني، ورئيس حكومة لبنانية، ولقد عكس لي ايضاً مدى الحرص الموجود في هذا البلد على اقامة علاقات صحية وجيدة وايجابية مع كل الأشقاء العرب والمحيط العربي للبنان، وبالتأكيد في مقدمة ذلك المملكة العربية السعودية”. وقال: “كان الحوار جيداً جداً ووضعت الرئيس ميقاتي في صورة الفكرة التي تجمعت لدى معالي الأمين العام بالتواصل مع الأخوة في لبنان، للتعرف على ما يمكن ان يكون لديهم في هذا الموضوع لنتجاوز هذه الأزمة ونستطيع الوصول الى مخرج يناسب الجميع، ويصل بنا الى بر الأمان في شكل من اشكال التوازن بين تحقيق المصلحة اللبنانية والمصلحة السعودية والخليجية عموماً”.
أضاف: “انّ العلاقات بين الدول العربية لها أسس تقوم عليها وهناك ميثاق جامعة الدول العربية والجميع ملتزم به، وهذا الأمر نحرص على احترامه والعلاقات بين لبنان ودول الخليج هي علاقات مهمّة للبنان، ولدول الخليج ايضاً، اعتقد بأن الجهد الذي نبذله يمكن ان يتجه في اتجاه ايجابي، ونأمل ان تكون نقطة البداية من هنا فنتجاوز هذه الأزمة ونعبرها، من اجل حوار اكثرعمقاً وجدية في مسار العلاقة اللبنانية الخليجية بشكل عام”. وقال: “قبل قدومنا لم يكن هناك جهد مبذول لرأب هذا الصدع، ونعتقد ان هذه الزيارة في حد ذاتها مبادرة لوضع هذه الأزمة في موضعها الصحيح والتواصل مع لبنان وقياداته”. وأكد ان الحوار مع السعودية “قائم دائماً، كان هناك حوار قبل هذه الزيارة على مستوى الأمين العام ووجدنا حقيقة، مثلما قال احد الأصدقاء، ثقباً في الباب نحاول ان نمر منه، فلا بأس، نحاول ان نمر منه، ان شاء الله نستطيع تجاوز هذه الأزمة”. ونفى اي علاقة لهذه المبادرة بالمبادرة القطرية “وكل جهد عربي يساهم في حل هذه الأزمة نحن نرحب به وندعمه بالكامل، والتحرك الذي نقوم به الآن هو تحرك نابع من مسؤولية الأمين العام ومتابعته منذ اللحظة الأولى للوضع، وكيف تطورت الأمور واوصلتنا الى الأزمة التي نحن بصددها وكان يمكن لهذه الأزمة الا تكون، كان يمكن من البداية احتواؤها وهذا رأي واضح”. وهل الحل باستقالة الوزير جورج قرداحي، أجاب زكي: “هذا واضح، الجميع يعلم ان هذا الأمر كان يمكن ان يحل الموضوع منذ البداية، الآن حصلت تطورات وتصريحات وأخذت الأزمة منحى آخر، نأمل ان يجد الجميع لديه الحس الوطني الكافي ليتعامل مع هذه الأزمة بما يليق بها من أهمية”. وأشار الى ان “كل قيادة تتحدث برؤيتها، واضح ان البعض له آراء مختلفة عن الآراء التي نعتقد ان فيها مصلحة وطنية للبلد، من الوارد ان تكون هناك خلافات في وجهات النظر وحتى في الرأي العام هذا امر طبيعي، ولكن عندما تدرك بأن هناك تحركات مطلوبة لصالح الوطن فهذا الأمر يجب ان يأخذ اسبقية على كل شيء”. وشدد على ضرورة “حل الأزمة اولاً ثم مناقشة الامور الاخرى”.
من جهته، أكد ميقاتي حرص لبنان على عودة علاقاته الطبيعية مع السعودية ودول الخليج، وانه سيبذل كل جهد ممكن “لإزالة ما يشوبها من ثغرات ومعالجة التباينات الحاصلة بروح الأخوّة والتعاون”. واعتبر أن الجامعة يمكنها القيام بدور أساسي في هذا المجال، وجدد إلتزام لبنان بكل قراراتها تجاه الأزمة اليمنية، المنطلقة من قرار مجلس الامن الدولي والمبادرة الخليجية ومبدأ الحوار بين الاطراف المعنية”.
في عين التينة
وقال زكي بعد لقائه رئيس مجلس النواب نبيه بري: “سنقيّم الموقف عقب العودة الى القاهرة والتحدث مع الامين العام ونقرر بعدها الخطوة المقبلة، وكيف سنتصرف في سبيل اتمام الجهد في حلحلة هذه الازمة”.
وكرر ان “ليس الهدف من الزيارة في الاصل، طرح أي حل لعلاقات دول فيها جانب سيادي وامور كثيرة تتعلق بقرارات عالية المستوى يتم اتخاذها على اعلى المستويات، وبالتالي التعامل معها يجب ان يكون دقيقاً وحريصاً”. ونفى مجدداً احتمال اتخاذ المملكة خطوة بترحيل فئة معينة من اللبنانيين. وجدد القول ان استقالة قرداحي “كان يمكن ان تنزع فتيل الازمة من البداية لكن الامور استمرت بالشكل الذي نحن عليه، والاجواء التي استمعت اليها من الرؤساء الثلاثة كلها اجواء حريصة على العلاقة مع المملكة العربية السعودية ودول الخليج، ولا ترغب باستمرار هذه الازمة، وتعول على الحس الوطني للوزير المعني”. أضاف: “أعتقد اننا نحتاج الى تأكيد بشكل اكبر على ان هذه الخطوة يجب ان تتم، لكن الامر فيه تعقيدات سواء لجهة الجانب الشخصي من الوزير المعني او الجانب الدستوري الذي يتضمن بعض التعقيدات، حيث تقيد صلاحيات رئيس الحكومة في هذا الصدد، ونحن نحترم كل هذا وسنرى اذا كانت تصح هذه النقطة لنبدأ منها من أجل حلحلة الازمة”. وعن الازمة الحكومية، قال: “هذا الموضوع مسار آخر وهو منذ فترة واسبابه معروفة هل ستزول هذه الاسباب قريباً ام لا، لكن ما يهمنا في هذا الموضوع التركيز على هذه الازمة وكيفية نزع فتيلها كي لا تتحول الى رصيد اضافي في تراكمات سابقة سلبية تعيق اي تقدم في المستقبل بين الطرفين”. وختم: “إلتقيت قيادات لبنان الرسمية ولم اسمع منهم ان المطلوب من السعودية اعتذار، هذا امر ربما يقال من مسؤولين ادنى وغير رسميين ومن الاعلام الله اعلم، لكن انا ملتزم باللقاء مع الرؤساء الثلاثة وفي اللقاء معهم جميعاً كان تأكيد على اهمية العلاقة مع المملكة العربية السعودية واحترامها، والرغبة في استعادة العلاقات الطيبة واستعادة الحوار والتعاون، هذا ما استمعت اليه”.
في “الخارجية”
وبعد زيارته وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب كرر زكي التأكيد على هدف الزيارة، مبدياً اعتقاده بأن “المسألة بالنسبة لمتابعيها واضحة جداً، ما يجب القيام به من اجل البدء في معالجة الازمة الحالية هو واضح ويجب علينا جميعاً ان نستمر في العمل الجاد، لأن العلاقة بين لبنان ودول الخليج هي علاقة قديمة، وبين لبنان والمملكة السعودية علاقة قديمة وراسخة ومهمة للطرفين، وبالتأكيد مهمة للبنان ونسعى الى ان تستعيد هذه العلاقة زخمها وحيويتها القديمة، لكن طبعاً هذا الامر يحتاج الى عمل وجهد نأمل ان يؤمنه الجميع ويسعى الى تحقيقه.
وردّاً على سؤال قال زكي: ان المسألة هي أبعد من توصيف للحرب وما قيل كان موقفاً متكاملاً من الوضع في اليمن، وما قيل رأى فيه الاخوة في المملكة السعودية إساءة، وبالتأكيد هو أمر يخرج عن القرارات العربية في شأن الوضع في اليمن وبالتالي الحديث عن ان المسألة بسيطة، كلا هي ليست كذلك، المسألة هي ابعد وأهم من ان تُعامَل بشكل فيه استخفاف. الوضع كله يحتاج الى استمرار الجهود ونأمل ان تذهب الامور في الاتجاه السليم.