زكي يفضح «العجز» العربي: مطالبة لبنان «بحسن النيّة» ولا مقابل سعودي! ميقاتي المتوجس من «التصعيد» يتدخل لخفض «سقف» نصرالله ضد المملكة «شرشحة» قضائية في ملف المرفأ واقتراح لبناني جديد في ملف «الترسيم»؟

ابراهيم ناصرالدين-الديار

 

لم يحمل الأمين العام المساعد للجامعة العربية حسام زكي جديدا من بيروت وغادر دون اي «خارطة طريق» في ملف الازمة المفتعلة سعوديا مع لبنان، بعدما تبين انه لم يحمل اي مبادرة، وكرر كلاما سابقا لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي حول إقالة وزير الاعلام جورج قرداحي كمدخل للتسوية، دون تقديم اي ضمانات بان تلاقي خطوة «الاذعان اللبنانية» اي رد فعل ايجابي من قبل الرياض ودول الخليج. طبعا لم ينس زكي تقديم «مضبطة اتهام» سعودية حول تدخل حزب الله في اليمن، وخرج بانطباع كان قد وصل معه قبل زيارته بيروت، بان «الحل والربط» في هذه الاتهمات لا تملكه اي من الجهات الرسمية اللبنانية العاجزة عن تقديم اي شيء للسعوديين غير «الاستجداء».

وفي هذا الاطار ثمة انتظار «ثقيل» من قبل جهات داخلية وخارجية لكلمة الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله يوم الخميس المقبل حيث ستكون له مواقف واضحة وعالية السقف ازاء الرياض المطالبة «بالاعتذار» من الشعب اللبناني، وليس العكس، بحسب مصادر مقربة من حزب الله، اكدت ان رئيس الحكومة يعمل على «مدار الساعة» لتليين مواقف نصرالله واقناعه دون الذهاب بعيدا في التصعيد في ظل مناخ تهديدي باجراءات سعودية تصعيدية مرتقبة تبحث فقط عن «ذريعة»، متمنيا عدم احراجه اكثر في هذا الملف. وفي الانتظار، انتقل الاهتراء السياسي، والامني، والاقتصادي في البلاد الى الجسم القضائي حيث تتوالى «الشرشحة» القانونية بين اطراف النزاع في قضية تفجير المرفأ، وبات الصراع «الطائفي» السياسي بين القضاة على «عينك يا تاجر»، والنتيجة تجميد التحقيقات في جريمة المرفا. اما واشنطن المستعجلة لاقفال ملف الترسيم البحري عبر التهديد بوقف الوساطة فتنتظر من الجانب اللبناني اجوبة واضحة حول خطوط «الترسيم» قبل نهاية الجاري، وعلمت «الديار» ان ثمة اقتراح لبناني جديد سيوضع على «الطاولة» يقوم على التخلي عن المطالبة بالحقوق المشروعة في «بئر كاريش» الواقع ضمن الخط 29 مقابل الحصول على حقوق التنقيب في «بئر قانا» دون اشراك اسرائيل به، لكن تبقى الثغرة الوحيدة لدى المفاوض اللبناني غياب الاستراتيجية البديلة لمواجهة الرفض الاميركي – الاسرائيلي المفترض للاقتراح…؟

زكي ومبادرة «حسن النية»؟
اذا لا تزال الازمة الفتعلة سعوديا مع لبنان في دائرة المراوحة، وبانتظار دخول «الوساطة» القطرية المرتقبة على «الخط» الاسبوع المقبل، لم يقدم الأمين العام المساعد للجامعة العربية حسام زكي، اي مبادرة يمكن التعويل عليها لايجاد تسوية لازمة تتجاوز قدرة المسؤولين اللبنانيين على حلها، كونها ترتبط بفشل التفاوض الايراني – السعودي في بغداد، وليس بتصريحات وزير الاعلام اللبناني جورج قرداحي، وعلى الرغم من ادراك زكي لهذه المعضلة فقد اعاد طرح موضوع الاستقالة او الاقالة باعتبار ان لبنان معني بتقديم بادرة «حسن نية» للسعوديين، وبعدما تبلغ تمسك قرداحي بموقفه، طرح اقالته ولفت الى امكانية تصويت الوزراء المحسوبون على حزب الله وحركة أمل ضد إقالته في مجلس الوزراء، وذلك لعدم «احراجهم»، لكنه فهم ان الامور باتت اكثر تعقيدا، ولا يمكن حصول ذلك «بسذاجة»، فثمة جهات لبنانية متمسكة بعدم الاقدام على هذه الخطوة دون مقابل جدي وملموس من السعودية، فيما لا يقبل آخرون بمبدأ الاستقالة اصلا، وعلى الرغم من ان موقفي الرئيس ميشال عون ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي مع تقديم قرداحي لاستقالته «كمدخل» للحوار او التسوية، لكنهما غير قادرين على فرض وجهتي نظرهما؟!

لا ضمانات سعودية!
ووفقا لمصادر مطلعة، سال زكي الرؤساء الثلاثة ماذا تقترحون من حلول؟ ولم يحمل معه اي طرح جدي، بل ظل يكرّر لازمة ضرورة استقالة قرداحي، وبعدها يمكن الحديث عن كيفية الخروج من الازمة، وهو رفض تقديم ضمانات لتراجع الرياض عن خطواتها حيال لبنان بعد الاستقالة، ملمحا الى وجود تصعيد سعودي «خطير» اذا لم تعالج الازمة، لكن زكي لم يحمل اي تهديد بترحيل اللبنانيين من السعودية، لكنه لمس غياب اي «خارطة طريق» لدى المسؤولين اللبنانيين حيال الخروج من الازمة الراهنة، بل سمع مجرد آراء متعددة، وقال لهم لا يمكن الاستمرار بالمراوحة، وعليكم التحرك بسرعة، «ساعدونا لنساعدكم». في المقابل»صدم» المسؤولون اللبنانيون بغياب اي «مبادرة» عربية وانما تكرار للاتهامات السعودية بمشاركة حزب الله بحرب اليمن، وتقديم التدريب والاسلحة النوعية لانصار الله لحسم معركة مأرب، مع تكرار الدعوة الى ضرورة توقف هذا «التدخل» لانه يضر بالمصالح اللبنانية.!

ميقاتي ونصرالله
في هذا الوقت، علمت «الديار» ان ثمة ترقب كبير لكلمة الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله يوم الخميس المقبل في ذكرى احياء «يوم الشهيد»، وفيما تشير المعطيات الى عدم وجود نيّة «لمهادنة» السعودية ردّا على افتعالها للازمات ضد لبنان، سعى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي من خلال اتصالات اجراها مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، ومع»القناة» المعتمدة من قبل الحزب مع «السراي»، الحاج حسين خليل، الى محاولة «ضبط» التصعيد وتخفيف لهجة خطاب نصرالله، متخوفا من رد سعودي كبير على اي مواقف حادة ستحرجه للغاية وتنقل الازمة الى مرحلة اكثر خطورة.

جولة زكي «المكوكية»
وكان زكي، قال من بعبدا انه إذا احتاج الأمر إلى زيارة السعودية فسيقوم بها، فيما أكد رئيس الجمهورية ميشال عون، حرص لبنان على «أفضل العلاقات مع الدول العربية ولا سيّما السعودية ودول الخليج»، داعياً إلى «الفصل بين مواقف الدولة اللبنانية وما يصدر عن أفراد أو جماعات خصوصاً إذا ما كانوا خارج مواقع المسؤولية، معتبراً أن «معالجة ما حدث مؤخراً يجب أن يكون من خلال حوار صادق بين البلدين. وبعد لقائه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، اكد زكي أن «الحوار قائم قبل هذه الزيارة، ووجدنا ثقباً في الباب نستطيع أن نمرّ منه. من جهته أكد ميقاتي أن لبنان ملتزم بكل قرارات جامعة الدول العربية تجاه الأزمة اليمنية، وفي مؤتمر صحافي مشترك، جمعه بوزير الخارجية عبدالله بو حبيب، أكد زكي أن «المسألة ليست بسيطة، وأبعد من توصيف وزير لما يحصل في اليمن، وإثر لقائه بري، قال زكي «معلوم منذ اللحظة الأولى أن مسألة الاستقالة كان يُمكن أن تنزع فتيل الأزمة»، واضاف» هناك مسار أبعد مدى لإشكالات أخرى موجودة بين الطرفين لا أحد يتعامل معها، دعونا نحل وننزع فتيل هذه الأزمة أولاً، لنرى إمكانية بوادر حسن نوايا بين الطرفين تمهد لأن ندخل المسار الأصعب والأكثر تعقيداً وهو المسار الخاص بمعالجة تراكمات العلاقة».

«الشرشحة» القضائية
في هذا الوقت، وصلت «الشرشحة» القضائية في ملف تفجير مرفأ بيروت، الى مرحلة خطيرة غير مسبوقة، وباتت التحقيقات مجمدة بعدما شهدت «العدلية» تراشقا في الدعاوى والدعاوى المضادة بين المتضررين والمدعى عليهم، والنتيجة انقسام خطير في الجسم القضائي سياسيا وطائفيا، تكرس على نحو فاضح بعدما فشل رئيس مجلس القضاء الاعلى القاضي سهيل عبود في رأب الصدع بين القضاة في اجتماعين للهيئة العامة لمحكمة التمييز، ومجلس القضاء الاعلى.

«تراشق» قضائي
وقد انتهى نهار التراشق بالدعاوى بقبول القاضي نسيب ايليا دعوى رد القاضي حبيب مزهر عن الملف وهو سيتبلغ اليوم بالقرار، وسيضطر الى وقف كل اجراءاته بالملف، وكان المحامون المنضوون ضمن «تجمع متحدون»، تقدموا يوم الجمعة بدعوى أمام الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف في بيروت حبيب رزق الله، طالبوا فيها بتنحية القاضي مزهر، عن النظر بدعوى رد البيطار. وأكد هؤلاء أن مزهر يقف بمكان الخصومة مع البيطار، بدليل أنه اتخذ داخل مجلس القضاء الأعلى موقفاً حاداً ضد البيطار، ودعا لتنحيته المحقق العدلي عن ملف المرفأ، خصوصاً بعد أحداث الطيونة. كذلك تقدم محامو الإدعاء عن الضحايا الأجانب في إنفجار المرفأ بشكويين لدى هيئة التفتيش القضائي ومجلس القضاء الأعلى بحق القاضي حبيب مزهر، كما تقدمت نقابة المحامين بمراجعة لمحكمة الإستئناف المدنية للتأكيد على أن وضع القاضي مزهر يده على ملف رد القاضي البيطار مسألة غير قانونية. وكان رئيس الغرفة 15 في محكمة الاستئناف القاضي مزهر طلب من المحقق العدلي القاضي طارق البيطار، تجميد التحقيق في القضية وإيداعه الملف كاملاً، ما اثار نزاعاً قانونياً وسياسيا، ويشكو المعترضون على خطوة مزهر من أنه «تمادى في توسيع مهامه»، وحول نفسه قيماً على الملف وباشر إجراءات تبليغ البيطار بمضمون الدعوى في منزله رافضاً انتظار عودته إلى مكتبه، بهدف وقف التحقيق برمته.

دعوى مضادة
في المقابل، تقدّم وكيل الوزير السابق يوسف فنيانوس بدعوى ردّ القاضية روزين الحجيلي، المستشارة في محكمة الاستئناف في بيروت الناظرة في دعوى ردّ القاضي طارق البيطار، والتي يرأسها بالتكليف القاضي حبيب مزهر بدلاً عن القاضي نسيب ايليا، كما تم تقديم دعوى مخاصمة الدولة عن قضاة من جانب وكيل زعيتر وخليل أمام محكمة التمييز المدنية بحق القاضية جانيت حنا والمستشارين القاضيين نويل كرباج وجوزيف عجاقة وذلك لأنها رفضت إبلاغ البيطار والخصوم بدعوى رد خليل وزعيتر واعتبرت أنها ليست صاحبة الصلاحية.

«امل» تساند مزهر
وفي موقف عالي السقف، استغرب المكتب السياسي لحركة أمل، الحملة المبرمجة والمعروفة الأهداف والغايات على القاضي حبيب مزهر، وقالت انها تُظهر بوضوح ازدواجية المعايير في التعاطي مع القضاة وفقاً لمصالح بعض الفئات»، معتبراً أن «هذا الأمر لا يمكن أن يكون سبيلاً إلى العدالة والحقيقة».

في هذا الوقت، نفت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي ـ شعبة العلاقات العامة، رفض المدير العام لقوى الأمن الداخلي، اللواء عماد عثمان، رفض تعميم مذكّرة توقيف صادرة بحق النائب علي حسن خليل، وأوضحت، أن «المدير العام أرسل استيضاحاً إلى المحامي العام لدى المجلس العدلي، عن النص الدستوريّ في مادّته الأربعين، التي لا تجيز توقيف النائب أثناء دور انعقاد مجلس النواب، ليُصار من قِبل الجهة القضائية المعنيّة، التأكيد على الطلب من عدمه، حرصاً منا على تطبيق النصوص الدستورية والقانونية».

ملف «الترسيم» الى اين؟
ووسط هذه الفوضى، زخمت واشنطن تحركها على خط مفاوضات ترسيم الحدود البحرية، وبعد ساعات على نقل موقع «والا» الإخباري عن مسؤولين إسرائيليين مطّلعين بأنّ الوسيط الأميركي بين إسرائيل ولبنان في المفاوضات حول الحدود البحرية، عاموس هوكشتاين، هدد بانه سينسحب من الوساطة في حال لم يتم التوصّل إلى اتفاق قبل الانتخابات في لبنان، اشارت مصادر معنية بالملف في بيروت الى ان المسؤولين اللبنانيين تبلغوا من واشنطن ضرورة حسم موقفهم قبل نهاية الجاري لان ادارة الرئيس بايدن مستعجلة لانجاز التسوية دون العودة الى مفاوضات الناقورة، بل سيسعى «الوسيط» للحصول على اجوبة خلال زيارته المرتقبة قريبا الى لبنان، وهو سيحمل معه تصورا اسرائيليا نهائيا بعدما التقى مع وزيرة الطاقة الاسرائيلية كارين الهرار ومجموعة من المسؤولين في وزارة الطاقة والخارجية والجهاز الامني.

طرح لبناني جديد
وبحسب تلك المصادر، اذا كانت الاولوية بالنسبة لواشنطن تامين المصالح الاسرائيلية، فانه لم يعد كافيا التلويح اللبناني «بورقة» الخط 29 دون تقديمها رسميا الى الامم المتحدة، لان الجانب الاسرائيلي والاميركي يراهنان على تراجع المفاوض اللبناني، لانهما يعتقدان ان موقفه لا يزال حتى الان في سياق «المناورة» ولم يتحول الى موقف صلب بسبب الانقسامات السياسية الحادة في البلاد. وعلم في هذا الاطار، الجانب اللبناني سيعرض على الوسيط الاميركي طرحا جديدا يرتكز الى رسم خط جديد ما بعد حقل قانا، بحيث تحصل اسرائيل على حقل كاريش، ويستفيد لبنان من حقل قانا وحيدا، فيما يريد الاميركيون تقاسمه بين لبنان واسرائيل.

لكن ماذا لو رفض الاميركيون الاقتراح؟ حتى الان، تؤكد تلك الاوساط ان الجانب اللبناني لا يملك استراتيجية بديلة ولم يحصل اجماع حتى الان على مواجهة الرفض الاسرائيلي – الاميركي بالذهاب الى الامم المتحدة لتعديل الحدود وفق الخط 29 مع العلم ان المصلحة اللبنانية تقضي بان يسرع لبنان بتثبيت حقه قبل مطلع العام المقبل موعد تنفيذ شركتا «انيرجيان» و»هاليبرتون» البدء بالتنقيب في حقل «كاريش» والتوجه الى الامم المتحدة بات ضروريا لوقف اعمال التنقيب.

اسرائيل في «مأزق»
اما لماذا يجب ان يكون الموقف اللبناني صلبا، فتشير اوساط مطلعة الى ان مناورات جيش الاحتلال استعداداً لأي حرب مقبلة مع حزب الله، دليل ضعف لا قوة، وتلفت الى ما نقلته وسائل إعلام إسرائيلية عن اللواء في الاحتياط، إسحاق بريك الذي إنّ الجيش الإسرائيلي غير جاهز لحرب متعددة الساحات، وإنّ إسرائيل في طريقها إلى الضياع، واي حرب ستعيدها عشرات السنين إلى الوراء، لان الحرب المتعددة الساحات المتوقعة، ستُطلق فيها آلاف الصواريخ والقذائف الصاروخية والطائرات المسيرة يومياً على الجبهة الداخلية الإسرائيلية، وستدمّر كل ما هو جيد،واعتبر اللواء في قوات الاحتياط الإسرائيلية أنّه «لا يمكن بناء جيش منتصر على العناصر المتداعية والمتفككة للجيش الإسرائيلي»…!

Exit mobile version