حزب الله” يُبلغ رسائله إلى هوكشتاين
“ليبانون ديبايت” – عبدالله قمح
تصرّ الولايات المتحدة الأميركية على ضرورة إنجازٍ سريع لملف ترسيم الحدود البحرية الجنوبية مع العدو الإسرائيلي وفق “رؤية عاموس (هوكشتاين)”، وسيطها الجديد في الملف، والديبلوماسي الأميركي الحامل للجنسية الإسرائيلية، وأحد كبار مستشاري الرئيس الأميركي جو بايدن لشؤون الطاقة، لذلك، تؤازر اليوم القوى العاملة على المحافظة على بقاء الحكومة اللبنانية وديمومتها.
سواء الداخل أو الخارج، فهم مقتضى الدعم الأميركي للحكومة: ملف الترسيم والإستثمار في مجال الطاقة. وليس سراً أن البعض بدأ يُردّد في الداخل أن “الفيتو” الأميركي على إسقاط الحكومة يمثّل خطاً أحمراً بالنسبة إلى الآخرين، ولا يُمكن تجاوزه بسهولة، وهي من المرات النادرة التي يتقاطع فيها كل من “حزب الله” وحلفاؤه والولايات المتحدة، على صون حكومة لم يعد الخليج يرضاها. بهذا المعنى ينشط رئيس الحكومة نجيب ميقاتي اليوم، طامعاً في تجميع عناصر قوة أكثر لاستخدامها في “التحشيد” على نية دعم حكومته، وبنفس المعنى لن تبلغ الرياض مداها في حسم “الأزمة مع لبنان” طالما أن واشنطن لديها حسابات أخرى، نفطية ـ غازية، وهو ما يعمل البعض على محاولة استغلاله من أجل إنضاج ظروف حلٍّ ما وفق رؤية معينة مع دول الخليج من خلال دعم غربي.
تأسيساً على ذلك، استأنفت واشنطن إطارها الباحث عن “خرقٍ” في مجال إيجاد اتفاق نهائي حول ترسيم الحدود البحرية، وبعثت بـ”عاموس هوكشتاين” إلى تل أبيب لاستئناف وساطته التي دشّنها من بيروت. مصادر متابعة في العاصمة اللبنانية، أكدت لـ”ليبانون ديبايت” أن زيارة عاموس هوكشتاين إلى تل أبيب مرتبطة بما سبق وقدمه في بيروت. وللعلم، الرجل يحمل طرحاً يقضي بالإستعاضة عن جلسات التفاوض العسكرية – التقنية غير المباشرة في الناقورة بـ”آلية جوالة” تحصر النقاشات عبره، بمعنى أن يتولّى تبادل الرسائل بين الجانبين وربط فكرة الحلّ به شخصياً، بشرط مناقشتها من الجهات المعنية لدى الجانبين. هذا الطرح، يجول “هوكشتاين” لترويجه في تل أبيب اليوم. وبحسب المعلومات المتوفّرة من هناك، يبدو أن الجانب الإسرائيلي يبحث “العرض” باهتمام، وقد نقل عن وزيرة الطاقة الإسرائيلية كارين الحرار، إبلاغها هوكشتاين أن “أهمّ قضية بالنسبة إليها هي حماية أمن إسرائيل ومصالحها”. ولوحظَ أن المبعوث الأميركي/الإسرائيلي لم يقدّم أي موقف مكافياً بالاستماع كحال ما فعل في بيروت، رغم أن عبارة من هذا الطراز قد تسبّب “حساسية” لدى الأفرقاء اللبنانيين وقذ يبعث بخشية لديهم من أن يكون هوكشتاين يعمل على تكريس “مصلحة إسرائيل” مقابل مصلحة لبنان.
المصادر في بيروت، تستدلّ في تحليل ما يجري في داخل فلسطين المحتلة بما سمعه هوكشتاين إبّان زيارته إلى بيروت. الجانب اللبناني أبدى استعداده حينها للعودة المباحثات من جديد أي من نقطة الصفر، وقد أبلغ هوكشتاين ثوابته المتصلة بالخط رقم 29 إستناداً إلى ما في حوزته من دراسات وأحكام، وليس آخرها قضية فضّ محكمة العدل الدولية للنزاع الحدودي بين الصومال وكينيا، والذي أعطى الحقّ للأولى، مُسقطاً ذريعة التأثير الكامل لصخرةٍ تشبه “تخليت” الراسية عرض المياه، والتي يدّعي العدو بأنها جزيرة قائمة بحدّ ذاتها. وتعتقد المصادر في بيروت، أن “هوكشتاين” اقتنع إلى حدٍ ما بوجهة النظر اللبنانية. وكما هو واضح يعمل على مسعى لإنجاز حل يرى ألا مفرَّ منه لتحرير عمل الشركات والبدء بجني الأرباح. ويقول في فلسطين المحتلة، أنه عازم على الوصول إلى الحب المنشود في مهلة أقصاها قبل حلول موعد فتح صناديق الإقتراع اللبنانية (كما نقل موقع “والا” العبري)، وهو موقف تقرأه الأوساط اللبنانية على أنه “محفّز للشروع في النقاش، وأن الجانب اللبناني لا يعترض عليه”. وعلى هذا الأساس، تنتظر بيروت عودة عاموس هوكشتاين مرّةً جديدة لإبلاغها نتائج ما توصّل إليه على المستوى الإسرائيلي. ولا تخفي أوساط معنية، ارتفاع حظوظ “رؤية هوكشتاين” أو “مسار هوكشتاين” مقارنة بـ”مسار الناقورة” الذي بات عملياً في حكم الساقط، رغم أنه كرّس حقوق لبنان في عرض البحر. وتفيد معلومات، بأن الجانب اللبناني يريد أن يضمن “حقل قانا” بالكامل له، وفي حال بلغ هذا المكان، يعني أنه نال أكثر مما طرحت الدولة سابقاً، أي أكثر من “خط هوف” بأشواط، وأبعد من “الخط23″ وأقلّ بمسافة قصيرة من الخط 29، وهي قاعدة يمكن اختصارها بـ”كاريش لليهود وقانا للبنانيين”.
وقبيل عودة هوكشتاين إلى بيروت وبالتوازي مع وجوده في تل أبيب ، خرق المشهد دخولٌ “عنيف” من جانب “حزب الله” على خط الأزمة للمرة الأولى من خلال إطلاقه “صلية مصورة” أوحت بموقف حاسم وحازم من جانبه، تقرأ أوساط من خلاله، أنه “مفيد لتشديد أواصر المواقف اللبنانية”. مشهد الفيديو المتداول والمترجم إلى اللغتين العبرية والإنكليزية والذي تضمّن مقتطفات مصورة لإطلاق صواريخ برّ ـ بحر، ذخّر وسلّح بمواقف واضحة كان الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله، قد أطلقها سابقاً تحت عنوان: “إذا كان العدو يريد أن يتصرف كما يشاء في المنطقة المتنازع عليها قبل حسم هذا النزاع هو مشتبه ومخطئ. المقاومة في الوقت المناسب، وعندما تجد أن نفط وغاز لبنان في دائرة الخطر، ستتصرف على هذا الأساس، وهي قادرة أن تتصرف على هذا الأساس.
وفي حال ربط التصريح بمحتوى الفيديو، تكون الرسالة ذات ثقلٍ ناري نوعي يفيد في تقديم وتدعيم الموقف اللبناني الرسمي، ويُظهر القاعدة التكوينية المازجة بين العنصر التفاوضي والعنصر العسكري تحت هدف واحد: حماية حقوق لبنان الغازية والنفطية. ولا ريب أن تلك الرسالة ستطال أصداؤها عمق المنطقة المحتلة وشركة “إنرجين” التي تنقّب في حقل “كاريش” المتنازع عليه، سيما وأن العدو الاسرائيلي يخشى دخول الحزب على خط ملف النزاع البحري تبعاً لقدرته، ولعدم رغبته في تحويلها إلى “مزارع شبعا 2” كلفتها “تهشيل” الشركات المنقّبة عن النفط التي استقدمها العدو من أجل البدء بالإستخراج. دخول “حزب الله” على الخط وعدم إيجاد حل للأزمة، يعتبره العدو الاسرائيلي خسارةً نوعيةً له. تأسيساً على ذلك، تعتقد المصادر في بيروت، أن “الحلّ الذي يحيكه هوكشتاين حالياً مدعوماً بورقة القوة، قابلٌ للنضوج أكثر من أي وقت مضى” رغم أنها تُبدي حرصاً شديداً يشوبه الحذر”. أما العبرة فتبقى بالخواتيم.
حزب الله" يُبلغ رسائله إلى هوكشتاينhttps://t.co/rgpUplO5sF pic.twitter.com/xZHJPxls5O
— Lebanon Debate (@lebanondebate) November 9, 2021