أعلنت خلية الاعلام الامني العراقي في الساعات الاولى من فجر اليوم الاحد عن محاولة اغتيال رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، وقالت وزراة الداخلية ان المحاولة نفذّت بثلاث طائرات مسيرة مخفخخة استطاعت قوات الحماية الأمنية للرئيس اسقاط اثنتين منها فيما أصابت الثالثة مقرّ إقامة الكاظمي في المنطقة الخضراء في العاصمة بغداد مخلّفةً أضراراً مادية، وباشرت السلطات العراقية المعنية فتح تحقيق حول ملابسات العملية، وفي آخر تصريحات المتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية اللواء يحيى رسول “أن الطائرات انطلقت من جنوب شرق بغداد”، فيما يُتابع التحقيق للوصول الى المنفذّين.
وتأتي محاولة الاغتيال في مرحلة سياسية وأمنية حسّاسة جداً يعيشها العراق بعد الانتخابات النيابية التي حصلت الشهر الماضي وعلى إثر نتائجها نصب العراقيون خيم التظاهر في ساحة التحرير في بغداد احتجاجاً على نتائج الانتخابات المزوّرة بسبب أيادي تدخّلٍ أمريكية بريطانية إماراتية تلاعبت بأصوات الناخبيين لحرف المشهد العراقي نحو مشروعها.
واذ تُجمع أوساط التحليل العراقي وقيادات الفصائل ان هذه المحاولة تشوبها بصمات الولايات المتحدة وأدواتها، ولذلك العديد من المؤشرات، يمكن تلخيص أهمها في بعض النقاط:
_ أولاً، ان محاولة إغتيال الكاظمي تأتي بعد يوم واحد فقط على الجرائم المرتكبة بحق المتظاهرين المدنيين السلميين في ساحة التحرير حيث أطلقت قوات الامن العراقي الرصاص الحي على المتظاهرين وأوقعت شهيداً وأكثر من 125 إصابة كما أقدمت على حرق الخيم. ما يؤكد رغبة أمريكية في طمس هذه الجريمة لإخراج الكاظمي من هذا المأزق وإظهاره بصورة “الضحية”.
_ ثانياً، يبدو ان الولايات المتحدة تحاول صرف الأنظار عن مطالب المتظاهريين السلميين واستبعاد طرح إعادة الفرز اليدوي للأصوات، كما خلط الأوراق السياسية لتشتيت تشكيل الكتلة النياية الأكبر في البرلمان والتي تكون داعمة للحشد الشعبي وفصائل المقاومة حتى تتمكن من التسلّل الى المجلس النيابي بأدواتها لأجل فرض أجندات غربية على العراق.
_ ثالثاً، تتكثّف مساعي واشنطن بخلق فوضى في الشارع العراقي وتقسيمه طائفياً للتلاعب بسلمه الأهلي والزّجّ به في “فخ الفتنة”، وتقليب الشعب والبيئة الحاضنة لتصوّب أصابع الاتهام على الحشد الشعبي وسلاحه وتحميله مسؤولية التوترات الأمنية و”عرقلة البلاد”، وخاصة لناحية استخدام المسيرات التي تتدعي الاوساط الامريكية ان المقاومة وإيران هي من تمتلكها.
_ رابعاً، ان اختلاق هذا الجوّ من الفوضى سيعطي الذريعة لبقاء القوات الأجنبية في الأراضي العراقية، على الرغم من ادعاءات واشنطن سحب قواتها آخر العام الحالي، كما حجّة للتدخّل الدولي.
_ خامساً، تمتلك السفارة الامريكية في المنطقة الخضراء منظومة C-RAM، تعتمد على رشاش دوار سداسي السبطانة من نوع M-61عيار 20 ملم، ويبلغ مداها الفعّال 3500 متر وتتفاعل هذه المنظومة عند دخول “الهدف” مدى 5000 متر وتفعّل الانذارات، كما ان رشاشاتها قادرة على إطلاق 4500 رصاصة بالدقيقة الواحدة، وتم تصميم المنظومة خصيصاً لمعالجة الصواريخ وقذائف الهاون والطائرات المسيرة. وحيث ان منزل الرئيس الكاظمي لا يبعد الا 1500 متر عن جدار السفارة، ما يطرح علامات استفهام جديّة حول الدور الامريكي في تعطيل المنظمومة ساعة الضربة أو أنها خصّصت للتصدي لهجمات من وجهة واحدة!
اذاً يبدو ان مزاعم انكفاء الولايات المتحدة عن الشرق الأوسط ليست الا بالتواجد الميداني العسكري او سيبقى مجرد ادعاء ظاهري، اذ ان واشنطن لا تنفك كونها خلف أي أحداث أمنية وسياسية تعصف في دول المنطقة!
الكاتب: غرفة التحرير