قرار فريق ٨ آذار: لا تراجعات على قاعدة “ما كتب قد كتب مع السعوديّة”
انبعاثات سلبيّة لأزمة قرداحي تُصيب العهد والتيّار وفرنجيّة
ابتسام شديد-الديار
لا تزال الأزمة مع السعودية على حالها من التخبط السلبي ، من دون قدرة الأطراف في الداخل على التعامل معها . فحكومة ميقاتي مزنرة بالألغام السياسية وعدم القدرة على العودة الى طاولة مجلس الوزراء، وليس واضحا بعد المخرج للحل او التسوية التي سيتم اعتمادها في قضية وزير الاعلام جورج قرداحي التي تركت تداعيات سلبية على القوى السياسية مهما كابرت.
فالعهد ورئيس الجمهورية مربكان مخافة ان تتطور العلاقة لتصبح أكثر سلبية مع المملكة العربية السعودية ، وعلى الرغم من ان الغضب السعودي موجه ضد فريق ٨ آذار وحزب الله بدرجة أولى والعهد والتيار الوطني الحر، الا ان الازمة مع السعودية تربك أطرافا أخرى حافظت على “ستاتيكو” معين مع السعودية في أحلك الأوقات والظروف، فرئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية المصنف من صقور ٨ آذار لم تتدهور علاقته عبر المراحل السياسية بالسعودية، وهو اليوم محرج بوصفه المرجعية السياسية لقرداحي، مما جعله في وضع لا يحسد عليه، فلا هو قادر على الذهاب بعيدا في التصعيد ضد دول الخليج مراعاة لمصالح اللبنانيين ومخاطر العزلة ، كما يدرك من جهة أخرى ان الذهاب في المواجهة سيرتب تداعيات خطيرة.
من المعروف ان فرنجية يقيم توازنا سياسيا معينا منذ فترة، فهو ورث عن الرئيس الراحل سليمان فرنجية علاقة جيدة ومقبولة مع السعودية ، رغم اختلاف النظرة السياسية والعلاقة التي تربط الأخير مع السوريين، فتدهور العلاقة بين ٨ آذار والمملكة عقب اغتيال الرئيس رفيق الحريري لم ينسحب على رئيس “المردة” مع استمرار التواصل وتبادل الرسائل السياسية وزيارة سفراء المملكة الى دارة فرنجية في بنشعي بشكل واضح ومتعمّد من قبل السعودية بين محور ٨ آذار و”تيار المردة”.
مع تفاعلات تصريح الوزير جورج قرداحي، وجد فرنجية نفسه محرجا، خصوصا انه حافظ على مسافة واضحة مع المملكة، فسارع الى بكركي ليضع الملف بين يد البطريرك بشارة الراعي ورمى كرة النار باتجاه رئاسة الجمهورية رافضا ان “يبيع الاستقالة للرئيس عون وتقديم فدية لأحد”، في محاولة لامتصاص النقمة وتوظيف القضية في الخلاف الداخلي،
وحتى الساعة لم تصدر اشارات سلبية موجهة تجاه بنشعي من المملكة ، لكن فرنجية لن يكون دائما بمنأى عن الانبعاثات السلبية اذا تتطورت الأمور أكثر نحو الأسوأ ، مما سيؤدي الى إرباك على الساحة الداخلية ستصيب الجميع ومنهم فرنجية الذي التزم النأي بالنفس في الكثير من الملفات الداخلية وابتعد عن الأضواء وصخب الخلافات لعدم الانزلاق في المشاكل والخلافات الداخلية، في حين كان غريمه السياسي النائب جبران باسيل يتخبط في الأزمات التي توالت منذ ١٧ تشرين وانفجار المرفأ .
أزمة تصريح قرداحي وضعت فرنجية امام خيارات معقدة ، فاستقالة وزيره تسدي خدمة مجانية للتيار الوطني الحر ، وتعتبر نكسة للمحور السياسي الذي ينتمي اليه، وهو المعروف بعلاقته الاستراتيجية والمحورية مع حزب الله، فعقب أحداث الطيونة خرج امينه العام السيد حسن نصرالله من سياق خطابه ليوجه رسالة الى الحليف في بنشعي بقوله”سليمان فرنجية وقف معنا في الإنتخابات الرئاسية وهذا موقف أخلاقي كبير جدا”. التذكير بتلك الواقعة من قبل السيد نصرالله قبل ١٢ شهرا من موعد الاستحقاق الرئاسي لم يكن عرضيا، بل يأتي في سياق التوترات الداخلية والمواجهة بين حزب الله و”القوات”، والتوتر غير المعلن عنه بين التيار وحزب الله على خلفية تحقيق المرفأ ودعم الأول للمحقق العدلي طارق البيطار .
يصعب التنبؤ بمستقبل ما سيؤول اليه ملف قرداحي، الا ان رئيس “المردة” ليس مرتاحا لتدهور العلاقة مع المملكة على هذا النحو، فهو حليف لحزب الله والنظام السوري، وفي الوقت نفسه ليس خصما لدول الخليج. فالعلاقة التاريخية بين عائلة فرنجية والخليج لم يعتريها شوائب على الرغم من الإختلاف السياسي بينهما ، حيث ان ترشيح فرنجية الى الإنتخابات الرئاسية لم يواجه اعتراضا سعوديا عكس ما كان قائما مع الرئيس ميشال عون ، فتطور الوضع سلبا يهدد حظوظ فرنجية الرئاسية مثلما تراجعت في السابق حظوظ النائب جبران باسيل الملاحق بالعقوبات الأميركية والذي صار “أعزلا”من تحالفاته السياسية..
مع ذلك لم تسجل الرادارات السياسية تراجعات من قبل فرق الثامن من آذار الذي يصر على الموقف القائل ان استقالة قرداحي لن تنتج حلا ، اذ يحتاج هذا الفريق الى ضمانات معينة وحيث ان الأزمة مع السعودية دخلت في عملية شد الحبال وصراع المحاور.