ملف مكافحة الارهاب في أوروبا ـ معايير تصنيف العمليات الارهابية والعناصر الخطرة

المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات ـ المانيا  و هولندا

ملف مكافحة الارهاب في أوروبا ـ معايير تصنيف العمليات الارهابية

شهدت الدول الأوروبية  سلسلة من الهجمات الإرهابية خلال العقد الأخير. وكشفت استخبارات الدول الأوروبية أن أغلب منفذي الهجمات الإرهابية لديهم سجل جنائي وأن منهم من تطرف داخل السجون الأوروبية. هذا مادفع الحكومات الأوروبية إلى أتهاذ إجراءات وتدابير كثير منها ربط  سجل الإرهاب بالسجل الجنائي.

تعريف الإرهاب     

الإرهاب : هو ترجمة الى التطرف العنيف ، ليتحول من أفكار الى أفعال ، الإرهاب هو اي عمل يهدف الى ترهيب أفراد او مجموعات بدوافع سياسية او ايدلوجية أو عرقية. لكن كيف يختلف الإرهاب عن التطرف؟  تقول استراتيجية مكافحة التطرف البريطانية  لعام 2015  وفق موقع الثقافة ضد التطرف: “التطرف هو المعارضة الصريحة أو النشطة للقيم الأساسية ، بما في ذلك الديمقراطية وسيادة القانون والحرية الفردية واحترام الأديان والمعتقدات المختلفة والتسامح معها” .  وتعتبر الدعوات إلى قتل أفراد من قوات حكومية نوع من انواع التطرف . إن إرتكاب الأعمال ، او ترهيب مجموعة أو أفراد بدوافع ايدلوجية متطرفة، يعني “ترجمة” التطرف الى أفعال.

الإرهاب: هو اي عمل مخطط مسبقًا أو محاولة فعل عنف كبير من قبل جهة فاعلة أو أكثر من غير الدول من أجل تعزيز قضية إيديولوجية أو اجتماعية أو دينية أو عرقية، أو إلحاق الضرر بالمعارضين المتصورين لهذه الأسباب. يمكن أن تشمل أعمال العنف الجسيمة التفجيرات أو استخدام أسلحة الدمار الشامل الأخرى ، والاغتيالات والقتل المستهدف ، وإطلاق النار ، وإشعال الحرائق والقنابل الحارقة ، والاختطاف وحالات أخذ الرهائن ، وفي بعض الحالات ، السطو المسلح. يتكون الإرهاب المحلي من أعمال أو محاولات لأعمال إرهابية يكون مرتكبوها مواطنين أو مقيمين دائمين في البلد الذي يقع فيه الفعل وليسوا أعضاء أو عملاء لمنظمات إرهابية أجنبية أو دولية.

معايير تصنيف العمليات الإرهابية في أوروبا-مكافحة الإرهاب

يرتكز تصنيف الهجمات في أوروبا ما إذا كانت إرهابية أم غير إرهابية على عدة معايير أبرزها

معيار الاعتراف : تبنى  تنظيم “داعش” العديد من الهجمات الإرهابية خلال العقد الأخير منها  هجمات باريس 2016 وضاحيتها الشمالية سان دوني، التي  شملت إطلاق نار جماعي وتفجيرات انتحارية واحتجاز رهائن، وأيضا عملية دهس “يوم الباستيل”.. كذلك سلسلة تفجيرات في مطار بروكسل ومحطة القطارات “مالبيك” في عام 2016. وفي ألمانيا تبنى “داعش” الهجوم الدامي في سوق عيد الميلاد بالعاصمة الألمانية برلين. وفي بريطانيا عام 2017أعلن داعش تبنيه علملية دهس على جسر وستمنستر في ساحة البرلمان و تفجير انتحاري في مدينة مانشستر البريطانية، ضرب إستاد “مانشيتر أرينا”. كذلك سلسلة هجمات في عاصمة إقليم كتالونيا الإسباني، مدينة برشلونة.

يؤكد منسق مكافحة الإرهاب في الاتحاد الأوروبي “جيل دي كيرشوف” في 17 يوليو 2021 إن تنظيم “داعش” “لم يعد لديه القدرة على إرسال الإرهابيين إلى الأراضي الأوروبية” بفضل “الإجراءات التي اتخذها التحالف الدولي”. “التهديد لا يزال معقدًا” بما في ذلك من خلال “جهات فاعلة منعزلة ، دون ارتباط مباشر بالمنظمة”.

الانتماء لجماعات وتنظيمات إرهابية 

أعلن الاتحاد الأوروبي في 18 أكتوبر 2021  تمديده فرض العقوبات ضد تنظيمي داعش والقاعدة حتى 31 تشرين أكتوبر 2022. موضحاً أن “الإجراءات التقييدية الحالية تستهدف تنظيمي داعش و القاعدة والأشخاص والجماعات والشركات والكيانات المرتبطة بهما”. ولطالما كرّر الاتحاد الأوروبي منذ سبتمبر 2016، أنه تمكّن من اعتماد تدابير تقييدية بشكل مستقل ضد تنظيمي داعش والقاعدة والأشخاص والجماعات والمشاريع والكيانات المرتبطة بهما.

يعتمد الاتحاد الأوروبي معايير لتصنيف الحماعات الإرهابية على مستوى الدول الأعضاء وفقا للموقف المشترك (CFSP) 2016/1693)  يحدد الأعمال التي تشكل أعمالا إرهابية لهذه الأغراض. عبر الحصول على معلومات دقيقة تشير إلى أن قرارًا قد تم اتخاذه من قبل الأجهزة الأمنية والاستخباراتية أو القضائية مختصة لإدراج الأشخاص والجماعات والكيانات  كجماعة إرهابية . كذلك الجماعات التي حدد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على أنها مرتبطة بالإرهاب والذين أمر بفرض عقوبات عليهم. فأي فرد أو جماعة تقوم بتنفيذ هجمات إرهابية داخل دول التكتل وتنتمي لجماعات تم إدراجها كتنظيم إرهابي يتم تصنيف العملية كعملية إرهابية.

معيار الدوافع

تتردد الحكومات الأوروبية في تصنيف الاعتداءات على أنه “إرهابية” وتنتظر إلى حين استكمال التحقيقات والحصول على بيانات ومعلومات والبحث في عدة معايير دفعت للاشتباه بوجود دوافع إرهابية، من بينها إفادات شهود العيان أثناء تنفيذ العملية  كذلك يبحث الإدعاء والمحققون على سجلات منفذ العملية الجنائية قبل التوصل إلى استنتاجات.
معايير تصنيف العناصر الخطرة-مكافحة الإرهاب

تعد الأجهزة الأمنية والاستخباراتية في أوروبا قوائم لأفراد وجماعات يفترض أنهم يشكلون خطرا على الأمن القومي فعلى سبيل المثال ففي فرنسا، تحتوي الـ”قائمة أس” أسماء أشخاص يشكلون خطرا على الأمن القومي الفرنسي يعود تاريخ إنشائها إلى العام 1969. ضمت حوالي نحو (400) ألف اسم يتوزعون على فئات اجتماعية وتوجهات سياسية مختلفة. من جميع شرائح المجتمع  المنتمون إلى اليمين المتطرف أو اليسار المتشدد وأضيف لهذه القائمة شريحة اجتماعية جديدة وهي المتطرفون دينيا وكل الذين يشكلون خطرا على الأمن الوطني. وإدراج شخص ما في هذه القائمة من قبل الأجهزة الأمنية لا يعني حتما وجوب توقيفه، بقدر ما يعني مراقبته بشكل مكثف للحيلولة دون تنفيذ أي هجمة أو اعتداء. حوالي (26) ألف ممن يرجح أنهم يشكلون خطرا على الأمن القومي الفرنسي هم حاليا ضمن “قائمة أس”. (10) آلاف منهم لأسباب تتعلق بالتطرف الديني، سواء عن طريق بعض المساجد المتطرفة أو عن طريق الإنترنت، أو داخل السجون.

طورت السلطات الألمانية نظام تصنيف معدل الخطر لدى المتطرفين أبرزها تطوير نظام (iTE) ـ رادار داعش ـ ويقسم من خلاله الخطرين إلى (3) أقسام خطورة مرتفعة باللون الأحمر، خطورة معتدلة باللون الأصفر، خطورة ملحوظة باللون البرتقالي. يشمل المقياس (73) سؤالا  من خلاله يتم تحديد الخطورها وأبرزها:

⦁ هل تلقى الشخص تدريبًا عسكريا؟
⦁ هل شارك في أنشطة جهادية بإحدى مناطق الصراع المختلفة؟
⦁ هل حاول الانتحار من قبل؟، وما هي درجة سلامة صحته العقلية؟
⦁ هل يمتلك سجل للسلوك العدواني والعنيف؟
⦁ هل يتعاون الشخص مع سلطات إنفاذ القانون بسلاسة أم لا؟
⦁ هل سبق سجنه وكم كانت الفترة وكيف مرت؟

ربط السجل الجنائي بسجل الإرهاب

أنشأت يوروجست سجلاً قضائيًا أوروبيًا لمكافحة الإرهاب لجمع المعلومات حول الإجراءات القضائية لمكافحة الإرهاب من جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وتحديد الروابط المحتملة. وتطوير استراتيجيات لمعالجة قضايا محددة ، مثل عودة المقاتلين الإرهابيين الأجانب إلى أوروبا. ومن خلال التعاون القضائي وبمساعدة يوروجست ، يمكن للسلطات الوطنية أيضًا ضمان دعم وحماية ضحايا الأعمال الإرهابية وضمان حقوقهم. باتت دول الاتحاد الأوروبي ملزمة منذ عام 2018 بإدراج بلاغ في “نظام شنغن للبيانات” لكل القضايا المرتبطة بالإرهاب للسماح بتوقيف الأشخاص الذين يشكّلون تهديداً عند الحدود.

أجرى “إدوين باكر”  بحثًا عن الإرهابيين الجهاديين في أوروبا ، خلص إلى أن حوالي (25%) من الإرهابيين الذين تم أخذ عيناتهم في دراسة عام 2006 لديهم سجل إجرامي. ارتكب العديد منهم جرائم لكنهم لم يقضوا عقوبة من أي نوع. وجدت دراسة حديثة أجرتها جمعية “هنري جاكسون” ، والتي ركزت بشكل صارم على تنظيم “داعش” ، أن (22%) من أولئك المرتبطين بأكثر من (30)  عملية إرهابية  في الغرب بين يوليو 2014 وأغسطس 2015 لديهم سجل إجرامي سابق. جيث تورط العديد من الإرهابيين في أشكال مختلفة من الإجرام قبل أن يصبحوا جهاديين ، بما في ذلك “عبد الحميد أباعود”، و”أحمد كوليبالي” ، و”محمد لحويج بوهليل”.

**

جهاديو أوروبا ـ كيفية فرز العناصر الخطرة

تسعى بعض دول القارة الأوروبية من ضمنها ألمانيا وفرنسا وبريطانيا جاهدة لإيجاد آليات ومعايير أكثر فاعلية لتصنيف العمليات الإرهابية وفرز العناصر الخطرة. سواء تلك المتواجدة على أراضيها أو من تحاول الدخول، ورغم صعوبة المهمة إلا أن هذه الدول اتخذت إجراءات وتدابير وقائية وقامت باستحداث قوانين وتشريعات جديدة لحسم المسألة. وبالتالي منح صلاحيات أكثر وأوسع لأجهز الأمن ووكالات الاستخبارات علها تنجح في الكشف المبكر عن الأشخاص الخطرين لتفادي أية نتيجة غير متوقعة مستقبلا .

ألمانيا

يقوم حوالي 500 محقق وأكاديمي مختص ومترجم ومحلل أمني منذ 2019 بالتحقيق في شؤون الإسلامويين ومراقبة المصنفين كـ”خطيرين” ومحاولة منع الهجمات. يرأس ” سفين كورنباخ” القسم الذي تم إنشاؤه حديثًا باسم “الإرهاب بدوافع إسلاموية” في مكتب الشرطة الجنائية الاتحادية. حيث يبلغ عدد المصنفين كـ”خطيرين” في مجال الإرهاب الإسلاموي 554 شخصاً، 90 منهم رهن الاحتجاز و 136 يعيشون خارج أوروبا.

كشفت تقارير استخباراتية ألمانية كذلك عن 527 شخصا ممن يوصفون بـ “ذوي صلة”، هؤلاء هم الأشخاص المقربين من الأشخاص “الخطيرين”، وتعتقد السلطات أنهم يقدمون الدعم اللوجستي في حالة وقوع أعمال إرهابية. ويعني ذلك أن عدد العناصر الخطرة في ألمانيا انخفض في خلال 2020 بنحو الربع مقارنة بـ 2019.

ذكرت الحكومة الاتحادية في 2020 أن هناك 679 شخصا مصنفا “خطرا” بدوافع دينية، وذلك في رد للحكومة على طلب استفسار مقدم من المجموعة البرلمانية للحزب الديمقراطي الحر “الليبرالي”. وحسب أحدث الإحصائيات في 2021 ارتفع عدد المتشددين الذين يُعتبرون خطرين في ألمانيا خمسة أضعاف منذ 2013، ليبلغ حاليًا 615 شخصا، وفق وزارة الداخلية الألمانية.

أفاد تقرير رسمي أن من بين الإسلامويين الذين تصنفهم السلطات الألمانية على أنهم خطيرون أمنياً، يشكل السوريون حالياً ولحد كبير أكبر مجموعة بعد الألمان. في حين أن نسبة الأفغان بين الإسلامويين المصنفين بأنهم يشكلون خطراً محتملاً، منخفضة نسبياً.

رصدت الشرطة الألمانية حتى 01 يوليو 2021 في مجال “الإيديولوجية الدينية” 330 فرداً من الخطيرين أمنياً، من بينهم 186 فرداً يحملون الجنسية الألمانية حصراً أو يحملون معها جنسية أخرى. كما يبلغ عدد السوريين بين 144 إسلاموياً أجنبياً 61 فرداً منهم مصنفين على أنهم خطيرون أمنياً ، يليهم العراقيون (17 فردا)، ثم مواطنون روس (13 فرداً)، و(11 فرداً) إسلاميون متطرفون من تركيا. ولم يتم التوصل إلى جنسية 08 أفراد و02 منهم بلا جنسية.

تصنيف “العناصر الخطرة” بموجب القوانين الألمانية

يُعتبر الشخص “خطرًا محتملاً” وفقًا لقانون الشرطة الفيدرالية الألماني، بتوفر “مؤشرات واقعية” على أنه سيرتكب جرائم كبرى في المستقبل القريب. بموجب قانون الإقامة، يمكن افتراض أن المواطن الأجنبي يشكل “تهديدًا إرهابيًا” “على أساس توقع قائم على الحقائق” ويتم ترحيله فورًا إذا ثبت عنه ذلك.
بغض النظر عن “الأشخاص الذين يحتمل أن يكونوا خطرين”، فهناك ” أشخاص ذوو صلة “- قادة ومؤيدون بالمعنى الأوسع، ينطبق عليهم نفس التنبؤ حول ما إذا كانوا يشكلون تهديدًا إرهابيًا أم لا. بينما لا يُفترض أن يكون هناك تداخل بين الفئتين، فالتمييز بينهما ليس سهلا لأن مصطلح “الشخص المعني” يشمل أيضًا أي شخص يمكن أن يرتكب جريمة خطيرة، تمامًا مثل “شخص يحتمل أن يكون خطيرًا”.

عرف في أواخر عام 2019،(752) شخصًا يحتمل أن يكونوا خطرين” و 778 “شخصًا معنيًا” للسلطات الفيدرالية. إذ يكون التعامل دائمًا مبنيا على أساس قرار تنبؤي من السلطات الأمنية ويتضمن قدرًا كبيرًا من عدم اليقين الواقعي فيما يتعلق بالأعمال الإرهابية المستقبلية. وبالتالي يكون التعامل في كل الأحوال مع “احتمالات معينة لارتكاب أعمال عنف.
معايير وأدوات التقييم المعياري للمخاطر في ألمانيا

لتجاوز إشكالية الحد من حالة عدم اليقين يستخدم مكتب الشرطة الجنائية الفيدرالية أداة تقييم المخاطر “التحليل القائم على القواعد للجناة المحتمل أن يكونوا خطرين لتقييم المخاطر الحادة” منذ عام 2017. هذه الأداة إذن تُمكِّن من إجراء تقييم معياري للمخاطر مرتبط بالشخص بواسطة الحساب الكمي والنوعي . بعد تعديل عام 2019 ، يخصص تقييم المخاطر هذا الأشخاص لمقياس مخاطر من مرحلتين: “مرتفع” و “متوسط”. اعتبارًا من 19 أغسطس 2019 ، تم تصنيف 497 شخصًا إما بمخاطر “عالية” (186) أو “متوسطة” (311). بسبب حالة عدم اليقين المتأصل في التنبؤ، فقد تم تصميم الأداة بحيث تكون “حساسة لحد ما” ولا يؤدي مجرد تصنيف الشخص على أنه شخص ذو مخاطر عالية إلى اتخاذ أي تدابير. بدلاً من ذلك ، تجري الشرطة تقييمًا لكل حالة على حدة في مرحلة ثانية، في إطار “تحليل مخاطر أولئك الذين يميلون إلى العمل بناءً على دوافع إسلامية”، والذي تم تطويره بين عامي 2017 و 2020. تتم مراجعة هذه التقييمات بانتظام.

يخضع كل عنصر خطر لتقييم السلطات الأمنية. وبناءًا عليه تُتخذ إجراءات مختلفة. وفي حالة التواصل مع العنصر الخطرة يتم إبلاغه بأن الشرطة تراقبه وتعتبر الوضع جديا. وحسب جهاز المخابرات فإن هناك حاجة لـ 25 حتى 30 شرطي لمراقبة شخص ما وبالتالي هي تُنفذ فقط في حالات متفرقة. فمثلا فيما يتعلق بالجاني في دريسدن فقد تم التخلي عن المراقبة المستمرة. و”عبد الله هـ.” أُطلق سراحه فقط قبل وقت قصير من ارتكاب جريمته. الذي أمضى فترة عقوبته وشارك في برنامج نبذ الراديكالية. لكن الشاب ظل راديكاليا وخطيرا، ولذلك وجب عليه يوميا المثول أمام الشرطة. وجهاز المخابرات وضع كاميرا خفية أمام مدخل شقته.

فرنسا

تبحث فرنسا باستمرار عن آليات فعالة لمكافحة الإرهاب والتطرف، كما تحاول كشف وتتبع العناصر الخطرة بداخلها، وبغية تحقيق هذا الهدف، فقد سعت في 28 أبريل 2021 ، نحو تشديد قوانين منع الإرهاب، بعد أيام من حادث طعن شرطية أسفر عن مقتلها بالقرب من باريس. وعقب اجتماع ترأسه الرئيس ” ماكرون” أكد رئيس الوزراء جان كاستكس، أن تهديد الإرهاب الإسلامي لا يزال مرتفعا للغاية. ورغم ذلك فالجرائم يرتكبها بشكل متزايد جناة منفردون ليسوا بالضرورة جزءًا من شبكات إرهابية منظمة وغير معروفين لأجهزة الأمن.
صرح كاستكس بأن مشروع القانون الذي وضعته وزارتا الداخلية والعدل قيد الإعداد، وبموجبه ستكون وكالات الاستخبارات أكثر قدرة على استخدام الخوارزميات لكشف وتعقب العناصر الخطرة عبر الإنترنت، وتوسيع نطاق مراقبة الأشخاص الذين كانوا في السجن بسبب جرائم الإرهاب. ووفقًا لوزير العدل “إريك دوبوند موريتي” سينطبق هذا الإجراء على أقل من 100 فرد في الوقت الحاضر.

يذكر أن وزير الداخلية الفرنسي “جيرالد دارمانين” قد أشار أن القانون سيساعد الأجهزة الأمنية على مواكبة التقنيات الجديدة، والتي يستخدمها الإرهابيون حاليًا، مشددا على أن هؤلاء العناصر من المجرمين يتواصلون بشكل أقل من خلال الرسائل النصية أو عبر الخطوط الأرضية، وستكون أجهزة المخابرات الفرنسية قادرة على أساس تجريبي على اعتراض الاتصالات عبر الأقمار الصناعية. ينتهي هذا الجزء من القانون في 31 يوليو 2025 ، لكن الحكومة ستقدم تقريرًا إلى البرلمان لتقييم هذا الإجراء قبل ستة أشهر على الأقل من هذا التاريخ.

النصوص القانونية

يقر القانون الجديد في فرنسا جملة من التدابير من أبرزها:
– قدرة المحافظين المحليين على إنشاء محيط حماية خاص بالأماكن أو الأحداث المعرضة بشكل خاص لهجوم إرهابي.
– قدرة الحكومة على إغلاق دور العبادة، أين قد يتم الترويج للإرهاب أو الكراهية أو التمييز، وكذا على وضع إجراءات مراقبة فردية ضد الذين يمثلون تهديدًا خطيرًا له صلة بالإرهاب.
– بإمكان المحافظين المحليين بإذن من القاضي إصدار أوامر لمسؤولي إنفاذ القانون بإجراء عمليات تفتيش في أي مكان عندما يكون هناك سبب جاد للاعتقاد بأن مشتبهًا بالإرهاب يتردد على ذلك المكان.

يخضع بموجب هذا القانون المدانون بالإرهاب المصنفين في خانة “العناصر الخطرة” بشكل خاص للإجراءات القضائية لإعادة تأهيل الإرهابيين ومنعهم من العودة للجريمة”. هذه التدابير إذن والتي ستقررها المحكمة في نهاية فترة السجن، يمكن أن تشمل واجب الإقامة في مكان معين، وحضور المقابلات مع القاضي، وحضور برامج الدعم الاجتماعية أو الصحية أو التعليمية…الخ، إذ لا يجوز الأمر بهذه الإجراءات إلا للأفراد المحكوم عليهم بالسجن لمدة 05 سنوات أو أكثر بسبب أعمال تتعلق بالإرهاب.

بريطانيا

وفق ما ذكرت وزيرة الداخلية البريطانية بريتي باتيل في 23 مايو 2021، شددت الحكومة البريطانية الرقابة على الوافدين إليها بوضع نظام رقمي، حيث تهدف الحكومة لجعل عبور الحدود رقمياً بالكامل بحلول نهاية 2025″. ولفتت وزارة الداخلية إلى أن القادمين بدون تأشيرة أو وضع هجرة سيتعين عليهم التقدم بطلب للحصول على تصريح سفر عبر الإنترنت. وتوقعت النظر في 30 مليون تصريح سفر سنوياً.

في نهاية أبريل 2021، كان هناك أكثر من 5,4 ملايين طلب تمت الموافقة على 4,9 ملايين منها، بحسب الوزارة، فيما كان عدد مواطني الاتحاد الأوروبي المقيمين في بريطانيا يُقدر سابقاً بـ 03 ملايين. وفي مارس 2021، قدمت الحكومة البريطانية كذلك إصلاحاً لنظام اللجوء الذي لم يعد يمنح حقوقاً متساوية للأفراد الذين دخلوا البلاد بشكل قانوني أو غير قانوني.
ينهي قانون مكافحة الإرهاب والأحكام الجديد (2021) تمامًا احتمالية الإفراج المبكر عن أي شخص مُدان بارتكاب جريمة إرهابية خطيرة ويُجبرهم على قضاء فترة عقوبتهم بأكملها في السجن. أخطر المجرمين – مثل أولئك الذين ثبتت إدانتهم بالتحضير لأعمال إرهابية أو تنفيذها، حيث فقدت الأرواح أو كانت معرضة للخطر – يواجهون ما لا يقل عن 14 عامًا في السجن وما يصل إلى 25 عامًا بموجب ترخيص ، مع إشراف أكثر صرامة. سيضع هذا التشريع الإرهابيين الخطرين وراء القضبان لفترة أطول للحفاظ على الأمن العام، كما يعزز الأدوات المتاحة لشرطة مكافحة الإرهاب والأجهزة الأمنية لإدارة المخاطر التي يشكلها مرتكبو الجرائم الإرهابية والأفراد الذين تعنى بهم خارج الحجز.

وهذا يشمل تدابير أقوى لمنع الإرهاب والتحقيق فيه وتسهيل تقديم الشرطة لأمر منع الجرائم الخطيرة في قضايا الإرهاب. على غرار توسيع قائمة تلك الجرائم التي يمكن تصنيفها على أنها مرتبطة بالإرهاب. وبالتالي تشغيل متطلبات إخطار الجاني الإرهابي المسجل – مما يعني أن المزيد من المجرمين سيُطلب منهم تزويد الشرطة بتحديثات منتظمة حول التغييرات التي تطرأ على ظروفهم ، كالعنوان الجديد أو عندما يخططون للسفر إلى الخارج.

يشمل مشروع القانون تدابير رئيسية وهي كما يلي

– تمديد الحكم على مرتكبي الجرائم الخطرين، من 14 عامًا وما يصل إلى 25 عامًا.
– إنهاء الإفراج المبكر عن أخطر المجرمين الذين يتلقون أحكامًا موسعة التحديد.
– زيادة العقوبة القصوى من 10 إلى 14 عامًا لعدد من الجرائم الإرهابية، بما في ذلك العضوية في منظمة محظورة.
– ضمان فترة لا تقل عن 12 شهرًا بموجب ترخيص لجميع مرتكبي جرائم الإرهاب بالإضافة إلى مطالبة المخالفين البالغين بإجراء اختبارات جهاز كشف الكذب.
– توسيع نطاق الجرائم التي يمكن تصنيفها على أنها مرتبطة بالإرهاب للتأكد من أنها تحمل عقوبات أكثر صرامة ، ويخضع الجناة لمتطلبات الإخطار بمجرم إرهابي مسجل بعد الإفراج.
– تعزيز أدوات التعطيل وإدارة المخاطر المتاحة لشرطة مكافحة الإرهاب وجهاز الأمن، من خلال تعزيز تدابير منع الإرهاب والتحقيق فيه ودعم استخدام أوامر منع الجرائم الخطيرة في قضايا الإرهاب.

**

محاربة التطرف في أوروبا ـ برامج الوقاية من التطرف

تعمل الحكومات الأوروبية على تبني استراتيجيات جديدة ، تهدف إلى الوقاية من الفكر التطرف بأشكاله المختلفة، وذلك من خلال برامج وقائية وحملات تشمل إعادة التأهيل ومنع التطرف منذ بدايته. وتسعى حكومات الدول الأوروبية إلى تطوير برامج الوقاية من التطرف وتدريب العاملين في مختلف القطاعات والمؤسسات في مجال مكافحة التطرف.

برامج الوقاية من التطرف في ألمانيا

بلغت ميزانية الوقاية من التطرف (162.5) مليون يورو في عام 2021. حيث حافظت ألمانيا في عام 2019 على تمويل برامج الوقاية التطرف وخصصت ما مجموعه (255) مليون دولار للبرامج التي تستهدف جميع أنواع الإرهاب، بما في ذلك (118) مليون دولار استراتيجية للوقاية من التطرف الإسلاموي وبرامج خاصة تتعلق بعودة المقاتلين الأجانب وعائلاتهم.

يتم تمويل غالبية البرامج فيدراليًا، ويتم تنفيذها محليًا من خلال الولايات والمنظمات غير الحكومية. تركز البرامج على المجتمعات المحلية والمدارس ومراكز دمج اللاجئين مع إيلاء اهتمام خاص للوقاية وإزالة التطرف من خلال الإنترنت، ودمج اللاجئين، والسجون. هذه البرامج لها متطلبات تقييم إلزامية وقد بدأت المؤسسات البحثية المحلية في المشاركة في البحوث المتعلقة بمكافحة التطرف. وكانت قد أعلنت الحكومة الفيدرالية أنها ستواصل تمويلها لمنع “التطرف” في خطة موازنة 2020.وفيما يلي أبرز برامج الوقاية من التطرف في ألمانيا

برنامج لتوسيع الصلاحيات: عرضت مجموعة برلمانية داخل البرلمان الألماني في 9 نوفمبر 2020 برنامج مكون من سبع نقاط بوصفه وثيقة استراتيجية لمكافحة التطرف والإرهاب وأبرز ما جاء في وثيقة البرنامج هو توسيع نظام رقابة لمن يمثلون خطراً على الأمن توسيع نطاق صلاحيات التحقيق الخاصة بالأجهزة الأمنية -من بينها الهيئة الاتحادية لمكافحة الدستور إمكانية مراقبة مصادر الاتصالات كي يتسنى لها فك تشفير رسائل الماسنجر وتحديد هوية شبكات إرهابية بشكل سريع وخالٍ من الثغرات.

Live Democracy program : تبلغ ميزانيته (150.5) مليون يورو. يعد البرنامج هو حجر الزاوية في استراتيجية الحكومة لمكافحة التطرف والإرهاب وتعزيز الديمقراطية. ويهدف إلى منع تطورالمواقف المناهضة للديمقراطية والكراهية ويسعى لمنع عملية التطرف مبكرا، وأبرز الموضوعات التي يختص بها مناهضة التمييز، وتشكيل التنوع معاداة السامية، والإسلاموفوبيا والعداء للمسلمين، التطرف الإسلاموي التطرف اليميني، التطرف اليساري، خطاب الكراهية على الإنترنت.

“Cohesion through Participation programme” : يوفر البرنامج (12) مليون يورو من الدعم المستهدف سنويًا للبرامج والمبادرات التي يتم إنشاؤها على المستوى الإقليمي. يساعد هذا البرنامج في الوصول إلى المناطق الريفية أو الضعيفة هيكليًا على وجه الخصوص. يعد كلا البرنامجين السابقيين عبارة عن أدوات قوية وطويلة الأجل تجعل مواردهما المالية ركيزتين أساسيتين لاستراتيجية الحكومة الفيدرالية حول منع التطرف وتعزيز الديمقراطية.

برنامج تدريب الأئمة بالألمانية: شهد مدينة “أوزنابروك” بغرب ألمانيا في أبريل 2021 أول تدريب للأئمة المسلمين باللغة الألمانية، بمشاركة ما يصل إلى (30) داعية. ويتم التدريب الذي يستمر لمدة عامين بجمعية الرعاية “إسلام كوليج دويتشلاند” (كلية الإسلام في ألمانيا)، وبدعم من وزارة الداخلية ووزارة البحث العلمي في ولاية ساكسونيا السفلى. يقول “إسناف بغيتش” رئيس مجلس إدارة الجمعية، إن تأسيس الجمعية يهدف إلى توفير عرض إضافي، لأن الأئمة القادمين من الخارج غالباً ما يتعرضون في خطبهم ” لمواضيع لا تتعلق بسياق حياتنا”. وأضاف بغيتش أن الأجيال الجديدة للمهاجرين المسلمين أيضاً لا يمكنها في الغالب فهم خطبة بلغة موطن الوالدين بنسبة مائة في المائة.

وتوجد عدة برامج أخرى منها برنامج “المرشد” للوقاية من التطرف تم تطبيقه بالتعاون مع مراكز استشارات في العديد من المدن بولاية شمال الراين ويستفاليا. برنامج “الحوار المركز” مع المتشددين والبرنامج الوطني لمنع التطرف الإسلاموي (NPP) الذي تمت الموافقة عليه في عام 2017.

برامج الوقاية من التطرف في فرنسا

أوقفوا الجهاد Stop Jihadism : أطلقت فرنسا حملتها ” Stop Jihadism” “أوقفوا الجهاد” في أواخر يناير 2015، لمواجهة تهديد التطرف الإسلاموي في جميع فرنسا. اتخذت فرنسا برامج وقائية لمكافحة الفكر المتطرف داخل أنظمة التعليم والسجون، وخصصت موارد إضافية لوكالات مكافحة الإرهاب و أعلنت فرنسا عن خطط لاستثمار (45) مليون دولار في إنشاء برامج لمكافحة التطرف في جميع أنحاء البلاد. و تبنت وزارة التعليم في فرنسا سلسلة من الإجراءات لمكافحة التطرف وتعزيز القيم الفرنسية. وفي سبتمبر 2016، افتتحت الحكومة الفرنسية (12) مركزًا لمكافحة التطرف في جميع أنحاء البلاد. وهذا جزء من خطة بقيمة (45.5) مليون دولار أعلنها رئيس الوزراء السابق مانويل فالس في مايو 2016 لمواجهة الخطر الذي يشكله المتطرفون في فرنسا.

برنامج لإعادة تنظيم السجون: بدأت فرنسا بعد هجمات يناير 2015 ، في إعادة تنظيم نظام سجونها من أجل عزل السجناء المتطرفين عن باقي السجناء. تضمن البرنامج – استنادًا إلى تجربة أجريت عام 2014 في سجن فرينز الفرنسي – تجميع السجناء المتطرفين معًا في وحدات معزولة عن السجناء الآخرين. ولكن أعلنت فرنسا أنها ستنهي البرنامج بعد ظهور مخاوف من أن هذا يساعد في تعميق شبكات التطرف داخل السجون.

برنامج أئمة على الطريقة الفرنسية: يهدف البرنامج إلى منع التطرّف وتفكيك الخطاب المتطرّف، وتدريب رجال الدين من خلال دورة مشتركة. كذلك إنشاء وحدات مسؤولة عن تفكيك الخطاب المتطرّف، والتحقّق من المستوى التعليمي لدى رجال الدين تأهيل تدريب الأئمّة” وتنظيم “شهادات” اعتماد لهم ووضع “ميثاق يؤدّي عدم احترامه إلى العزل”. ويُتيح تدريب الأئمّة تحقيق هدف آخَر بالنسبة إلى الحكومة الفرنسيّة، يتمثّل في إنهاء التعاون مع (300) إمام من تركيا والمغرب والجزائر.

برنامج إعادة تأهيل المتشددين: هو برنامج تدريبي خاص بإعادة تأهيل المتطرفين الخاضعين لتتبعات قضائية بسبب جرائم متعلقة باعتناق الفكرالمتطرف. يتم البرنامج عبر (4) مراحل تدوم من (2 إلى 3) أشهرتشير التقديرات إلى أن البرنامج في عامه الأولى استفاد منه قرابة الـ(100) شخص، بتكلفة جملية تبلغ من (1000 إلى 3000 ) يورو لكل شخص والأربعة مراحل هي :
⦁ المرحلة الأولى: تشخيص الحالة
⦁ المرحلة الثانية: التشجيع على إعادة الاندماج
⦁ المرحلة الثالثة: دحض الخطاب المتطرف
⦁ المرحلة الرابعة: إعادة التأهيل الاجتماعي والمهني للشخص

برامج الوقاية من التطرف في بريطانيا وسويسرا

حددت الحكومة البريطانية موعد لصدور تقرير مستقل عن برنامج “PREVENT” لمكافحة التطرف في المملكة المتحدة. لكن لم يُلتزم بالموعد النهائي. عدم الالتزام بالموعد، يعني أنه سيتم تأخير نتائج المراجعة لما يقرب إلى (3 )أعوام. وهناك تساؤلات ورسم علامات استفهام و مخاوف عدة حول فاعلية برنامج “PREVENT” لبلوغ الأهداف المرجوة منه ومدى قدرته على منع الانجرار نحو التطرف العنيف خاصة بعد مقتل نائب حزب المحافظين البريطاني السير ديفيد أميس. يتولى”ويليام شوكروس” الرئيس السابق لـ”مفوضية الأعمال الخيرية” Charity Commission قيادة المراجعة. وكان قد تم إجراء مراجعات للبرنامج بشكل مستقل إلا أن المراجعة شهدت تأخيرات وخلافات، مع تنحي أول مشرف عليها تم تكليفه المهمة اللورد” كارلايل”

أعرب جون هولموود أستاذ علم الاجتماع في “جامعة نوتينغهام”، الرئيس المشارك في “مراجعة الناس لبرنامج “بريفانت” في 24 أكتوبر 2021 عن “قلق بالغ” من النتائج التي تم تسريبها إلى صحيفة “تايمز”، والتي أشارت إلى أنه يمكن إعطاء “جهاز الاستخبارات الداخلية البريطانية” (أم آي 5) MI5 صلاحيات أوسع في التعامل مع الحالات المشمولة في برنامج “بريفانت”.

كان أكثر من (50%) من بين (6287 )إحالة على برنامج “بريفانت” في العام حتى مارس 2020 لأفراد يعتقدون بأيديولوجيات مختلطة أو غير مستقرة أو غير واضحة. أما (25%) من عدد الإحالات فجرى على خلفية مخاوف من تطرف إسلاموي، في حين أن (22 %) منها كان يتعلق بالتطرف اليميني. وكانت أكبر فئة عمرية تتضمن أطفالاً وشباباً تبلغ أعمارهم (20) عاماً أو أقل، بمن فيهم (1559) طفلاً ما دون سن الـ15 سنة. ومن بين الأفراد الذين تمت إحالتهم إلى برنامج “بريفانت”، تبين أن (27 %) “لا يحتاجون إلى أي إجراء آخر” بعد التقييم، وقد نُقل (50%) من هؤلاء إلى خدمات أخرى، كالتعليم والإسكان والصحة العقلية، وذلك للحصول على دعم بديل. ونظر مخطط “تشانل” لمكافحة التطرف في أوضاع نحو (23%) من الإحالات التي وُضع أصحابها مع مرشدين متخصصين تُطلق عليهم صفة “مقدمي خدمة التدخل” Intervention Providers

كشفت الحكومة السويسرية عن خطة عمل وطنية تهدف إلى الوقاية من التشدّد والتطرّف العنيف. وتتركّز هذه التدابير على الإنذار المبكّر، وإعادة إدماج المخالفين، وتدريب مكوّنات المجتمع المحلّي مثل المدرّسين والمشرفين على الأنشطة الرياضية. تعدّ خطة العمل هذه جزءً من نهج ذي ثلاثة محاور يهدف إلى مكافحة انتشار التطرّف العنيف في سويسرا.

التقييم

أصبحت الجماعات الإرهابية شديدة التنظيم وتعمل عبر الحدود، مما يمثل تحديات متزايدة للسلطات االحكومية الأوروبية  وأيضا تشكلالعمليات الإرهابية  غير المتوقعة لـ”الذئاب المنفرد” تحديًا إضافيًا للسلطات الوطنية. ما دفع الحكومات الأوروبية لإدراج قوائم تدرج فيها العديد من الأشخاص  الخطرين للحيلولة دون وقوع اعتداءات إرهابية.

أظهر العديد من المهاجمين المتورطين في هجمات إرهابية في جميع أنحاء أوروبا نشاطًا إجراميًا قبل العمليات ، بما في ذلك صلاح عبد السلام تشير التقديرات إلى أن غالبية المقاتلين الأجانب الجهاديين في أوروبا لديهم خلفيات إجرامية.  ولديهم سجلات جنائية قبل السفر إلى مناطق الصراعات ، وبعضهم محكوم عليهم بإدانات جنائية.

يعد التعاون القضائي الفعال بين الدول الأعضاء داخل التكتل الأوروبي ضروري لمنع الهجمات الإرهابية. حيث بات واضحا أن هناك تنسيقا للتحقيقات والملاحقات القضائية وتسهيل التعاون القضائي في عدد متزايد من قضايا الإرهاب. ينبغي على الأجهزة الأمنية الأوروبية تشديد المراقبة على من لديهم سجل جنائي والمدرجين غلى قوائم الإرهاب. كذلك يجب عدم الفصل بين الأنشطة الإرهابية والجريمة، وجود قائمة أوروبية بالمتطرفين المشتبه بهم.

تعمل وكالات المخابرات الفرنسية بموجب القوانين الجديدة على مواكبة التقدم التكنولوجي باستخدام الخوارزميات لفحص اتصال الإنترنت وبيانات التصفح لاكتشاف أي نشاط إرهابي محتمل. ومع هذا القانون الجديد، أجاز البرلمان الفرنسي بشكل دائم استخدام الخوارزميات للكشف عن أي نشاط إرهابي محتمل، وعليه فقد أصبح من الضرورة بما كان مسايرة تطور منحى الجرائم والأعمال الإرهابية في المجتمع الفرنسي. الذي يتطلب قدرات ومهارات تقنية عالية لدى أجهزة الاستخبارات للقيام بفرز العناصر الخطرة بناءا على معلومات مدققة.

يرى متتبعون للشأن الألماني أنه قد لا يشكل عدد الجاليات الوافدة إلى ألمانيا دوراً أساسيا في ارتفاع نسب العناصر الإرهابية الخطرة ، ولا يمثل السبب الوحيد في تفسيرها. فحسب السجل المركزي للأجانب، كان هناك نحو 1.46 مليون تركي، وحوالي 818 ألف سوري وحوالي 272 ألف أفغاني يعيشون في ألمانيا حتى نهاية عام 2020. هذا من جانب. ومن جانب آخر فالأدوات التحليلية الخاصة بفرز العناصر الخطرة في ألمانيا رغم أهميتها، إلا أن معظمها يفشل في إثبات صحتها فيما يتعلق بموثوقية تنبؤاتها وفعالية أساليبها في منع التهديدات.

يعتقد أن حالة عدم اليقين التنبؤي فيما يتعلق بما إذا كان الفرد “شخصًا يحتمل أن يكون خطرًا” يزيد كلما زادت الفترة التي تسبق الفعل المحتمل ، كما هو الحال مع مخاطر الخطأ، فضلا عن ذلك فإن إضفاء الطابع الشخصي المتزايد على القانون الذي ينظم التعدي على حقوق المواطنين قد يؤدي في كثير من الأحيان إلى التضحية بالمزيد من خصوصية المواطنين في المجتمع الألماني.

سيسمح النظام الذي سنته بريطانيا بإجراء رقابة أمنية تلقائية قبل الوصول. بهدف منع المجرمين الأجانب الخطرين من دخول المملكة المتحدة، وكان تشديد شروط الهجرة يُعد أحد أهداف مؤيدي بريكست الذي تحقق وأنهى حرية التنقل بين بريطانيا ودول الاتحاد الأوروبي، وهو إذن يمثل خطوة استباقية مهمة لتفادي أية سيناريوهات غير متوقعة.

دفع تنامي انتشار التطرف وتزايد أعداد المنضمين من الشباب في أوروبا إلى جماعات وتنظيمات متطرفة العديد من الحكومات الأوروبية إلى اعتماد برامج وقائية لحماية هؤلاء الشباب من التطرف. كذلك طورت الدول الأوروبية من برامجها الوقائية بشأن منع التطرف .

شددت السلطات الأوروبية على أهمية الأدوات والسياسات التي يمكن أن تعالج الأسباب الجذرية للتطرف، مع تعزيز المرونة، وتعزيز الاندماج الاجتماعي، وتعزيز التفاهم المتبادل والتسامح، معالجة عدم المساواة، ومنع تهميش ووصم الجماعات أو المجتمعات.

يصعب قياس نجاح مثل هذه البرامج – نظرًا لأن إخفاقاتها علنية ولكن يكاد يكون من المستحيل حصر انتصاراتها. ونجد أن بعض هذه البرامج لا تحقق النجاح المرجو منها. وأن بعضها ليس بنفس الفعالية التي بدأت بها تلك البرامج. وباتت تستهدف فئة بعينها بشكل غير عادل مايزيد من مشاعر الكراهية والتطرف.

Exit mobile version