محمد صادق الحسيني-البناء
كان المفاوض الإيراني هذه المرة أكثر وضوحاً وشفافية مع المفاوض الغربي بشكل عام والأميركي بشكل خاص، أكثر من أيّ وقت مضى..!
فبعد إعلان السيد علي باقري كني كبير المفاوضين الإيرانيين والمعاون السياسي الجديد لوزير الخارجية أن بلاده ستبدأ المفاوضات، (وليس تستأنفها كما أراد الغرب) بساعات، أعلنت طهران عن حصول أكبر عملية مواجهة حربية منذ الحرب العراقية- الإيرانية، لاسترداد حق مسروق لها من الأميركيين، ألا وهي استعادة نحو مليونين برميل من هذا النفط المقرصن، مع احتجاز السفينة وطاقمها الذين ساعدوا الأميركيين بهذه السرقة الكبرى.
فماذا كانت الرسائل الإيرانية للمفاوض الغربي…؟
1 ـ إنّ جولة مفاوضات فيينا الجديدة التي ستبدأ في 29 الشهر الجاري تنطلق من الميدان وليس من الغرف المغلقة، وتحديداً من خليج فارس…!
2 ـ إنّ المفاوضات السياسية في جوهرها هي انعكاس لموازين القوى في الميدان، ليس إلا…!
3 ـ إنّ الحقوق لا تسقط بالتقادم، فما سرق قبل أشهر وهو في طريقه إلى فنزويلا، يمكن استعادته في خليج فارس، والخونة والسّراق ينالون عقابهم ولو بعد حين ومن يحميهم من قراصنة الدول الكبرى يتمّ قطع يدهم بكلّ حزم، وما حصل في الميدان في بحر عُمان سيحصل في السياسة أيضاً في كلّ ميدان.
4 ـ إنّ إسقاط مفاعيل العقوبات بالنسبة لطهران أهمّ بكثير وله الأولوية على رفع العقوبات، فالأول يحرّر إيران من ضغط طاولة المفاوضات ويطلق يدها في الحوار، في حين أنّ الثاني يضيق عليها الفرص ويحصرها في الغرف المغلقة، وهذا ما سبق وقرّرته القيادة الإيرانية العليا في أكثر من مناسبة، والآن حان الوقت لتطبيقه.
5 ـ إنّ إيران قرّرت بيع نفطها من الآن فصاعداً بالترافق مع الحماية العسكرية المناسبة التي تعكس عزمها وإرادتها وقدراتها الحقيقية.
6 ـ إنّ الاقتصاد الإيراني المقاوم كمقولة ثورية تعتمدها الحكومة والقيادة الإيرانية العليا ستكون حاضرة بقوة على طاولة المفاوضات أكثر من أيّ وقت مضى..!
7 ـ إنّ إيران لن تقبل مطلقاً أيّ شروط إضافية تحاول واشنطن وضعها على جدول أعمال مفاوضات فيينا المقبلة، ومنها بشكل خاص المنظومة الصاروخية الإيرانية أو علاقة إيران بحركات التحرر والمقاومة في المنطقة.
8 ـ إيصال الصوت الإيراني المفاوض ـ بالنار الحي ـ بأنّ عودة واشنطن إلى الاتفاق النووي من دون قيد أو شرط أولاً، ومن ثم رفع العقوبات عن إيران ثانياً، واختبار طهران لصدقية وفاعلية القرارات الأميركية هي الأرضية التي لا بدّ منها لعودة طهران إلى الالتزام الحرفي بالاتفاق النووي، وما تفعله طهران حالياً هي حقوق مصرح بها بوضوح في بنود الاتفاق النووي عندما يخرج أيّ طرف من الاتفاق.
كلّ حدس أو تخمين أو تحليل أو توقعات من مفاوضات إيران مع الدول الأربع الكبرى، في جولة فيينا المقبلة بعيداً من هذه الوقائع، ضرب في المندل، أو قراءة في الفنجان!
أخيراً وليس آخراً، للأميركي المهزوم والمنكسر والمذلول في الميدان أمام الإيراني وأمام محور المقاومة نقول:
عبثاً تحاول إيقاف دورة إيران النووية الكاملة التي أتمّت تخصيب ما يزيد على 210 كيلوغرامات من اليورانيوم المخصب بنسبة 20 في المئة، وكمية كبيرة أخرى من اليورانيوم المخصب بنسبة 60 في المئة.
وعبثاً أيضاً أن تنتظر تجاوب طهران مع طلبك الجديد أو المستجدّ الوقح بخصوص:
إيقاف إيران لعملية استخدام أجهزة الطرد المركزي الحديثة والمتطورة جداً والعودة إلى الجيل الأول منها…!
أو أن تتعهّد لك طهران بالعودة للتفاوض معك مجدّداً بعد ستة أشهر، حول موضوعتي المنظومة الصاروخية، وعلاقة إيران بحركات التحرر والمقاومة ودعمها الثابت لها…!
إجاباتك حصلت عليها في عمليات الإنزال الجوي للحرس الثوري الإيراني ومطاردته لسفنك الحربية الهاربة من مياه الخليج الفارسي…!
معادلة المنتصرين في الحرب العالمية الثانية انتهت مفاعيلها…!
والمعادلة الجديدة التي ينبغي عليك فكّ رموزها هي: من يخسر على بوابات دمشق وأسوار بغداد، وتخوم صنعاء وفي وديان وجبال لبنان، ويهزم بسيف القدس، لا يمكن له أن يفرض شروطاً في أية مفاوضات، بل إنّ كلّ ما تبقى له هو أن يدفع أثمان الهزيمة، وهنا هو مخيّر، إما أن يدفعها «كاش» ودفعة واحدة، أو بالأقساط.
فكر ملياً أيها المفاوض الأميركي المهزوم قبل انطلاق مفاوضات طهران الجديدة.
فالمفاجآت لا تزال في أوّلها!
بعدنا طيبين قولوا الله…