عرب مُسيّرون بأوامر الصهيونية…
} جمال محسن العفلق-البناء
يمكن أن نختلف في تحليل الأحداث السياسية في المنطقة ولكل منا وجهة نظره الخاصة التي يرغب بالدفاع عنها ولكن هذا الاختلاف لا ينطبق على قضايا مصيرية تمسّ بأمن ومستقبل شعوب هذه المنطقة ولا يجوز بشكل من الأشكال قبول ما هو غير معقول وتبريره بكلمات دبلوماسية ومصطلحات لا تسمّي الأشياء بأسمائها الحقيقية خجلاً من وصف الحدث أو رومانسية حالمة بأنّ ما يحدث من جرائم عربية بحق العرب والعروبة هو مجرد سحابة صيف.
لأنّ ما تعرّض له لبنان من عرب الخليج هو عدوان مكتمل الأركان وواضح الأهداف ولا يختلف هذا العدوان عن عدوان دول الخليج على اليمن بحرب عبثية أو تحالفهم مع الجماعات الإرهابية في سورية وتمويلها بالمال والسلاح لاحتلال دمشق، وليس ببعيد عن حصار العراق وقتل شعبه، ولا عن ليبيا او السودان وحتى مصر التي تصنف أنها حليفة لدول الخليج وتتقاطع مصالحها معهم كان سدّ النهضة الذي سيحرم المصريين من ماء النيل هو بجزء كبير منه مموّل من دول خليجية وحراسة أمنية صهيونية ولا أحد يرغب بالتطرق لهذا الأمر ولكنه واقع ويمسّ الأمن القومي لمصر والسودان.
فمن يقود السياسة الخارجية لدول الخليج؟
مما تقدّم لا نحتاج للبحث الطويل لنكتشف أنّ السياسة الخارجية لدول الخليج يقودها الموساد الصهيوني والواضح أنّ أوامر الصهيونية لا تردّ ولا تكسر فمن غير المعقول ان تتكاتف خمس دول بموقف موحد ضدّ بلد مثل لبنان لمجرد تصريح لا يصنّف بأنه جارح أو مهين او حتى خطير لدرجة تقوم قيامة هذه البلدان ولا تقعد وتصل الأمور لقطع علاقات دبلوماسية وبتصرّف صبياني غير مدروس تعرض إحدى تلك الدول مبنى سفارتها في بيروت للبيع، ولو استعرضنا علاقات تلك الدول مع دول العالم لوجدنا أنها ليست على سوية واحدة، ولكن في موضوع لبنان الواضح أنّ الأوامر أتت محدّدة وملزمة لكلّ تلك الدول بتنفيذ هذا العدوان.
ومن له المصلحة في تدمير لبنان ومحاولة تجويع شعبه غير الكيان الصهيوني فقط الذي جرّب في عدوان تموز وبدعم سرّي من نفس الدول لتدمير لبنان.
وفي كلّ مرة تدّعي تلك الدول أنها تنجز الانتصارات وتطبّل لها وتستخدم كلّ الإمكانيات الإعلانية وبحقيقة الأمر هي خاضعه تماماً لأوامر تل أبيب. فمن يذكر مقاطعة تلك الدول لتركيا والشروط المعلنة وغير المعلنة لعودة العلاقات ونشر مقالات انّ تركيا خضعت للشروط الخليجية لنكتشف بكلّ بساطة أنّ حجم التداول الاقتصادي مع الإمارات فقط تجاوز العشر مليارات دولار إضافة إلى مبلغ دفعته الإمارات لتركيا يقدّر بعشرة ملايين دولار لتعويض تركيا عن الخسائر التي تسبّبت به حرائق الصيف الماضي.
نعم لا حاجة لدبلوماسية الكلمات اليوم ولا يجوز تبرير ما حدث وتحميل لبنان نتائج فشل العدوان على اليمن ومسلسل الهزائم الذي تعيشه دول العدوان ومن غير المقبول أن تخرج بعض أصوات المنتفعين من المال الخليجي لتغلب على الصوت الوطني اللبناني ولا يقبل اليوم المساس بكرامة لبنان مهما كان مبرّر المدافعين عن مواقف الدول الخليجية، فإذا محور العدوان الصهيوعربي أعلن موقفة وجاهر به فلماذا يطلب إلينا أن نتجاهل هذا العدوان وقد تحالفت قوى الشرّ وأعلنت موقفها وبدعم أميركي غير معلن حيث ينتظر الأميركي نتائج العدوان فإنْ كُسر لبنان أيّد وإن هُزم محور العدوان وهذا ما سيحدث سوف يتدخل بحجة تخفيف التوتر. هذا هو واقع السياسة الخليجية الخارجية ولن نجامل بعد اليوم لأنّ الحرب العبثية في اليمن هي بأوامر أميركية ودعم صهيوني والهدف تطويق الوطن العربي والسيطرة على كلّ المعابر البحرية ومحاولة كسر المقاومة وسحب سلاحها هو لمصلحة الكيان الصهيوني فكيف يقبل العقل أنّ السعودية تتحالف مع جعجع وتتجاهل القوى الوطنية السنية المؤثرة في لبنان؟ وما هي مصلحة دول الخليج من هذا العداء للجار الإيراني الذي كان قبل الثورة جاراً وصديقاً وشقيقاً عندما كان الشاه حاكماً في طهران وكان للكيان الصهيوني سفارة هناك، فمشكلة تلك الدول ليست مذهبية ولا دينية مع أحد إنما هي عقدت خدمة الكيان الصهيوني وحمايته لتلك العروش كما جاهر ترامب نفسه، بذلك ولم تعترض أيّ من تلك الدول على ذلك التصريح المهين لها. وما زالت تلك الدول تكابر على موقفها وتعتبر أميركا هي الحامي لها وبالأمس فقط هزمت البحرية الأميركية في بحر عُمان وأجبرت على الانسحاب بعد محاولة قرصنة فاشلة قامت بها وهي التي تدّعي أنها تملك أكبر الأساطيل الحربية في العالم ويبقى السؤال الكبير الى أين ستذهب قيادات دول الخليج بشعوبها بتنفيذ أوامر الصهيونية وما هي مصلحتها القومية في التحالف مع الكيان الصهيوني وهل بالفعل تأمن جانبه وتثق أنه لا يخطط لتدميرها من الداخل…