بين لبنان واليمن.. صمود متشابه في وجه آلة الحرب الإجرامية

محمد حسن سلامي -وكالة أنباء فارس

مع استمرار العدوان السعودي على اليمن، تطفو إلى الواجهة العديد من التساؤلات المتعلقة بجدوى استمرار القتال في ظل عجز السعودية المتفوقة من كل النواحي في إحداث أي انجاز ميداني يسمح لها بتحسين موقفها على طاولة المفاوضات.
ولعل أبرز نقاط الاستفهام هي تلك التي تدور في فلك سلاح الجو السعودي ومدى فاعليته في ظل فشله في تحقيق أهدافه فضلاً عن تورطه في قتل أبناء الشعب اليمني، في مشاهد أعادت إلى الأذهان تجربة العدوان الإسرائيلي على لبنان في تموز/يوليو 2006.

فرق شاسع في الإمكانات
بالعودة إلى الإمكانات فإننا نجد تفاوتاً لا يقارن يصب في مصلحة سلاح الجو السعودي وبحسب موقع “غلوبال فاير باور” فقد امتلكت السعودية 889 طائرة عسكرية يأتي ضمنها 81 طائرة هجومية بالإضافة إلى 34 مروحية مقاتلة، بالاضافة الى حيازته لأحدث الإمكانات المتعلقة بالأسلحة ووسائل التدريب، وعلى المقلب الأخر فقد أظهر الموقع امتلاك اليمن 178 طائرة عسكرية، لا تشمل وجود أي طائرة مقاتلة في صفوفها، وبسبب الأحداث التي ضربت البلاد منذ العام 2011 فقد شهد سلاح الجو اليمني تراجعاً كبيراً في عديده وامكاناته لتختفي فاعليته عن مسارح القتال بشكل شبه كامل خلال العدوان.

فشل سلاح الجو في تحقيق التفوق الميداني
مع بداية العدوان السعودي على اليمن والذي سمي بـ “عاصفة الحزم” (26 أذار/مارس 2015) عمد سلاح الجو السعودي إلى تنفيذ إحدى أكبر الحملات الجوية والتي كان هدفها المعلن تدمير إمكانات الجيش واللجان الشعبية تمهيداً لدخول القوات البرية (المحلية والأجنبية) في المراحل المستقبلية.
وعلى الرغم من حجم القدرة النارية الكبيرة التي صبتها السعودية وتحالفها على المدافعين، إلا أن مجريات الميدان كشفت حجم الفشل في تنفيذ الهدف الرئيسي لتصطدم قوات التحالف بمقاومة يمنية شرسة تمكنت مع الوقت من قلب المجريات لصالحها، محولة موقفها من الدفاع إلى الهجوم، فضلاً عن تنفيذ العديد من العمليات النوعية في الأراضي السعودية وتحت أنظار سلاح الجو السعودي.
كما عمد الجيش واللجان الشعبية وبالاستفادة من الإمكانات المتاحة إلى تطوير منظومة مميزة من سلاح الجو المسير والصواريخ البالستية نفذت العديد من الهجمات الناجحة مستهدفة تجمعات القوات المعادية بالإضافة الى ضربها العديد من الأهداف الاقتصادية داخل الأراضي السعودية خلال عمليات الردع، وكان لها أثر ايجابي على المدافعين وسلبي على الرياض وأعوانها.

تدمير ممنهج وانتقام من المدنيين
أمام التطورات الميدانية المتسارعة وانقلاب المواقف، تحول سلاح الجو السعودي خلال أيام العدوان إلى آلة حرب إجرامية بيد المعتدين الذي عمدوا إلى ارتكاب العديد من المجازر بحق الشعب اليمني كان أبرزها مجزرة الصالة الكبرى في العاصمة صنعاء (8 تشرين الأول/ أكتوبر2016) والتي ذهب حصيلتها أكثر من 750 مدني يمني بين شهيد وجريح، ومجزرة أطفال صعدة (9 آب/أغسطس 2018) التي راح ضحيتها 51 شخص من بينهم 40 طفل، ومجزرة حفل زفاف حجة (22 نيسان/أبريل 2018) ذهب ضحيتها  33 شهيداً و47 جريحاً.
وفضلاً عن ارتكاب المجازر، عمد سلاح الجو السعودي إلى القيام بتدمير ممنهج للبنية التحتية في مختلف المحافظات اليمنية بالإضافة لاستهداف عدد من المعالم التراثية بهدف طمس الهوية التاريخية لليمن والتي كان أبرزها استهداف مدينة صنعاء القديمة والتي تعتبر احدى أهم المدن التاريخية ذات الحضارات العريقة على مستوى العالم.

من “لبنان 2006” إلى صنعاء.. التجربة المماثلة
وفي مراجعة لسيناريو الأحداث في اليمن منذ بداية العدوان نلاحظ تشابهاً كبير في المشاهد التي ظهرت سابقاً خلال عدوان تموز/يوليو 2006 الذي شنه العدو الصهيوني على لبنان، حيث اعتمد المهاجمون على تفوقهم الجوي في المرحلة الأول وذلك من أجل ضرب مراكز القيادة والاتصال، وتدمير القدرة الصاروخية التي امتلكتها المقاومة حينها وشكلت التهديد الأكبر للجبهة الداخلية.
وعلى الرغم من تنفيذ العديد من الطلعات الجوية استمرت المقاومة بضرب الأراضي المحتلة على امتداد أيام العدوان دون توقف، في وقت كانت دبابات وجنود الصهاينة تتعرض لأعتى الضربات والتي كان أبرزها مجزرة المدرعات في وادي الحجير.
وفي سعيه لزيادة الضغط على المقاومة وبيئتها عمد سلاح الجو إلى ارتكاب عدد من المجازر بحق المدنين وكان أبرزها مجزرة قانا الثانية (30 تموز/يوليو 2006) والتي ذهب ضحيتها 50 مواطناً لبنانياً بين شهيد وجريح فضلاً عن اعتماد سياسة تدميرية تجلت معالمها بشكل رئيسي في الضاحية الجنوبية لبيروت وجنوب لبنان.
وعلى الرغم من جميع محاولات القوات الإسرائيلية إلا أن العدوان انتهى بوقف لإطلاق النار في 14 آب/أغسطس 2006 دون تحقيق أهداف العملية المعلنة، بالإضافة الى الفشل في الحصول على مكاسب ميدانية، لتنصاع سلطة الاحتلال في ما بعد إلى مطالب الجانب اللبناني في التفاوض على عملية تبادل للأسرى  والتي تمت بـ 16 تموز/ يوليو 2008 (عملية الرضوان).
أمام تشابه المواقف والأحداث بين صنعاء وبيروت، وصمود المدافعين في وجه آلات الحرب الإجرامية، تسقط عبارة “النار في خدمة السياسة” والتي غالباً ما كانت تستفيد منها الدول المتفوقة عسكرياً، لتحل مكانها عبارة القائد العسكري لحزب الله الشهيد عماد مغنية “التي تقاتل فينا هي الروح”،ـ والتي باتت تشكل إحدى مرتكزات العقيدة العسكرية لدى محور المقاومة.

Exit mobile version