خلال التظاهرات الأخيرة في السودان رفضا لانقلاب عبدالفتاح البرهان، رفع المتظاهرون صور رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي، وولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، ورددوا هتافات ضدهما، وذلك في رفض واضح لدعمهم انقلاب السعكر بقيادة البرهان، إذن؛ كيف تصدّر مصر والإمارات الانقلابات؟
وفي هذا السياق تساءل الباحث بالمركز العربي للبحث ودراسات السياسة بواشنطن خليل العناني، في مقال له بموقع “ميدل إيست آي” البريطاني: هل أصبحت مصر والإمارات مصدرا للانقلابات في العالم العربي؟.
ولفت العناني في مقاله الذي ترجمته (وطن) إلى أن المتظاهرين التونسيين فعلوا الشيء نفسه خلال احتجاجاتهم على انقلاب الرئيس التونسي قيس سعيد.
وتابع:”في الواقع، لا تكاد توجد مظاهرة تطالب بالحرية والديمقراطية في العالم العربي من دون عرض صور مناهضة لابن زايد والسيسي.”
ولفت المقال إلى أن الكثير من الشباب العربي، يعتقد أن مصر والإمارات يمثلان العقبة الرئيسية أمام التغيير في العالم العربي. حيث تحاولان دفن أي انتفاضة أو ثورة محتملة.
ويبدو أن البلدين ـ وفق عناني ـ كانا يصدران الانقلابات عبر المنطقة. ويبدو أيضا أنهما مستعدان لفعل أي شيء – بما في ذلك انتهاك حقوق الإنسان – لوقف المطالب بالتغيير الديمقراطي.
وبالتالي ليس من المستغرب أن يدعم السيسي وبن زايد محاولة انقلاب خليفة حفتر في ليبيا. وانقلاب سعيد في تونس. وانقلاب البرهان في السودان.
انقلاب تونس والسودان
ووفق مقال خليل عناني بالموقع البريطاني، فقد كانت مصر من أوائل الدول التي رحبت بإجراءات سعيد لتجميد البرلمان وحل الحكومة.
وفي السودان لم يكن بإمكان البرهان أن ينفذ انقلابه لولا الضوء الأخضر من مصر، أحد أهم حلفائه الإقليميين.
ولهذا السبب فشلت مصر في إدانة انقلاب البرهان الشهر الماضي.
في الوقت نفسه ـ وفق عناني ـ أجرى مسؤولون أميركيون وإماراتيون محادثات حول إيجاد تسوية للأزمة السودانية.
ويبدو الأمر كما لو أن الإماراتيين يتفاوضون نيابة عن البرهان. مما يعكس دورهم المهم في دعم انقلابه ضد الحكومة المدنية لرئيس الوزراء عبد الله حمدوك. يقول عناني
محور الثورة المضادة
واستطرد كاتب المقال:”كان ابن زايد يقود محور الثورة المضادة، بالشراكة مع السعودية وإسرائيل منذ سنوات. ويعتبره الكثيرون العدو الرئيسي للديمقراطية في العالم العربي. حيث خرب محاولات لا حصر لها من قبل الشباب العربي للمطالبة بالحرية والديمقراطية والكرامة”.
ويقدم بن زايد دعمًا سخيًا للديكتاتوريين وأمراء الحرب في جميع أنحاء المنطقة العربية. بما في ذلك مصر وليبيا واليمن والسودان وسوريا.
كما يستخدم ابن زايد ـ وفق المقال ـ أمواله ووسائل الإعلام للتشويه والتحريض ضد الثورات العربية، ويبدو أنه يفضل التعاون مع جنرالات الجيش على النخب المدنية المنتخبة.
السيسي أجهض أول تجربة للديمقراطية في مصر
وفي مصر، حيث أجهض السيسي أول تجربة ديمقراطية حقيقية في البلاد من خلال انقلابه عام 2013، لم يكن نظامه ليصمد طالما استمر لولا الدعم المالي والدبلوماسي والسياسي من الإمارات والسعودية وإسرائيل.
وساعد ابن زايد في بناء دكتاتورية السيسي، والتي بدورها تهدف إلى منع كل محاولات التغيير السلمي في المنطقة العربية.
ويعتقل السيسي كل من يعارضه من سياسيين وصحفيين ونشطاء. تمتلئ السجون المصرية بآلاف السجناء السياسيين.
ثورة 25 يناير
ومع ذلك، يواصل السيسي إلقاء اللوم الكاذب على ثورة 2011 في جميع المشاكل التي تواجه بلاده، بما في ذلك النزاع حول سد النهضة الإثيوبي الكبير.
وتشن كل من مصر والإمارات العربية المتحدة حربًا ضد الإسلاميين محليًا وإقليميًا وعالميًا، حيث تنظران إلى الأحزاب الإسلامية على أنها عدوهم الرئيسي للوصول إلى السلطة من خلال انتخابات حرة ونزيهة.
الفزاعة الإسلامية
ومع ذلك، من الواضح أن قضيتهم الرئيسية تتعلق بفكرة الديمقراطية نفسها، والتي تمثل خطرًا على قبضتهم على السلطة.
لقد أصبح الإسلاميون بمثابة “فزّاعة” تسخدمها الأنظمة الدكتاتورية في الشرق لتخويف مواطنيهم والغرب ولردع فكرة التغيير.
في الوقت نفسه، خسر الإسلاميون مؤخرا الانتخابات في العديد من البلدان العربية، بما في ذلك المغرب والجزائر وتونس.
هذا ووفق المقال لم يشكل أداء الأحزاب الإسلامية أثناء وجودها في السلطة أي تهديد حقيقي لمصالح مصر أو الإمارات، ولكن يبدو أن السيسي وبن زايد لديهما ثأر شخصي من جماعة الإخوان المسلمين والجماعات التابعة لها، سعياً إلى القضاء عليهم كقوة تهديد محتمل.
وتابع خليل عناني في مقاله أنه في بداية الربيع العربي، كانت هناك مخاوف في الإمارات من وصول حمى التغيير إلى شواطئها، مما دفعها إلى الانتقال من استراتيجية دفاعية إلى هجومية.
منذ ذلك الحين، حاول ابن زايد بناء حصن ضد الثورات العربية – بهدف القضاء على أحلام التغيير في مهدها.
ولا تقتصر الاستراتيجية الخاصة بابن زايد على تمويل الثورات المضادة في الدول العربية، بل تشمل أيضًا تمويل وتصدير نموذج الانقلاب.
ويرى “عناني” أنه مع ذلك، فإن ابن زايد والسيسي وكل من يدعمهم يقفون في الجانب الخطأ من التاريخ. وقال “معركة التغيير طويلة، وسنرى من الذي يضحك أخيرًا.”