عماد موسى-نداء الوطن
بدلاً من أن يكحّلها وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب عماها، وهو الديبلوماسي العتيق والمتمرّس والرزين والعارف بخطورة المرحلة ودقتها، فبدا بحسب ما تسرّب عبر جريدة “عكاظ” رجلاً عفوياً إلى حدود مدهشة، فأوقع نفسه في مطبّات من دون قصد مع أن هدف المقابلة كما أوضح بعد الضجة كان “السعي لفتح باب الحوار وإزالة الشوائب بغية إصلاح العلاقة مع المملكة العربية السعودية وإعادتها الى طبيعتها” بعد “تخبيصة” القرداحي المكلفة جداً.
لم ينفِ كبير الوزراء (80 سنة) ما جاء على لسانه بل اتهم الصحيفة السُعودية بالاجتزاء، التي نقلت عنه قوله:”حتى لو أقال رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة قرداحي، فسيدخلان في أزمة داخلية مع سليمان فرنجية”، أزمة كأداء مع زعيم المردة هي ما كان ينقصنا! لو كانت الأمور محصورة بـ “بك” زغرتا فأكثر ما يمكن أن تتوقعه من الأخير هو الحَرَد في بنشعي والإمتناع عن تسمية وزير بديل لمعبود بنات المكلّا وفيطرون جورج قرداحي. الشيخ فريد يسمّي. لا مشكلة. المعضلة التي يعرفها بو حبيب أن الرئيسين يحاذران مواجهة “حزب الله” ويتجنبان غضب المرشد الأعلى.
ومما نقل عن رأس الديبلوماسية المدبّر”أما مساعدات السعودية فهي ليست للدولة، بل أعطيت في الانتخابات وأعطيت مساعدات لهيئة الإغاثة بعد الـ 2006 التي لا نعرف أين صرفت، لكن الدولة لم تأخذ منها شيئا”. يتضح هنا أن بو حبيب، على الرغم من خبرته المالية واطلاعه السياسي الواسع، فقد في اقل من شهرين جزءاً من ذاكرته فبعد الـ 2006 وضعت السعودية مليار دولار وديعة في مصرف لبنان ولم تقدمها هبة للهيئة العليا للإغاثة، وفات بو حبيب أن الاستثمارات السعودية في لبنان بين عامي 2004 و2015 بلغت نحو 6 مليارات دولار. وعندما ينتعش الإقتصاد تنتعش الدولة وتنتشي أيضاً. ومسألة المال الإنتخابي فصل من تاريخ لبنان والرجاء إفادة القرّاء بالمتوافر من معلومات مثيرة.
وانتقد بوحبيب، ودائماً بحسب”عكاظ، سفير المملكة في لبنان وليد بخاري لأنه لم يهاتفه عند اندلاع الأزمة الأخيرة، واتصل السفير بخاري بمستشار رئيس الجمهورية. لم يحدد وزير الخارجية أي مستشار، ولدى السيد رئيس الجمهورية منهم ما لا يقل عن عشرين من مستشاري “شؤون الأقليات” و”الجسور والإنشاء” و “روسيا والجوار” إلى المستشار الصحي” والمستشار في فقه الدستور” متسائلاً بحرقة “لماذا لا يتكلم معي؟” ويقصد البخاري. لربما شعر الأخير أن ليس لدى وزير الخارجية ما يستدعي السلام والكلام.
كل ما قاله بو حبيب يبدو منطقياً، امّا ما لا يمكن تصديقه هو سخافة التبرير لتصدير الكبتاغون اللبناني إلى المملكة بقوله “سوقها للمخدرات هو الدافع الرئيسي خلف التهريب، لا تجار المخدرات في بيروت وضواحيها!”.
أشك أن عاقلاً ممكن أن يفوه بمثل هذه الترهات. لكن ماذا لو كانت الترهة هذه حقيقة؟