طوني فرنسيس-نداء الوطن
الكرة في ملعب لبنان. هذا ما قالته جامعة الدول العربية في وصفها تداعيات الأزمة المتفاقمة بين الحكومة اللبنانية ودول مجلس التعاون الخليجي، وقولها هذا يعني ان الجميع ينتظر كيف ستتصرف السلطات اللبنانية والسلوك الذي ستنتهجه في معالجة الاسباب التي دفعت السعودية ودول الخليج الأخرى الى اتخاذ مواقفها المتشددة تجاه لبنان.
والكرة، في مختلف الأزمات، هي في الملعب اللبناني، وليس ذلك جديداً.
فعندما انهار الوضع المالي والإقتصادي في خريف 2019 قالت دول العالم والمنظمات الدولية المعنية ان الكرة يتلاعب بها اطراف السلطة وعليهم تقع مسؤولية المعالجة. جميع هؤلاء هبّوا بصوت واحد يدعون الى اصلاحات عميقة اقتصادية ومالية وسياسية تُخرج لبنان من طريق الانحدار، وقالوا انه من دون ذلك لا تتوقعوا دعماً مالياً ومعونة اقتصادية. وقبل الأزمة كانت مؤتمرات الدعم المنظمة من اجل لبنان تنحو المنحى ذاته وتتوجه بالرسالة نفسها للبنانيين: ساعدوا انفسكم لنساعدكم.
بعد تفجير بيروت اشتدت وتيرة المطالبة الدولية بالاصلاح ومحاربة الفساد، وانخرط الفرنسيون في مبادرة اضافوا اليها اشتراط قيام حكومة من الإختصاصيين المستقلين، وانضمت القوى الدولية الفاعلة الى دعم هذه الوجهة، الا انه بعد عامين على الانهيار والانتفاضة وعام ونيّف على انفجار المرفأ لم يتحقق شيء. ما زال العالم يقول نفذوا الاصلاحات لندعمكم، وما زالت قوى السلطة تتبارى في لعبة المكاسب الخاصة على حساب شعب يائس.
لم يفعل اطراف السلطة شيئاً لإغراء العالم بمساعدة بلدهم، بل زادوا على مصائبه مصيبة القطيعة مع سوقه وعمقه الطبيعي، وفي المقابل ما زال المجتمع الدولي اياه يكرر لازمته من دون حراك آخر: هاتوا الاصلاحات لنقوم بما علينا، وهذا ما لمسه رئيس الحكومة في سلسلة لقاءاته المهمة من دون شك في قمة غلاسكو.
سيعود ميقاتي والكرة في الملعب إياه. والكرة اصبحت كرات عدة، الجميع يتقاذفها ويتناتشها، لكنه لا يتصرف بمنطق اللاعب الذي عليه انهاء اللعبة بنجاح وبمكاسب لبلده.
وعلى هذا المنوال قد تستمر اللعبة عمراً مديداً، لكن الإنقاذ لا يمكنه الانتظار، فهل يتصرف الممسكون بالبلد مرة واحدة وأخيرة بمنطق أهل البلد وليس بمنطق الجالية المقيمة فيه الى حين؟