لا تزال الأزمة الناشئة بين لبنان ودول الخليج وعلى رأسها المملكة العربية السعودية تأخذ مداها وسط غياب الحلول المطلوبة لعودة المياه إلى مجاريها.
لا شكّ أن هناك فريقاً ينصب العداء للرياض ودول الخليج، لكن هناك أغلبية ساحقة من اللبنانيين ترفض إدخال لبنان في عزلة عربية ودولية وحصره بمحور معيّن ونسف كل علاقاته العربية والدولية.
ومنذ اندلاع الأزمة الدبلوماسية بين لبنان والرياض وبقية العواصم الخليجية على خلفية تصريحات وزير الإعلام جورج قرداحي، يعمل سعاة الخير على هذا الخطّ لإعادة وصل ما انقطع ولعدم إخراج لبنان من حضنه العربي.
وفي السياق، تكشف مصادر بكركي لـ”نداء الوطن” عن تواصل مستمرّ بين البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي والسفير السعودي في لبنان وليد بخاري، بعد مغادرة الأخير إلى الرياض، والإتصال الأخير جرى بينهما أمس، وقد جدّد بخاري تقديره لموقع بكركي ودور البطريرك الراعي الذي يُعتبر الضمانة للحفاظ على الكيان اللبناني، وهو يمثّل صوت كل اللبنانيين الذين يريدون بناء دولة، وسط تأكيد سعودي كبير أن الأزمة الأخيرة لن تؤثّر على العلاقات المتينة التي نُسجت بين الرياض وبكركي.
وفي التفاصيل أيضاً، ان السفير البخاري الموجود في الرياض يستكمل مشاوراته مع القيادة السعودية لتحديد الخطوات المقبلة التي يمكن إتخاذها، إذ إن الرياض لن تقبل بأقلّ من إستقالة قرداحي.
وتشدّد مصادر بكركي على أن الازمة بين لبنان والرياض يجب أن تُعالج بهدوء تام وعدم تركيب سيناريوات خيالية لضربها، وبالتالي فانّ السعوديين يرغبون في المعالجة حسب أجواء السفير بخاري، وهناك وعد من الرياض بأنّ الإستقالة ستكون بداية الحلّ وهم متمسكون بهذا الأمر، فعودة العلاقات إلى سابق عهدها لا تحصل بـ”كبسة زرّ” لكن الإستقالة ضروريّة لوضع قطار الحلّ على السكة الصحيحة.
وإذا كانت الإجراءات السعودية والخليجية في حال لم يبادر أحد إلى الحلّ لم تُعرف، إلا أن الراعي يعمل مع السعوديين على ألّا تطال الشعب اللبناني خصوصاً ان الشعب، إن كان الذي يعمل في الخليج أو الموجود في لبنان لا ذنب له بما يقترفه حكّامه، وبالتالي فان هناك تطمينات سعودية وخليجية لبكركي بأنه لن يتمّ المسّ بالجالية اللبنانية الموجودة في الخليج.
لا يهدأ البطريرك الراعي لإيجاد حلّ لهذه الأزمة، وهو يتواصل مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه برّي، وسيكون له تواصل مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي فور عودته إلى بيروت، خصوصاً أن إطالة أمد الأزمة وعدم معالجتها سيفقد لبنان الدعم العربي الذي هو بأمسّ الحاجة إليه.
ووسط كل هذه الأزمة، تتخوّف مصادر بكركي من السيناريو الأخطر والذي قد يدفع لبنان إلى المجهول، وهذا السيناريو يتمثّل بدفع جهات داخلية في لبنان الوضع إلى مزيد من التدهور ورفض الحلول، وتصعيد المواجهة مع الخليج حيث يُصبح أمام ميقاتي حلّ وحيد وهو الإستقالة، وبالتالي تطير الحكومة ومعها الإستحقاق الإنتخابي ونصل إلى الإنهيار الشامل وفرط الدولة.