رضوان الذيب-الديار
الازمة اكبر من كل القوى الداخلية اللبنانية ومخارج الحلول مقفلة، والمطالب السعودية مستحيلة، ولا يمكن لأي طرف لبناني السير فيها من الرئيس ميشال عون الى الرئيس نجيب ميقاتي والحريري وجنبلاط وباسيل وحتى جعجع وسامي الجميل، الا اذا قرروا الانتحار السياسي واخذ البلد الى الحرب الاهلية، وافضل من عبر عن الشروط السعودية المستحيلة وزير الخارجية عبدالله بو حبيب الذي اعتبرها «شروط اذعان واذلال» لاننا نرفض تسليم رأس حزب الله الى السعودية وغيرها «رغم ان بو حبيب عاد واوضح حيثيات تصريحه، لكن ما قاله يعبر عن حقيقة الموقف السعودي الذي ابلغ الى المسؤولين اللبنانيين. ومن هنا وحسب مصادر مقربة من ٨ آذار، فان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي تلقى اتصالا من احد وزراء ٨ اذار في مقر اقامته قي اسكتلندا اثناء مشاركته في قمة المناخ، نقل اليه استياء ٨ اذار من» تغريدته « الى وزراء حكومته وما تضمنته من دعوة «مفخخة « للوزير قراداحي الى اخذ قراره الوطني لمصلحة البلد اي الاستقالة، وابلغ ميقاتي ان استقالة قرادحي خط احمر ولن تحصل مهما كانت الضغوطات، وتمنى عليه باسم وزراء ٨ اذار عدم اعطاء التزامات في هذا الصدد لاي فريق عربي او دولي لان وزراء ٨ اذار سيستقيلون من الحكومة فورا ، ولن ينفع كل الدعم الدولي اذا قرر عون وميقاتي الضغط على قرداحي للاستقالة، لان القضية لم تعد قضية استقالة قرداحي بل الخضوع للشروط السعودية، وهذا لن يحصل. كما ابلغه استياء ٨ اذار من بعض ما ورد في خطابه في اسكتلندا من مسايرة للرياض وادوارها، وبالتالي فان مسار الامور لن يتضح الا بعد عودة ميقاتي ولقاءاته مع عون وبري ومختلف القيادات السياسية لوضعهم في اجواء اجتماعاته والوصول الى صيغة لم تتبلور بعد للخروج من المأزق في العلاقات مع الرياض، والجميع ينتظر ما ستسفرعنه لقاءات ميقاتي اليوم، و العائد بدعم دولي للحكومة.
وحسب هذه المصادر، فان القرار في مواجهة الشروط السعودية محسوم ولا تراجع عنه، والقرار اتخذ من ٨ اذار وتحديدا من حزب الله وشخصيات، وصدر من بيروت وليس من دمشق وطهران مطلقا. وحسب المصادر فان مسؤولين سوريين وايرانيين ابلغوا مرجعا سعوديا كببرا «ان دمشق والرياض لن تفاوضا عن حزب الله والحوثيين مهما كانت الاسباب، وعلى السعوديبن الحوار المباشر مع الطرفين» .
السعودية وحزب الله
وحسب مصادر عليمة بأجواء الاتصالات الاخيرة، فان الحلول مقفلة حتى الان، والتسوية التي طرحت مؤخرا بعقد اجتماع لمجلس الوزراء في بعبدا بعد عودة ميقاتي وصدور بيان عن مجلس الوزراء يتضمن اعتذارا من الرياض وتاكيدا على افضل العلاقات معها والاشادة بدورها كبديل عن استقالة قرداحي تم رفضها من وزراء ٨ اذار، وبالتالي فان الامور ذاهبة نحو التصعيد و٨ اذار لن تقبل بالاملاءات السعودية كي لا تتحول الى سابقة، خصوصا ان الطلبات السعودية من الحكومة تتضمن وقف النشاط الاعلامي الحوثي من بيروت واقفال قناة المسيرة، بالاضافة الى وقف الادوار الدبلوماسية للحوثيين من الضاحية الجنوبية.
هذه الشروط والشروط المضادة تؤكد ان الاتصالات الاخيرة لم تحقق اي تقدم، بانتظار خرق ما في المفاوضات الايرانية السعودية غير منظور في الافق، والتفاوض يدور بالنار حاليا في مأرب والمواجهات ليست لمصلحة الرياض، وهذا ما جعلها تفتح حربها المباشرة على حزب الله لحجب خسائرها في اليمن، واعتبار حزب الله رأس «الحربة « ضدها في لبنان وسوريا واليمن وحتى في العراق والمسؤول الاول عن كل تراجعاتها في هذه الملفات.
وتؤكد المصادر، ان الرياض ابلغت المعنيين، ان لا مشكة عندها في ملف ايران النووي واستئناف مفاوضات فيينا وفي دور حزب الله في لبنان وقوته، لكنها ضد الدور الاقليمي الكببر للحزب في سوريا والعراق واليمن، وبالرغم من تراجع دور الحزب في سوريا والعراق فانه اساسي ومحوري ومركزي في اليمن حسب هذه المصادر، لجهة حسم المعارك وتأمين كل المعدات اللوجيستية وتدريب الكوادر وادارة العمليات العسكرية، ولم تقتنع الرياض بالنفي الايراني بعدم وجود قوات لحزب الله في اليمن واقتصار الدعم على امور لوجيستية اعلامية، وتتمسك الرياض بانسحاب شامل للحزب من اليمن، وتحديدا من الحدود اليمنية القريبة من السعودية ومناطق النفوذ الشيعية لان ذلك يهدد امنها القومي، وتصرعلى ان يقتصر وجود حزب الله على مركز واحد فيه عناصر محدودة ولا مشكلة اذا كانت اعلامية، وهذا الشرط السعودي المستحيل يمنع اي تطور او تقدم في المفاوضات الايرانية – السعودية حتى الان بانتظار المخرج .
وحسب هذه المصادر، ان مسؤولين سعوديبن طلبوا من دمشق عبر الاماراتيين التحرك لايجاد الحلول، والعمل على دفع حزب الله الى مغادرة الملف اليمني وتخفيف نشاطه في سوريا، وكان رد دمشق حاسما «لن نفاوض عن حزب الله ابدا، ولا نتدخل بقراراته».
وتضيف المصادر، ان الهستيريا «السعودية بلغت ذروتها مع النكسات العسكرية في معركة مارب وانقلاب موازين القوى على الارض، وظهر ذلك من خلال بيان الاحزاب اليمنية المدافعة عن مارب واتهام السعوديين بالادارة الفاشلة للمواجهات، وفي المقابل يظهر الاصرار الحوثي على حسم المعركة عسكريا، وهذا ما سينعكس على لبنان وربما جعل المواجهة مفتوحة».
السيناريو السعودي مع الحريري
سيتكرر مع ميقاتي
وحسب المصادر، فان السعودية تعتبر حزب الله عدوها الاول في المنطقة، ومنذ اللحظة الاولى لحربها على اليمن، فتحت النار عليه، وطالبت القوى السياسية الحليفة لها في لبنان منذ اكثر من ٥ سنوات بالانخراط في مواجهة الحزب مهما كلف الامر، ورفضت معظم القوى اللبنانية التوجه السعودي في ظل عجزها عن المواجهة، ودفع سعد الحريري الثمن وتم اعتقاله في الرياض في مثل هذا اليوم منذ ٤ سنوات، وحوصر وليد جنبلاط وكل القيادات وتوقف الدعم السعودي للجيش وسحبت وديعة المليار دولار. وحسب المصادر، فان نجيب ميقاتي وحكومته سيدفعان ثمن عدم مواجهة حزب الله ورفض الاستقالة، والسيناريو السعودي الذي اصاب الحريري سيصيب ميقاتي مهما بلغ حجم الدعم الدولي لحكومته، ووحده سمير جعجع حظي بالرعاية الشاملة. وما شجع الرياض على الهجوم المباشر مؤخرا احداث شويا والناعمة والطيونة لاعتقادها ان هذه الحوادث فد تشكل فرصة لاغراق الحزب بالشوارع الداخلية ودفعه الى مغادرة اليمن، لكن حكمة حزب الله « فوتت « كل المحاولات الدولية وتحديدا السعودية لجره الى المواجهات الداخلية العبثية رغم كل ما تعرض له. و ما زاد من الغضب السعودي ايضا الموقف الحاسم للحكومة اللبنانية الميقاتية التي تعاملت مع ملف الطيونة بحزم واستدعاء حليف السعودية الاول سمير جعجع للتحقيق وتوقيف اكثر من ٢٥ قواتيا، وهذا ما قوبل باستياء سعودي كبير واعتبار الدولة رهينة بيد حزب الله ومؤسساته؟ وما رفع منسوب القلق السعودي ايضاً الصمت الاميركي الفرنسي على اجراءات الدولة ضد جعجع والرد بالحرص على الاستقرار والحكومة كيلا تطير الانتخابات. كما ان الاجراءات السعودية والخليجية ضد لبنان اصطدمت برفض دولي للتصعيد والتمسك بميقاتي، ونال دعما دوليا من خلال اللقاءات التي عقدها في غلاسكو. وقد عاد ميقاتي ليل امس مشحونا بجرعة دعم قوية للسير بالاصلاحات وتلبية الشروط الدولية الداعمة للملفات التربوية والصحية والاجتماعية والتحضير للانتخابات النيابية. وتتابع المصادر، ان المسؤؤلين السعوديين تبلغوا في غلاسكو القرارين الاميركي والفرنسي برفض الفوضى المسلحة والعودة الى خطوط التماس والحفاظ على ميقاتي وحكومته، وهذا ما يؤشر الى تباينات دولية واضحة من التوجهات السعودية ضد لبنان .
دعوة للأسد الى الامارات
هذه الصورة القاتمة للتطورات حسب المصادر لا تحجب بقعة الضوء المتمثلة في استمرار الحوار الايراني – السعودي والدعوة الرسمية التي وجهها ولي عهد ابو ظبي محمد بن زايد للرئيس بشار الاسد لزيارة الامارات ووعد الاسد بتلببتها، ولا يخرج عن هذا الاطار الايجابي المعلومات عن زيارة قريبة لمستشار الامن الوطني الاماراتي طحنون بن زايد لطهران «الذي يعتبر الرجل الاقوى في الامارات حاليا» للبحث عن مخارج لازمات المنطقة الاخيرة ولبنان تحديدا. كما سيزور وزير خارجية قطر بيروت للبحث عن مخارج ، وهذا ما يؤكد ان مواقف دول الخليج ضد لبنان كانت من اجل مسايرة القرار السعودي فقط، حرصا على وحدة مجلس التعاون الخليجي وفي الوقت نفسه التفتيش عن مخارج ترضي الجميع وتحفظ «ماء الوجه» السعودي، ولذلك تؤكد المصادر ان الساعات الـ ٤٨ القادمة ستحدد المسارات .
التشكيك في حصول الانتخابات
وفي ظل التطورات الاخيرة، ورغم الاصرار الدولي على اجراء الانتخابات النيابية في موعدها في ٢٧ اذار، فإن الوقائع على الارض تشير الى عكس ذلك، مع اجراءات من معظم القيادات السياسية البارزة بوقف نشاطاتها وتحضيراتها الانتخاببة والتوزيعات المالية وابلاغ مسؤولي الحملات الانتخابية تجميد التحضيرات والايحاء لهم باستحالة اجراء الانتخابات النيابية في مثل هذه الظروف الاقتصادية والامنية والسياسية، حتى ان مرجعا بارزا ووازنا قال لكوادره ردا على سؤال عن التحالفات الانتخاببة «مين عم يحكي بالانتخابات حاليا». واللافت ان التوقف عن الاستعدادات صدر بعد احداث الطيونة وبتوقيت واحد من قبل الاطراف السياسية الاساسية التي تفضل عدم اجراء الانتخابات كونها تعيش قلقا لجهة التراجع في الحصص والاحجام نتيجة الاوضاع الاقتصادية ومعاناة الناس، وماذا تستطيع ان تفعل القوى الدولية اذا حصل التوافق ببن القوى الاساسية الداخلية على تأجيل الانتخابات النياببة، لكن طموحات القوى الداخلية تصطدم بالاصرار الدولي على انجاز الاستحقاق النيابي والاسابيع القادمة ستحدد المسارات.
الاوضاع الاقتصادية والاضرابات
وفي ظل اوضاع البلاد، فان المأزق الاقتصادي يتعمق، ومن المتوقع ان تنتهي فترة السماح للحكومة مع بدء نهاية السنة الخامسة من عهد الرئيس ميشال عون في عيد الاستقلال ومحاسبتها على تنفيذ ما وعدت به، و كل المؤشرات الاقتصادية توحي بالعجز عن تلبية مطالب الناس، وتستعد النقابات كافة وفي كل القطاعات الى موجات من التحركات الشعبية على الارض لتحقيق المطالب، وتنتظر القطاعات التربوية والنقل العام وسائقو التاكسي تنفيذ الوعود، والا فان الدولة سيصيبها شلل كامل مع انضمام موظفي القطاع العام والمؤسسات العامة الى الاضراب الشامل والتوقف عن العمل في كل الوزارات بدءا من اليوم، وستشمل التحركات تنظيم تظاهرات شعبية في كل المناطق وقطع للطرقات حتى تحقيق الجزء اليسير من المطالب والوعود الحكومية. وهنا يطرح السؤال: اين اصبحت البطاقة التمويلية فيما موجات الغلاء تجاوزت كل السقوف في حين تنتظر البلاد ازمة نفايات جديدة في كل المناطق، تهدد بكارثة مع بدء فصل الشتاء ؟