ألان سركيس-نداء الوطن
دخلت البلاد السنة الأخيرة من عهد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وسط مخاوف من إنفجار سياسي وأمني يرافق الإنفجار الإقتصادي، في حين أن الشعب لا يزال ينتظر أن يُشكّل حكومته الأولى ويُنفّذ البرنامج الإصلاحي الذي وعد به اللبنانيين.
يُراهن رئيس “التيار الوطني الحرّ” النائب جبران باسيل على استمرار النهج المتّبع، وهو القائل في الذكرى الخامسة للإنتخاب أن عهد عون باقٍ ليس فقط سنة بل سنين.
وقد قرأ البعض أن باسيل يقصد توجيه رسائل عدّة في تغريدته، فالأمر الأول والأحبّ على قلبه هو أن يرث كرسي بعبدا من عمّه ويتربّع على العرش لست سنوات مستفيداً من دعم محور “حزب الله” وإيران، لكن هذا السيناريو غير واقعي لأن باسيل لم يحصل على وعد علني حتى الساعة من “الحزب”، ولا يحظى بقبول داخلي بل برفض عارم، كما أنه موضوع تحت سيف العقوبات الأميركية ولن يحظى بدعم عربي، ويُعتبر جزءاً أساسياً من الطبقة السياسية الفاسدة التي ثار عليها الشعب.
أما الأمر الثاني فهو محاولة التمديد لعون على اعتبار أننا سنصل إلى الإستحقاق الرئاسي ولن يكون هناك رئيس مقبول من الجميع، وبفعل الحاجة وعدم الجنوح إلى الفوضى فإن خيار التمديد لعون وارد، وعندها يستمرّ باسيل في الحكم كما هو اليوم ويضمن عدم وصول أحد من خصومه إلى بعبدا، لكن هذا السيناريو غير واقعي أيضاً، فالجميع يعدّ الأيام في آخر سنة من العهد ويفضّل الفراغ على بقاء عون في بعبدا.
وبالنسبة إلى الأمر الثالث، يبدو أنه تدميري بامتياز ويخلق سابقة خطيرة، إذ إن بعض القريبين من دوائر العهد يروّجون لبقاء عون إذا لم يستطع البرلمان إنتخاب رئيس جديد تحت حجّة عدم الفراغ في السلطة، وهناك بعض من يعتبرون أنفسهم رجال قانون يعدّون دراسات لإستمرار عون إذا لم يوافق مجلس النواب على التمديد له.
وتُعتبر كل هذه السيناريوات والخيارات كارثية، إذ إنها قدّ تؤدّي إلى ما يشبه حرباً أهلية أو أقلّه إعادة مرحلة 1989- 1990 وما رافقها من تدمير للبلد وانهيارات متلاحقة.
وإذا كان المجتمع الدولي يضغط من أجل احترام موعد الإنتخابات النيابية في الربيع المقبل، إلا أنه يوجد هناك تخوّف من الرأي العام والمعارضة من تطيير هذا الإستحقاق عبر خلق توترات أمنية وفتن متنقلة للقول إنه لا يمكننا إجراء هذا الإستحقاق.
وتتعزّز المخاوف بعد أحداث الطيونة وعين الرمانة، خصوصاً مع تكاثر إستطلاعات الرأي التي تُجمع على تراجع شعبية “التيار الوطني الحرّ” في الشارع المسيحي، وصعود شعبية خصومه وعلى رأسهم “القوات اللبنانية”.
ولا يقتصر الأمر على فقدان “التيار الوطني الحرّ” لبعض المقاعد النيابية أو تراجع حجم كتلته، بل إن “بيت القصيد” يتمثل في فقدان “حزب الله” الأكثرية النيابية المتحكّم بها وخسارة الغطاء المسيحي، وهذا الأمر يُعتبر خسارة كبيرة لمشروع “الحزب” والمحور السوري – الإيراني، ويفتح الباب على احتمالات عدّة بالنسبة إلى الإستحقاق الرئاسي الذي سيلي الإنتخابات النيابية.
وأمام كل هذه العوامل، فإن السنة الاخيرة من عهد عون قد تكون الأخطر، لأنه سيتقرّر فيها مستقبل لبنان وما إذا كان سيتحرّر من قبضة السلاح غير الشرعي، أو أن الوضع سيستمر على حاله.