اين صارت البطاقة التمويلية.. ولماذا تأخر تنفيذ مشروع شبكة الامان الاجتماعي ؟ حكاية الحلقة الضائعة من الالف الى الياء … والبنك الدولي يربط التمويل بحسن سير التنفيذ

محمد بلوط-الديار

التعقيدات السياسة تتوالى لتزيد حجم الازمة التي تلفً لبنان ، وتضاعف استتباعا انهيار البلد، خصوصا في ظل عجز السلطة شبه الكامل عن معالجة المشاكل والملفات المتصلة بالاوضاع الاقتصادية والمالية والاجتماعية .

ومنذ تشكلت ، لم تتمكن حكومة الرئيس ميقاتي من احداث اي تغيير او خطوة عملية لوقف الانهيار او معالجة تداعياته، لا سيما بعد ان شرّعت الابواب امام رفع الدعم من دون تقديم الحد الادنى من التعويضات للمواطن الذي بات عاجزا كليا عن تأمين الحاجات الضرورية للعيش بسبب تبخر المعاشات والرواتب والغلاء المتفاقم من دون حسيب او رقيب ، عدا عن مفاعيل الارتفاع الصاروخي لاسعار البنزين والمازوت والغاز واستمرار نظام العتمة في ظل ازمة الكهرباء .

واذا كانت الحكومة تعوّل على مساعدات الصندوق الدولي بعد المفاوضات الصعبة التي ستخوضها ، فان التطورات الاخيرة التي طرأت على الساحة تعزز الاعتقاد بان هذه المساعدات لن تتأمّن قبل الانتخابات النيابية في الربيع المقبل، وربما ستتأخر الى مطلع الصيف .

ويقول مصدر نيابي بارز في “لجنة الاقتصاد” ان الحكومة معنية بوضع روزنامة زمنية غير طويلة الامد لتسريع التفاوض مع الصندوق الدولي الذي ابدى استعداده منذ تأليفها التعاون معها، وبحث اطار وبرنامج المساعدات التي سيقدمها للبنان على خطة التعافي الاقتصادي والمالي التي يفترض ان تعدها هلى ضوء التغيرات التي طرأت منذ نهاية حكومة الحريري وخلال حكومة دياب السابقة، آخذة بعين الاعتبار عناصر الازمة التي قاربتها الحكومة المذكورة .

وبرأي المصدر ان هناك نية ورغبة لدى الحكومة الحالية في تسريع هذه العملية ، لكنها في الوقت نفسه تدور حول نفسها في حسم بعض العناصر والملفات المتعلقة بالخطة ، منها مشكلة الكهرباء ووضع المصارف وخطة اعادة هيكليتها ووضع تصور عام للسياسة المالية والنقدية .

واذا كانت الحكومة قد واجهت ظروفا صعبة في الاسابيع الاخيرة بسبب ازمة التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت واحداث الطيونة، وتوقف جلسات مجلس الوزراء ثم اهتزازها الحالي بسبب ازمة القطيعة السعودية على خلفية تصريح الوزير قرداحي حول اليمن ، فانها قصّرت واخطأت في مسألة توفير المساعدات والحد الادنى من التأمينات الاجتماعية للمواطنين بالتوازي مع رفع الدعم وما احدثه ويحدثه من تداعيات سلبية كبيرة على الوضع الاجتماعي لمعظم شرائح اللبنانيين.

ووفقا للمصدر، فان البنك الدولي خصص قرضا لشبكة الامان الاجتماعي بقيمة ٢٤٦مليون دولار ، وطرح عددا من الشروط والملاحظات قالت الحكومة السابقة انها اخذت بها وضمنتها مشروع القانون الذي ارسلته للمجلس النيابي . وسارع المجلس الى درسه وانجازه في اللجان قبل وضعه على جدول اعمال الجلسة العامة الاخيرة حرصا على الاسراع في تنفيذ هذا المشروع الضروري في اسرع وقت، لكن الرئيس بري فوجىء خلال البدء بمناقشته بتمني الرئيس ميقاتي اعادته الى اللجان النيابية المشتركة لاعادة درسه مع الملاحظات والمطالب التي ارسلها البنك الى الحكومة الحالية قبل ايام قليلة من الجلسة . وبناء عليه اعيد المشروع الى اللجان المشتركة لدرسه وانجازه خلال اسبوعين ، مشددا على حسم هذا الموضوع باسرع وقت .

ويضيف المصدر ان الحقيقة ضائعة بين تأكيد الحكومة السابقة تقيدها بملاحظات البنك الدولي، وبين تأكيد البنك المذكور بان مشروعها لم يتضمن هذه الملاحظات التي يعتبرها ضرورية وحيوية . وفي شأن مشروع البطاقة التمويلية، يبدو ان مشكلة التمويل غير محسومة حتى الآن، عدا ان العملية مشروطة بمراقبة ومتابعة البنك الدولي لـ”حسن سير” تنفيذ مشروع شبكة الامان الاجتماعي الذي لم يبدأ اصلا ، والية تنفيذ مشروع البطاقة .

ويقول المصدر ان مشروع البطاقة المذكورة كان سيمول من بند استثنائي في مشروع موازنة العام ٢٠٢١ بموافقة مجلس النواب ، لكن الموازنة لم تنجزها الحكومة السابقة بسبب استقالتها والاشكالية الدستورية التي اثيرت في حينه . وهذا ما ادى الى التفتيش عن مصدر آخر، فكان الخيار تحويل قرض البنك الدولي المخصص للنقل العام بقيمة ٣٠٠ مليون دولار الى تمويل البطاقة التمويلية ، وقد وافق البنك مبدئيا على هذا الامر، مؤكدا في الوقت نفسه على التثبت من حسن سير الية وتنفيذ مشروع شبكة الامان الاجتماعي والية مسار مشروع البطاقة التمويلية .

وفي ضوء كل هذه الوقائع عتقد المصدر النيابي “اننا ما زلنا في الحلقة المفرغة بانتظار حل المسائل العالقة، لا سيما الخاصة حسم مسألة التمويل ، رغم تأكيد وزير الشؤون الاجتماعية امس، امام لجنة الصحة والشؤون الاجتماعية ان الوزارة انتهت من انجاز كل ما يتعلق بمشروع البطاقة والمنصة الخاصة بها وستكون جاهزة يوم الاثنين المقبل ، حيث سيكون له مؤتمر صحافي غدا يتحدث فيه عن هذا الموضوع والمستجدات المتعلقة بالمشروعين الاخرين: شبكة الامان الاجتماعي ، والعائلات الاكثر فقرا وتطويره وتوسيعه .

ووفقا لكل ما يتصل بعذه الخطة الثلاثية، فان ما يسجل حتى الآن يؤكد ان تنفيذ البطاقة التمويلية ومشروع شبكة الامان الاجتماعي ما زالا ليس في المتناول ، وان المواطن اللبناني عموما والعائلات الفقيرة او محدودة الدخل ، وهي تشكل اكثر من ثلاثة ارباع عدد العائلات اللبنانية ، معرّضة لمزيد من المعاناة التي تتجاوز كل حدود .

Exit mobile version