نبيه البرجي-الديار
وسط هذه المتاهة السياسية، والاقتصادية، والمالية، وحتى المتاهة الوجودية، من ذاك اللبناني الذي لا يزال رأسه على كتفيه ؟ ما يتناهى الينا من شقوق الجدران أن الآتي أعظم. ما الأعظم من أن نكون الهياكل العظمية بين أيدي ديناصورات القرن؟
هذه أزمة الصحافي الآن، الأزمة المهنية، والأزمة الأخلاقية، بل والأزمة الفلسفية، حين لا يكون ظلاً لأي من أوثان الداخل وأوثان الخارج .
ما الجدوى أن نقفل أفواهنا بالشمع الأحمر أمام ما دعيناها، يوماً، “كوميديا الضفادع” ما أضحك الزميل العزيز حنا أيوب، وندعوها اليوم “كوميديا الأفاعي”؟ لا ندري ما اذا كان ثمة من مجال لصوت مختلف داخل هذا الضجيج، لكأنه ضجيج يوم الحشر …
آثرت أن استعيد بعض الأسئلة، وبعض الآراء، التي تطرح في الصحف، وعلى الشاشات، وفي الزوايا الديبلوماسية الأوروبية. الكلام كثير حول أن ما يجري هو نتاج “تفاعلات جيولوجية”، على مستوى الكرة الأرضية، عشية ظهور أمبراطوريات وغروب أمبراطوريات أخرى .
اذ لا سبيل الى الحرب العالمية الثالثة، لا بد للصراعات أن تأخذ ذلك المنحى الفوضوي (والضبابي)، بتداعياته الدراماتيكية على منطقتنا البالغة الهشاشة مثلما هي بالغة التعقيد …
هذه عينات مما يكتب ومما يقال :
• هل حقاً أن الخلاص في منطقتنا بات مستحيلاً، وبعدما قال هنري كيسنجر “ان أزمة الشرق الأوسط ولدت مع الله وتموت مع الله” ؟ في هذه الحال، لتترك القوى الكبرى الأمور تذهب الى الانفجار العسكري لأن اعادة ترتيب الحطام اسهل بكثير من اعادة ترتيب الكراسي بين أولئك المجانين .
• لعل ابراهيم رئيسي، بتكشيرته الأبدية، يتوقع من جو بايدن أن يجثو بين يديه، ويعلن ولاءه لآية الله خامنئي …
• محمد بن سلمان، كحالة قبلية، أو كحالة فرويدية، يراهن على عودة دونالد ترامب الى البيت الأبيض لانشاء أمبراطوريته، توازياً مع الوصول بميثاق ابراهيم بين الكعبة والهيكل الى حد اقامة كوندومينيوم (حكم ثنائي) لادارة المنطقة .
ولكن ماذا فعل له الرئيس الأميركي السابق سوى استنزافه حتى العظم، حتى أنه لم يتمكن، وأمام هول المؤسسات في بلاده، من تنفيذ وعده للأمير بالدخول الى قطر على متن دبابة، وتوحيد مرجعية النفط والغاز، على أن يستتبع ذلك الحاق الدول الخليجية الأخرى بالتاج السعودي .
• لبنان وصل الى حالة من التفتت، بما في ذلك تفتت الكتلة المسيحية حد استحالة اطلاق أي صيغة فديرالية، أو تقسيمية. هنا لا مناص من الأخذ برأي بعض الكرادلة في الفاتيكان بتوزيع المسيحيين على البلدان الأوروبية والأميركية، على أن تترك الطوائف الأخرى تأكل بعضها البعض .
• ما دام حزب الله داخل الحصار، وهو يعلم أن ثمة سيناريوات أخرى في انتظاره، لماذا لا يبادر للاستيلاء على السلطة، والانتقال بلبنان من الزمن الأميركي (وجزئياً الزمن الفرنسي) الى الزمن الصيني (وجزئياً الزمن الروسي)؟
• من هو ذاك الأحمق الذي يظن أن الدولة العميقة في الولايات المتحدة، بظلالها التوراتية، تريد فعلاً وقف الحرب في اليمن، أو توصل السعوديين والايرانيين الى تسوية ما توقف مطحنة الدم في اليمن والتي لا افق لها لا في الأرض ولا في السماء ؟
• هل أن فلاديمير بوتين القيصرأم الراقص ؟ راقص الفالس بين سوريا و”اسرائيل”، بعدما أثبتت النزهة التي قام بها مع نفتالي بينيت بين ورود سوتشي أن الدخول الى الى الشرق الأوسط من “البوابة الاسرائيلية” قد يكون أكثر جدوى من الدخول من البوابة السورية وحيث اللعب مع السلطان العثماني لكأنه اللعب مع الثعبان …