“ليبانون ديبايت” – علي الحسيني
شكّلت الأزمة اللبنانية ـ الخليجية عاملين أساسيّين بما يتعلّق بنظرة “حزب الله” للمسار الذي سلكته هذه الأزمة على صعيد علاقاته الداخلية وتحديداً تحالفاته السياسية، وأيضاً بنظرته إلى حقيقة الواقع اللبناني الذي لا يُمكن تجاوزه ومدى تأثّره بأي انعكاس في سوء العلاقة بين لبنان والدول العربية وتحديداً الخليجية. وعلى الرغم من رفع سقف الإتهامات والتصريحات المُتبادلة بين “الحزب” والسعودية على خلفيّة تصريح الوزير جورج قرداحي المُسيء للمملكة، إلا أنه يبقى الثابت أو المعيار هو، أنه كما أن “الحزب” مكوّن لبناني أساسي لا يُمكن تهميشه، كذلك فإن السعودية وبقيّة دول الخليج هي فعلاً الرئة التي يتنفّس منها لبنان وأن أي قطيعة للعلاقات مع هذه الدول هي بمثابة الإنتحار.
المؤكد أن “حزب الله”، قرأ جيّداً خلال الأيّام التي تلت المواقف التي اتخذتها الدول الخليجية عقب توصيف قرداحي للحرب اليمينة ب”العبثية” واتهامه السعودية والإمارات بـ”الإعتداء” على اليمن، حقيقة مسار الأمور على خطيّ الداخل والخارج واستخراجه ثوابت يُمكن أن يقف عندها في المُقبل من الأيّام. فمن جهة، كشفت الأزمة للحزب، حقيقة مواقف حلفائه والثوابت التي تجمعهم به، ومن جهة أخرى، فقد أدرك إستحالة استمرار لبنان من دون دعمٍ عربي ـ خليجي، خصوصاً في هذه المرحلة، وبأن ما تُقدّمه هذه الدول للبنان واللبنانيين، لا يُمكن لأي دول أخرى بما فيها إيران، أن تُقدمه. والكلام هنا، لا يتعلق بالشق الإقتصادي فحسب، بل يطال الجوانب الأمنية والسياسية، وحتّى المعنوية.
في الشقّ الداخلي، ثبت بالوجه الشرعي ل”حزب الله” أن ما يجمعه بتيّار “المردة” ورئيسه سليمان فرنجية، يتعدى أي علاقة أو تحالف مع “التيّار الوطني الحر” ورئيسه النائب جبران باسيل، بمعنى أوضح، فإن “الحزب” وضع قرار فرنجية بوضع استقالة وزيره قرداحي عند “الحزب” وبتصرفه في ميزان واحد مع الموقف “الرمادي” الذي اتخذه “الوطني الحر” حيال الأزمة مع السعودية، فكان أن “طبش” الميزان لصالح فرنجية مع “حبّة” مسك كان عبّر عنها الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله، في موقفٍ سابقٍ أكد فيه تقديره لمواقف فرنجية “وتعاطيه الشريف معنا بملف الإستحقاق الرئاسي”.
وبحسب المعلومات، فإن “حزب الله” وفي سياق دراسته لطبيعة الأزمة القائمة اليوم وما نتج ويُمكن أن ينتج عنها لاحقاً، سيقوم أيضاً بدراسة طبيعة تحالفاته وتقسيمها إلى قسمين: الأوّل يتعلّق بما يندرج ضمن السياسة العامة والعلاقات المرحلية والمصلحية، والثاني له علاقة بالتحالفات الثابتة والراسخة ومردودها الإيجابي في حال استخدمها بالطريقة الصحيحة وبمكانها الصحيح. ويبدو أن امتنان نصرالله لمواقف فرنجية، سيكون المقياس عند “الحزب” لاستخدام هذه العلاقة في مكانها الصحيح، خلال المرحلة المقبلة.
أمّا في نظرة “حزب الله” للخارج وتحديداً ما نتج عن الأزمة اللبنانية ـ الخليجية، تُشير مصادر سياسية مُستقلة إلى أن مخاوف كثيرة تسود لدى الحزب هذه الفترة، خشية حصول انعكاسات إقتصادية جراء سحب عدد من الدول العربية سفرائها وقطع علاقاتها مع لبنان بكافة الجوانب وهو ما يعني انهيار البلد بشكل يتعدّى الإنهيار الحالي، إذ وبحسب المصادر نفسها، فإن “الحزب” سيقف عاجزاً أمام مواقف الدول العربية التي قاطعت لبنان لجهة سد احتياجات الشعب اللبناني وبيئته على وجه الخصوص في حال صدور تعليمات تقضي بترحيل لبنانيين شيعة وغير شيعة من السعودية أو الإمارات، أو دول خليجية أخرى.”
وتُشير المصادر ذاتها، إلى أن “حزب الله” لديه اقتناع كامل بأنه لا يُمكنه سدّ أي عجز قد يُخلّفه الفراغ الخليجي وتحديداً السعودي في لبنان، فقد جرّب “الحزب” تغطية جزءٍ صغير جداً من احتياجات لبنان في قطاعين: الأول المواد الغذائية، والثاني مادتي المازوت والبنزين، فكانت النتيجة أن “فشل” في تأمين احتياجات ليس اللبنانيين فحسب، بل بيئته وجمهوره. لذلك لا مصلحة للحزب الآن، بـ”تكبير حجره” وعليه التواضع والإعتراف، بأن الدور الخليجي الإيجابي، يتخطّى مصالحه ويتخطّى أي دور تسعى إيران إلى لعبه في لبنان.”