خاص “لبنان 24″
لم تحجب تداعيات الأزمة الدبلوماسية المستجدة وغير المسبوقة بين لبنان والمملكة العربية السعودية وعدد من دول الخليج رواسب أزمة الثقة المستفحلة بين المحقق العدلي في جريمة إنفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار و”المرتابين” بأدائه وسلوكه وحتى نيّاته، فأغرقوا أنفسهم في متاهة تعيين “المرجع المختص ومداعاة الدولة” وأغرقوا معهم القاضي البيطار بعشرات الدعاوى المرتبطة بالإرتياب والردّ والنقل والكفّ، ليجد نفسه في مواجهة مباشرة مع ” كلن يعني كلن”،بدءاً بالمجلس النيابي ،مروراً بالنيابة العامة التمييزية وصولاً الى “المنشقّين” عن لجنة عوائل شهداء وضحايا المرفأ.
كل هذا يحدث من دون أن يعرف أحد، حتى مجلس القضاء الأعلى برئيسه وهيئته اللذين كان لهما الدور الأبرز بتزكية إسم القاضي البيطار لتولّي التحقيق في الملف بعد اقتراح من وزيرة العدل السابقة ماري كلود نجم، مضامين ما تجمّع لديه من وقائع في سياق التحقيق المعروف بسرّيته، علماً أن هناك مَن سعى ولا يزال لإضافة ارتياب جديد من نوعه بحق المحقق العدلي، وهذه المرة تحت عنوان الخضوع للضغط الإعلامي والتصريح أمام وسائل الإعلام والبعض وصل الى حد الإتهام بالتسريب الى هذه الوسائل.
في المرحلة المقبلة، واعتباراً من التاسع من الجاري وهو تاريخ جلسة الإستجواب التي حدّدها القاضي البيطار النائب غازي زعيتر، تبدو الأمور وكأن المحقق العدلي يعمل بمنحى تصاعدي لا يتوقّف حتى عند إصدار مذكرات الإحضار والتوقيف الغيابية، ولكنه بالمقابل يتماهى أيضاً مع تصعيد من جانب المتضرّرين من أدائه بهدف النأي بأنفسهم عن أي مساءلة أو محاسبة، وهم بالتالي يتصدّون بكل الوسائل القانونية المتاحة والحقوق التي تكفلها لهم النصوص القانونية، فهل يمكن القول أن العدّ التنازلي count down لإعفاء المحقق من النظر بالملف وتنحيته قد انطلق تمهيداً لإغراق هذا الملف وتضييعه؟ وهل يملك الطرفان ما يكفي من “الأرانب القانونية” للإستمرار في معركة كسر العظم بينهما؟
منطق الأمور لا يمكن أن يسلّم بفرضية أن وصول نيترات الأمونيوم الى مرفأ بيروت كان قضاءً وقدراً أو أنه مجرد حظ عاثر اعتادت على “خبطاته” العاصمة المنكوبة، لكن ما هو واضح ولا يحتمل الشك أو الإرتياب أن العدالة في لبنان باتت في مرمى النيران القاتلة.