الكاتب : د. شريف نورالدين
ما هي إلا كلمة قالها قائلها جورج قرداحي، الحرب العبثية في اليمن، وقامت الدنيا ولم تقعد..
لما لا! هي كلمة ثائر في وجه طواغيت الارض، هي كلمة التاريخ العميق في هذا الزمن السحيق…
هي كلمة الأنبياء؛ شعيا وارميا وقزحيا ودانيال وعاموص ويحيا وذكريا، وهم الذين قتلوا من أجل كلمة ليشهدوا على الحق شهداء…
هي كلمة النبي ابراهيم في وجه النمرود…
هي كلمة موسى وهارون في وجه فرعون…
هي كلمة تأييد سيدنا عيسى بروح القدس…
هي كلمة النبي محمد كلام الرحمة للعالمين…
هي كلمة النبي محمد في قومه (والله لو وضعوا الشمس في يميني ، والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره الله ، أو أهلك فيه ، ما تركته)…
كيف لا يا جورج قرداحي؛ وانت القائل كلمة حق بالامام علي ليس إماما للمسلمين والمسيحيين وحسب، بل إنسانية علي لكل العالم، انه موقفك من عبثية الحروب هو لعدل الامام علي وكلمته (وأشعر قلبك الرحمة للرعية ، والمحبّة لهم ، واللطف بهم ، ولا تكونن عليهم سبعاً ضارياً تغتنم أكلهم ، فإنّهم صنفان : إمّا أخ لك في الدين ، أو نظير لك في الخلق)…
هي كلمة الإمام الحسين (مثلي لا يبايع مثله)، قد تجسد فيك موقف كربلاء، والوقوف لمواجهة اهل بغاء وزيادة وتجار وقتله هذا العصر…
هي كلمة جون المولى الحر الأبي في ساحة العز والكرامة والوفاء والبسالة والشجاعه والحرية والتضحية والاستشهاد من أجل كل الأنبياء والأولياء والإحرار والمظلومين والمقتولين ظلما وعدوانا…
هي كلمتك في ساحة لبنان، والمساحة كل المساحة على أرضه وترابه…
هي كلمتك التي تمثلت وتمثل كل معاناة العالم من قهر وذل واخضاع وتسلط وجبروت…
هي كلمة الصدق والوعد، مؤكدا، رصينا، حازما، معلنا ثباتك ورجاحة عقلك وحكمتك ونزاهتك وشفافيتك في فهم الأمور وصوغها وطرحها بجراة عالية قل نظيرها في يومنا هذا…
هي كلمتك في الاصلاب الشامخة الطيبة من ام واب صدقوا سموك قرداحي، هي رسالة اله فيك وفي ذريتك لكل من صلبوك وعزروك، ولكنك أكبر من صليبهم اللبناني والعربي…
ارادوك اسخريوطي؛ من باعهم بثلاثين من الفضة، فكنت من تجسد فيه قلب عيسى ورحمته، وكنوز النبي سليمان وعظمته، تصاغرت الدنيا ومواقعها في قلبك وعقلك، وكبر الخالق في عينك…
هي كلمتك التي كشفت المستور المعلوم، في بني صهيون من”أل سهود” وغيرهم، هللوا ودللوا عليك لاهانتك وتحقيرك وتحطيمك، فجاء ردك العنفوان والعنوان، تعاظمت عليهم وحطمت كبريائهم، فحيرتهم وغيرتهم فانقلبوا بسحر ساحر من اليمن إلى لبنان…
هي كلمتك التي سطرت احرفها، فكان حرفك نور وحروف (طائرالفينيق الحقيقي وليس الاسطورة) إلى كل العالم…
هي كلمتك الحاضر والمستقبل والتاريخ المؤرخ تشع فيه وتتلألأ، شاهدة حاضرة على زمن غابر قل رجاله، فكنت الرجل بالف رجل في زمن اشباه الرجال…
هي كلمتك التي نطقت بها على لسان الشرف ووسام الصدر وتحية الجبين العالي، كجبال لبنانك الصامد الشامخ الساطع من لبننة لبنان الجديد المعاصر…
هي كلمتك سلاح ومقاوم في عزك ومجدك وفخرك، وانت المقاومة كلها وكل المقاومة والشرفاء معك…
هي كلمتك التي فسرت معالم الحروب في المنطقة، فكنت من الذين أجادها وتألقت بها، قولك اليمن اولا واخيرا، هنا بدأت وهنا تنتهي كل الحروب وفصولها…
نعم هنا البداية والنهاية، اليمن أسطورة التاريخ وحرب الأوان ونهاية “صهيون وأل سهود وكل غربان وثعبان”…
هي كلمتك التي صححت مسار”أل سهود” في حربنا من عربي اسرائيلي إلى عربي عربي، وتحت مسميات تحرير لبنان من إيران واليمن وسوريا، يا ليت بني صهيون عليها، لوجدناهم خداما لديها ، هي الحقيقة العلقم…
هي قوتك التي خفتهم فيها على اخلاقهم ودينهم فخافوك منها على سلطانهم ودنانيرهم…
نعم يا قرداحي والف نعم! هي كلمتك الحق في وجه سلطان جائر…
نعم يا قرداحي! هذا زمانك وليس زمان النبي موسى لنقل لك؛ ( فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون ) ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون…
نعم يا قرداحي! هو زمانك بعلم الإمام علي؛ قالها وقلتها وقلتها أمام البطرك في زيارتك الأخيرة له، وهو يضغط عليك للاستقالة، فرديت لا تحرجني غبطتك؛ فقلت له دون أن يدري، والله لو أعطيت الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها على أن أعصي الله في نملة أسلبها جلب شعيرة ما فعلت وإن دنياكم عندي لأهون من ورقة في فم جرادة تقضمها…
نعم يا قرداحي هذا زمان وصية النبي محمد فيك؛ [إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتِ الأَقْلَامُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ]
نعم يا قرداحي قلتها دون الإشارة اليها، كما قال رب العالمين؛ (مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ۚ وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَٰلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ)، هم “وبني صهيون وأل سهود”…
وأخيرا ولا تنتهي كلمتك يا قرداحي!
ما دين المرء سوى كلمة.
ما شرف الرجل سوى كلمة.
ما شرف الله سوى كلمة.
مفتاح الجنة في كلمة.
دخول النار في كلمة.
وقضاء الله هو الكلمة.
الكلمة فرقان بين نبي وبغى.
الكلمة نور.
عيسى ما كان سوى كلمة.
الكلمة تحطم عروش وتنهي ظالمين.
الكلمة هي الحرية.
الكلمة هي مسئولية.
إن الرجل هو موقف وكلمة…
هي كلمتك يا جورج قرداحي في هذا الزمان، الحق يعلو ولا يعلى عليه…