“ليبانون ديبايت” – فادي عيد
لا يكاد اللبناني ينتهي من أزمة، حتى تفاجئه أزمة جديدة تطلّ برأسها دون استئذان، وكأنه كُتب على اللبنانيين أن يعيشوا بين الأزمات المتفجّرة على كافة الأصعدة المالية والمعيشية، وحتى الأمنية، والتي اعتقد الجميع أنها باتت من الماضي، بعدما طُوِيَت صفحتها إلى غير رجعة، الأمر الذي يرسم مساراً غامضاً بالنسبة للإستحقاقات المقبلة، وفي مقدّمها الإنتخابات النيابية، والتي باتت محور أي تحرّك داخلي أو خارجي.
وفي هذا السياق، يتوقّع وزير سابق، أن يرتفع منسوب التصعيد في الخطاب السياسي، وأن يُترجم في الشارع، ما يؤدي إلى نتائج وتداعيات خطيرة على الوضع العام، لا سيما لجهة زعزعة معادلة الإستقرار الداخلي وضرب العلاقات السياسية القائمة بين مختلف الأطراف، وبالتالي، اتساع الهوّة بين الأطراف السياسية على إيقاع الأزمة الإجتماعية الضارية التي تفتك بالمواطنين.
ويرى الوزير السابق، أن ما حصل من حرب كلامية سياسية وتصعيد في الأسابيع الماضية على محور تعديلات قانون الإنتخاب، ناهيك عن الأحداث الأمنية والتطوّرات القضائية الدراماتيكية، يكفي لأن يعيد عقارب الساعة إلى الوراء ويستحضر مراحل خطيرة من التجاذب السياسي والطائفي، يوم كانت كل جسور التواصل مقطوعة بين جميع الأطراف السياسية، والحكومة في حال من الشلل والتعطيل.
وفي حين اعتبر الوزير نفسه، أنه ليس مفاجئاً أن ينقلب المشهد الداخلي خلال أيام معدودة، في سياق تدريجي من التفاهمات بعد ولادة الحكومة والإستقرار بعد بدء البحث بالحلول الإنقاذية في مجلس الوزراء وفي المجلس النيابي على حدّ سواء، رأى أن هذا التطوّر يعود إلى دخول الساحة في مدار الإنتخابات النيابية والرئاسية، وكأن الأولى تمهّد للثانية وترسم مسارها وتحدّد طبيعة السباق ووتيرته. وإذا كان من المبكر الحديث عن هذه الإستحقاقات اليوم، في حين تتراكم الأزمات أمام الجميع من دون استثناء، يرى الوزير، أن البُعد الذي يرتديه الخلاف داخل المجلس النيابي بالدرجة الأولى، يُنذر بتراجع كل الخلافات الجانبية وبتركيز السجالات في هذا المجال، على الأقل خلال المرحلة الإنتقالية الفاصلة عن موعد الإنتخابات فيما إذا كانت ستجري في آذار المقبل.
ومن هنا، فإن الوزير السابق، لا يرى أن هناك أي فصل لكل ما يسجل من مواقف خارجية، وتحديداً أميركية، بعد دفعة العقوبات الأميركية الجديدة، وبين التطورات المحلية الأخيرة، مشيراً إلى أن حصيلة هذه المستجدات كلها، تؤكد أن الأمور سوف تتّجه نحو المزيد من التصعيد والتشنّج على جبهة الإستعدادات الإنتخابية، دون الأخذ في الإعتبار من قبل أي طرف، مدى وحجم الضرر الذي سيترتب على المواطنين الذين قد لا يجدون وقوداً في سياراتهم للتوجّه إلى مراكز الإقتراع يوم الإنتخاب، والذين بطبيعة الحال لن يكترثوا إلى موعد هذا الإستحقاق الذي قد يكون قد أُفرغ من مضمونه، وذلك، في حال استمر التدهور على الصعيدين المعيشي والخدماتي تزامناً مع الحروب الكلامية والحملات، التي تجاوزت حدود التصعيد السياسي إلى تعبئة الشارع وتحضيره لأية تحركات أو احتكاكات ذات طابع معيشي أو اجتماعي أو نقابي، أو حتى انتخابي في المرحلة المقبلة.
وعليه، وبالإستناد إلى هذه المعطيات السلبية، يؤكد الوزير ذاته، أن الحماسة اللافتة لفتح باب النزاعات الطائفية والمذهبية، تنذر بتهديد أية تحالفات انتخابية سيكون الجميع محكومون بها من أجل تمرير الإستحقاق الإنتخابي، مشيراً إلى أن سياسة رفع السقوف والمطالب وتأجيج الخلافات داخل صفوف الفريق الواحد، لا تفسير له إلاّ “تهديد” العملية الإنتخابية المقبلة.