أصوات وأقلام سعودية: حرب اليمن عبثية
بدأت تعلو أكثر فأكثر، الأصوات المنددة والمنتقدة للعدوان السعودي الأمريكي على اليمن. فعلى الرغم مما يمتلكه نظام محمد بن سلمان من نفوذ، على أغلب الوسائل الإعلامية في المنطقة، ومراكز الأبحاث والدراسات المختلفة، إلا تلك المرتبطة بمحور المقاومة، إلا أن هذه الآراء المستنكرة لهذه “الحرب العبثية” بات يعلو صوتها بقوة، رغم ما قد يتبعه ذلك من انتقام أو قمع سعودي رسمي، كما يحصل الآن مع وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي.
وفي آخر هذ المقالات، ما كتبه جاسر الدخيل في موقع “راصد الخليج” منذ يومين، الذي لم يهاجم سلطات بلاده بشكل مباشر، بل وجه الانتقادات التي تكشف ما هو مستور من آراء الشعب والنخب السعودية. وأبرز ما جاء في المقال من انتقادات:
_ التأكيد على تكلفة الحرب الكبيرة من الجنود السعوديين والأمن والصورة العالمية، بشكل لا يمكن ترميمه أو معالجته.
_ عدم تحقيق الهدف المخطط للحرب بإنهاء وجود حركة أنصار الله، التي ازدادت قوتها وباتت القوة اليمنية الأكبر المسيطرة على أغلب المحافظات. وأنه على الرغم من الحصار المفروض على اليمنيين من قبل السعودية، بات التأييد الشعبي لأنصار الله واسعاً جداً، والدليل المظاهرات التي يدعون إليها وحجم الحضور الشعبي فيها.
_ وأما الهدف المفترض في منع الحركة من التواجد على الحدود الجنوبية مع السعودية، فيسخر الكاتب بالزعم بأن الحركة باتت متوغلة أكثر، وأن الطائرات المسيرة والصواريخ باتت تصيب عمق البلاد وما تريده من أهداف.
_ أن دعم الرئيس المنتهية ولايته عبد ربه منصور هادي لم يثمر شيء، فوجوده بات بلا أي قيمة وقواته تنتقل من هزيمة إلى أخرى، مثل صورة هشة لم تفد السعودية بشيء.
_ عدم تحقيق هذه الأهداف سيعني حكماً عدم استطاعة منع التهديد الإقليمي المفترض، الناتج عن فوز أنصار الله بالحرب.
_ الدعوة لعدم إخفاء الحقيقة والاعتراف عبر القول: “لما علينا أن نختبئ خلف أصابعنا؟ إنّها فعلاً حرب عبثية كما قال الإعلامي اللّبناني، لم تأتِ لنا بغير الويلات ولم نحصد منها غير الخيبة والهزيمة، المئات من رجالنا فقدناهم هناك من السعوديين والإماراتيين والبحرانيين ومن سائر دول التّحالف العربي، وصورة جنودنا التي تكرّر عرضها قنوات اليمن الموالية للحوثي هي أمر مفجع، ومشاهد الدّمار والقتلى من اليمنيين التي وصلت إلى كلّ العالم حوّلت صورتنا من صنّاع للأمل إلى صنّاع الموت والفجائع..” داعياً لانتظار تحقيق ما سماه بالتّسوية المشرّفة التي تسعى إليها القيادة السعودية مع الوسطاء الدوليين.
ووجه الدخيل العديد من الأسئلة المستغربة، للحملة التي شنت على الوزير القرداحي، ومتهماً أصحابها بالتذاكي واهمها:
_ من الذي تذاكى وأمر بإطلاق تلك الحملة على القرداحي وبالتالي على لبنان طالباً منه الإعتذار ومن ثمّ فجر الأزمة الدبلوماسية مع لبنان؟
_هل أدرك ذلك الآمر بإطلاق الحملة أن ما فعله كان عبثياً، وبدل أن يخدم في تحسين صورة المملكة والتّحالف العربي أدّى إلى زيادة ضعضعتها وتهشيمها؟!
_ألم ينتبه أنّه لو مرّ تصريح القرداحي في محطة الجزيرة القطرية دون أي ردّة فعل منّا، لما سمع أحد به، لكن حملتنا هي من حوّل تصريحه إلى مسامع كلّ العالم، وصرنا مطالبين بأن نبرّر أفعالنا في اليمن؟
وأنهى مقالته، بأنه كان من الأجدى توجيه المساءلة لقناة الجزيرة ومن ورائها دولة قطر، ومطالبتهم بالاعتذار. كما طالب بمحاسبة المسؤول عن هذه الزوبعة قبل محاسبة لبنان والوزير القرداحي. داعياً للاعتراف بأن السعوديين قد خضعوا للذباب الإلكتروني، وموجهاً السخرية لسفير بلاده في لبنان وليد البخاري، الذي اعتبر عودته الى الرياض هو أفضل ما تم فعله، فالبخاري غير جدير بأن يكون حارساً لبوابة سفارة وليس سفيراً.
الدخيل ليس الأول ولن يكون الأخير
هذا وقد نشر في الأيام والأشهر الماضية، العديد من الدراسات والمقالات التي تنتقد هذه الحرب أيضاَـ منها ماهو خليجي بشكل عام، ومنها تصريحات لمسؤولين سابقين في السعودية، لكن الأكثر تأثيراً هو ما بدأ يظهر على وسائل التواصل الاجتماعي، من فيديوهات وتعليقات ومنشورات لمواطنين سعوديين، ينتقدون الحرب وتأثيراتها عليهم، في مختلف الصعد وأبرزها الاقتصادي. وهذا ما يؤكد أن السخط عليها لن يعود مكتوم الصدى، بل قد نشهد في حال استمرارها، تطور حالات الاعتراض هذه بطريقة أكبر، قد لا تقف عند حدود العدوان على اليمن، بل تتعداه الى ما هو أبعد من ذلك بكثير.
الكاتب: الخنادق