صونيا رزق- الديار
كل فترة تشهد العلاقات اللبنانية – السعودية ضربة سياسية، جرّاء موقف مسؤول سياسي او تصريح، يوصل العلاقات الى حد التدهور والمقاطعة، بسبب ســـياسته غير المُرضى عنها من قبل المملكة، ودخول لبنان في دهاليز المحاور الاقليمية، التي لا تتماشى مع خط الرياض. والتدهـــور الموجود اصلاً منذ سنوات، ظهر بقوة في شهر ايار الماضي، على أثر التصريح الناري الذي اطلقه حينها وزير الخارجية شـــربل وهبه، وكان ثمنه الاستــقالة لتفادي كل ما نشهده اليوم، من آراء مغايرة في التعاطي مع الازمــات العربية والاقليمية، وهذا ما برز خلال موقف وزير الاعلام جورج قرداحي، أثناء ردهّ على سؤال ضمن برنامج شــبابي دُعي اليه، لكن خارج فترة توليه مهامه الوزارية، التي سبقت ذلك بحوالي الشهر.
والسؤال المطروح لماذا بُثت الحلقة التي سُجلّت في آب الماضي قبل ايام قليلة؟ وكأن الهدف هو تحقيق كل هذه السجالات التي ادت الى تدهور العلاقة الى اقصى حد، ومنها الطلب من سفراء لبنان بمغادرة اراضي السعودية والكويت والامارات والبحرين، وإستدعاء سفراء هذه الدول للعودة الى بلادهم، إضافة الى وقف التعامل التجاري مع لبنان، ما يجعل البلد في مهب رياح تلك الدول وبعيداً بشكل نهائي عن اي علاقة مع الرياض، والمكتوب يُفهم من عنوانه فالاتجاه تصاعدي، خصوصاً ان لا حل حتى اليوم، وموقف وزير الاعلام بات معروفاً، وهو رفض الاستقالة.
الى ذلك يشير مصدر سياسي مواكب للازمات العربية مع لبنان، الى انّ الأزمة الديبلوماسية بين لبنان ودول مجلس التعاون الخليجي الى تصاعد، مع غياب اي حل، الامر الذي سيزيد من عزلة لبنان عربياً، خصوصاً ان التسوية المسؤولة لا تزال غائبة من قبل الحكومة التي تبدو نائمة في سبات عميق، بدل تفعيل وساطاتها العربية والدولية كما يجب، لا الاكتفاء بتمنيات لا تقدّم ولا تؤخر، وهنالك مخاوف وهواجس من ان تتعاظم الخلافات اكثر، بسبب تعالي المواقف السلبية والتي بدأت تسمع منذ يوم امس من قبل بعض الوزراء، لانّ التغريدات تنهال بشكل عشوائي، وهنالك مواقع التواصل الاجتماعي التي تشعل الوضع اكثر، فكل هذا سيصيب لاحقاً اعمال اللبنانيين القاطنين في تلك الدول، والتي لا نستبعد ان تطال لقمة عيشهم في حال طالت هذه الازمة وإستفحلت ووصلت الى طريق مسدود، ما يجعل هؤلاء الباحثين عن لقمة عيشهم يدفعون الاثمان الغالية.
ورأى المصدر انه في حال لم يتوصل المسؤولون اللبنانيون الى مَخرج لهذه الازمة خلال يومين، فالدول العربية التي ستقاطع لبنان سيرتفع عددها، والوضع الى خطورة اكبر بكثير، معتبراً بأنّ الحل ليس سهلاً ، وهو اكبر بكثير من إستقالة الوزير قرداحي، لان المطلوب من لبنان، وبحسب ما تعمل له السعودية، تغيير بنية النظام الذي اختلف كلياً وبات في المقلب الآخر، وهذا غير مقبول بالنسبة الى الرياض، فهي تريده كما كان سابقاً اي في المحور العربي، وتطمح اولاً الى إستقالة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، التي تطلق عليها حكومة حزب الله. وفي المقابل، هنالك حرص اميركي – اوروبي على حكومة ميقاتي، مع الرغبة الاكيدة في إجراء الانتخابات النيابية المرتقبة، لانّ إستقالتها تعني القضاء على تلك الانتخابات التي تسعى الدول الى إحداث التغيّير من خلالها، فيما تكتفي الحكومة الميقاتية بالمراهنة على وساطة اميركية – فرنسية لدى السعودية، علّها تحل هذه الازمة المستعصية.
ولفت المصدر الى انّ الوزير قرداحي يلاقي الدعم الكليّ من فريق الممانعة في لبنان، الرافض تلبية شروط المملكة ، كاشفاً عن وجود اتصالات محورها دمشق التي ترفض إستقالة قرداحي مهما كانت النتائج، الامر الذي يعطي الدعم الكبير لوزير الاعلام، مع فتح خط حارة حريك على مصراعيه مع العاصمة السورية، ورفض الانصياع لأي شرط سعودي، فيما يبقى لبنان واللبنانيون في قلب العواصف السياسية التي لا تنتهي.