ميسم رزق-الأخبار
حتى اللحظة، تعيش كلّ قيادات تيار «المستقبل» تحت هول الصدمة. فقد قرّر الرئيس سعد الحريري العزوف عن المشاركة في الانتخابات النيابية. ويرفض العمل باسم تياره، ما فتح الباب على مشكلات لم يكن يتوقّعها أحد، أبرزها «انتفاضة» تقودها النائبة بهية الحريري وابنها أحمد، فيما يسعى الرئيس فؤاد السنيورة إلى «أخذ» حصته من التيار ودرس احتمال خوض الانتخابات بشكل مستقلّ
اليأس الذي تسبّبه الأخبار الواردة من أبو ظبي يظهر واضحاً في أحاديث المستقبليين. فعلى مسافة أشهر من الاستحقاق، لا يملكون شيئاً من الأدوات الانتخابية: لا قيادة. لا مال، ولا عنوان معركة. وزادَ من هذا اليأس، الأسبوع الماضي، تسرّب معلومات عن لقاءات في أبو ظبي جمعت الحريري بمقرّبين منه، خصوصاً عمّته بهية وابنها احمد، أبلغهم خلالها رغبته بالعزوف عن الترشّح، وطلبه «عدم تشكيل لوائح باسم التيار»، مشيراً إلى أن «موقفه من المرشحين ودعمهم والطلب إلى المناصرين التصويت لهم سيصدر في الوقت المناسب»، وكذلك الأمر في ما يتعلق بالموقف من ترشيحات الحلفاء.
في المبدأ، هذه الخطوة غير المسبوقة في مسيرة الحريري منذ عام 2005، تعني خروجاً (ولو مؤقتاً) من السلطة، من دون التأكّد بعد ما إذا كانَ القرار نهائياً، وسط ترجيحات بأن الحريري «يقوم بمناورة للوصول إلى اتفاق مع الرياض والفوز بتمويل انتخابي يكفي لإعادة إطلاق العمل السياسي والإعلامي الاجتماعي».
زوار باريس ينقلون عن الفرنسيين أن الحريري «بالتفاهم مع نفسه قبلَ التفاهم مع الآخرين، قرّر أن يستريح لفترة». فضلاً عن أنه «في الفترة المقبلة ستكون له مواقف تصعيدية ضدّ حزب الله، إذ لم يعُد لديه حساب لموقع في السلطة أو ربط نزاع. وسيعتبر نفسه في موقع المعارضة».
في موازاة ذلِك، بدا لافتاً أن غالبية القيادات المقرّبة من الحريري، تحديداً المستشارين والإعلاميين المحسوبين على التيار (وخصوصاً المعارضين بشدّة لحزب الله)، قرّروا البقاء في الإمارات، وحصل بعضهم على الجنسية الإماراتية لا الإقامة الدائمة فقط، وباشروا العمل مع شركات مختلفة، ويروّجون أنهم ليسوا في وارد العودة إلى لبنان قريباً، لكن ستكون لهم مساهمة في النشاطات السياسية التي تُرضي السعودية والإمارات.
قرار الحريري أثار موجة استياء لدى من اعتبروه إهانة لمسيرة الرئيس رفيق الحريري، وعلى رأسهم «العمّة بهية» التي أكّدت أن «بيت رفيق الحريري سيبقى مفتوحاً»، وأنها ستتصدّى لهذه المَهمة وحدها، مع إمكانية الانتقال إلى بيروت وخوض الانتخابات فيها على رأس لائحة للتيار في الدائرة الثالثة.
وبعدَ عودة الحريري ونجلها، دعا الأخير إلى اجتماعات لقيادات ومنسّقي التيار في أكثر من منطقة، وشدّد على أن التيار سيواصل عمله ويُشارك في الانتخابات، متحدّثاً عن آلية جديدة للتنسيق بينه وبين رئيس «جمعية بيروت للتنمية الاجتماعية» أحمد هاشمية الذي لا يزال يفضّل قيادة ماكينة مستقلّة عن قبضة أحمد الحريري.
لكنّ موقف النائبة الحريري لم يكُن محطّ قبول لدى قيادات سياسية حريرية، فضلاً عن الرئيس فؤاد السنيورة الذي أظهر تمايزاً إضافياً كونه لا يثق بقيادة أحمد الحريري للتيار، كما لا يريد أن يكون في حلف واحد مع بهاء الحريري. وهو يعتبِر أن في إمكانه العمل مع فريق من الشخصيات السُّنية في لبنان (من بينها «مجموعة العشرين») لقيادة الانتخابات وفقَ تحالفات تراعي الحسابات الداخلية والخارجية.