فشلُ وراء فشل. تلك كانت النتائج التي جناها معسكر الأعداء بقيادة واشنطن وتل ابيب.
لقد استنفرت الإدارة الأمريكية وحكومة العدو الصهيوني العنصرية الدموية ، وحلفائهم في المنطقة وكل من سار في ركبهما من شخصيات وقوى ومؤسسات في المنطقة العربية ، إصيبوا جميعاً بفشل ذريع في تنفيذ استراتيجية البيت الأبيض وتل ابيب وهي رفع علم الدبلوماسية لينفذ في ظله مخطط دموي يقوم على إثارة الفتن والصراعات الطائفية والإثنية والنسف والاغتيال والقصف وضرب الصواريخ تحت حجج مختلفة واهية في مجملها.
شكل لبنان واليمن حالتين بارزتين في الهجوم الدفاعي الذي شنه محور المقاومة في وجه مخططات أعداء الأمة وأعداء الحرية وأعداء الديمقراطية وأعداء الإنسان.
ففي لبنان ، أفشلت القوى المقاومة كل المؤامرات التي حاولت جذب لبنان الى حرب أهلية دموية تشغل لبنان لسنوات بعيداً عن الصراع الرئيسي مع العدو الصهيوني والتصدي له ورفع درجات الردع التي تنامت في الآونة الأخيرة وفي السنوات الأخيرة تنامياً كبيراً لدرجة بث الرعب في صفوف الجيش الإسرائيلي.
أفشل المقاومون مخطط وكمين الفتنة الطائفية ، وأفشل المقاومين والأحرار في لبنان مؤامرة تجويع لبنان ومنع الغذاء والدواء عنه ، ومنع الكهرباء والماء وإبقاء لبنان في سلة مهملات كبيرة يعتاش منها المحتكرون الذين يرفضون حتى الآن إقامة مصانع لتدوير القمامة واستخراج المواد الإيجابية منها.
وتمكن لبنان المقاوم من إبقاء مستوى الردع متصاعداً ، بحيث أن حاملات النفط التي حملت المازوت للبنان وصلت وتصل دون التعرض لها بعد تهديد المقاومة بأن ألمس بهذه الناقلات هو مس بأمن لبنان .
ولم يجد العدو سوى الإستمرار في تحريك كل أوراقه في لبنان ، أوراق القوات اللبنانية ، أوراق سمير جعجع ، وهي أوراق مغمسة بالدماء منذ سنوات طويلة ، يعيدون إحيائها الآن في زمن لم يعد فيه لهذه الأوراق قيمة ، ولم يعد للقوات اللبنانية قيمة قتالية ، إنها قي إرهابية لا تقتل سوى الأبرياء والمدنيين ولا تعتدي الا على المسالمين الذين يطالبون بلقمة العيش ومحاربة الفساد.
في ظل كل هذا ، تحرك الدوائر المعادية بشكل مرتبك وبشكل متوتر لتعالج الفشل الذي تلا الفشل في مخططاته وتنفيذ تلك المخططات في لبنان ، فأعلنت واشنطن عقوبات ، ولا ندري هذه العقوبات كيف تفرض وبأي مقياس ولماذا لا تفرض على الفاسدين الحقيقين الذين يتقاضون من الولايات المتحدة ودول الخليج أموالاً لقاء قتل اللبنانيين المسالمين الذين يتظاهرون طلباً للعدل والعدالة.
بدأت واشنطن بإعلان عقوبات تنزل ببعض الشخصيات اللبنانية ، ولن ندخل في هذا الميدان ، لأننا لا نملك المعلومات الكاملة حوله ولكن نقول ان الفساد في لبنان معروف وان اباطرة الفساد معروفين ، وان الدور الذي لعبه المصرف المركزي وحاكمه معروف وإن الذين يحتكرون ويخبئون الدواء والغذاء ليستغلوا الأسواق والمواطنين معروفون ، ولكن نجد أن الولايات المتحدة هي التي تفرض على لبنان الحصار الأكبر ، فهي التي تمنع لبنان من الإستفادة من كل العروض التي جائته من الشرق والغرب من الصين ومن ايران ومن روسيا حول الكهرباء والمرفأ وغيرها من مؤسسات لبنان الأساسية التي يحتاجها المواطن اللبناني كي يعيش عيشة عادية كأي إنسان عادي في مجتمع حضاري.
والغريب أن المؤسسات في لبنان ، كل المؤسسات ، تخضع لهذا الإبتزاز الأمريكي ولا تتجرأ على الموافقة على عروض تكاد تكون عروضاً مجانياً وتحديثه وجعله أكبر مرفأ في الشرق الأوسط وفي البحر المتوسط وكذلك لا يجرأ لبنان على الموافقة على إقامة مصانع لتدوير القمامة وكذلك لا يجرؤ لبنان على الموافقة على مشروع كهرباء لبنان من أقصاه الى أقصاه ، تلك العروض التي قدمتها الصين وايران وروسيا للبنان بشكل شبه مجاني.
توتر معسكر الأعداء لفشل كل مخططاته رغم هذا الحصار ، فقام باتخاذ قرار أعلنته العائلة السعودية واعتبار أكبر مؤسسة إنسانية ، مؤسسة إقتصادية مالية تساعد المواطن اللبناني على تحصيل لقمة العيش وشراء الدواء والعيش الكريم قدر الإمكان ، أعلنتها مؤسسة إرهابية ، تماماً، كما أعلنت إسرائيل عن ستة منظمات غير حكومية فلسطينية تتعامل مع حقوق الإنسان وتكشف الجرائم التي ترتكبها إسرائيل ضد أطفال فلسطين والمدنيين على أرض فلسطين ، اعتبرتها منظمات إرهابية لابد من محاربتها وإغلاق مقراتها وملاحقة أعضائها.
نفس الخطوات يتخذها نفس الثور الهائج ، الهائج نتيجة فشله ، فشلاً تلو الفشل.
وفي اليمن ، تتابع القوات التقدمية اليمنية ، الجيش اليمني واللجان الشعبية رافعين راية الحرية وتحرير أرض اليمن من كل الغزاة والأجانب والمرتزقة وساعين الى تحرير كل شبر من أرض اليمن ، في الساحل والجبل وفي الشمال والجنوب.
هذا التقدم الذي حققه المناضلون الأبطال ، في جبال اليمن وسواحله ، أثار الثور الهائج الذي حاول بغارات متواصلة غير مسبوقة على كل حجر في جبال مآرب وعلى كل وادي في جبال مآرب ، أراد من خلال تلك الغارات أن يوقف زحف الشعب لتحرير أرضه ، لكنه فشل والآن جبل مراد أصبح في يد المقاومة ، وأصبحت مآرب أيضاً في يد المقاومة ، ولولا حرص الثوار على أرواح المدنيين الذين يتخذهم المرتزقة والقوات المحتلة ، يتخذونهم دروعاً لحماية أنفسهم لولا ذلك لإنتهت مآرب منذ فترة طويلة ورفعت عليها راية حرية اليمن.
لكن هذا الأمر قادم رغم ان الثمن الذي يدفعه المناضلون هو أكبر بكثير نتيجة حرصهم على أرواح المدنيين في مآرب مما يجعلنا ان نقول وان نناشد قبائل مآرب ان أرض اليمن أغلى بكثير من دولارات العائلة السعودية ، وأن أرض اليمن الحرة تدر عليهم من الدخل أكثر بكثير مما يرميه السعوديين من فتات موائد اللئام ، عليهم أن ينضموا لقوات الحرية والعزة وكرامة اليمن ، لقوات حرية اليمن ، لقوات تحرير أرض اليمن ، سواحل وجبال وشمالاً وجنوباً.
إن مآرب على مرمى حجر الآن ، ومتى اخذت مآرب تنقلب موازين القوى وسيزداد الثور الهائج هيجاناً وسيزداد هذا الثور بتكسير وتحطيم ما حوله بشكل غبي وبشكل متوتر وغير منظم ، مما سيجعل من نقاطه القاتلة نقاط مكشوفة للمناضلين وسيطلقون سهامهم وسيوفهم على تلك النقاط سريعاً.
نتيجة هذه الإنتصارات سارعت الولايات المتحدة بنخز الأمين العام للأمم المتحدة ، نخزه بقوة ليتحرك، فقام بتقديم مبادرة أمريكية تتحدث عن تقاسم مداخيل الموانئ اليمنية بعد رفع الحصار عنها ، أي أن المبادرة تطلب من السعودية رفع الحصار عن الموانئ مقابل ان يدفع ستون بالمائة من دخل هذه الموانىء للقوات المتحالفة مع معسكر الأعداء ، أي قوات عبد ربة، هذا الاقتراح هو رسالة وتعبير عن الضعف واعتراف بالهزائم المتتالية ومحاولة لإنقاذ السعودية من مأزقها.
لا شك أن السعودية تحتاج لطوق نجاة ، لينتشلها من هذا المستنقع المليء بالطين الثقيل والذي يغطس السعودية تدريجياً نحو هاوية لا أحد يرى فيها متنفساً.
الولايات المتحدة بإقتراحها هذا تحاول خداع القوى الثورية اليمنية وتحاول كسب الوقت وفي الوقت ذاته تحاول إنقاذ العائلة السعودية مما تورطت به وغطست في وحله.
وفي الوقت ذاته قامت الولايات المتحدة بالإيعاز للبنك الدولي بالموافقة فورياً على تمويل كهرباء لبنان من خلال تمويل صفقة الغاز المصرية ، والسؤال هنا يا ترى ، لماذا يرفض لبنان مشروع كهرباء لبنان الخالص من أقصاه الى أقصاه ، ويقبل بغاز قد يكون غازاً إسرائيلياً يرسله النظام المصري عبر الأردن وسوريا الى لبنان كي تضيء الكهرباء مناطق لبنان، قد يكون هذا الكمين هو جزء من لعبة التطبيع ، إذ ان الولايات المتحدة أرسلت في الوقت ذاته لتحيي المفاوضات حول ترسيم الحدود وركزت و كثفت اتصالاتها مع الرئيس ميشيل عون كما ركزت وكثفت إتصالاتها مع أحزاب عديدة في لبنان لكنها تعتمد أساساً على القوى المرتهنة لقرارها والخاضعة لإملاءاتها كالقوات اللبنانية وكالفاسدين من الأباطرة السياسيين في لبنان.
في هذا الوقت ، يوافق البنك الدولي على صفقة لكهرباء لبنان من خلال الغاز (المصري) ولا ندري هل هو غاز مصري فعلاً أم لا.
ولا شك ان ساحة اليمن سوف ترى بشكل متتالي ومتسارع اقتراحات واحد تلو الآخر في محاولة لإنقاذ السعودية مما تورطت به.
المشهد الآن في مآرب ، مشهد غريب ورهيب، فهنالك عمليات هروب وترك مواقع وترك مخازن أسلحة وهنالك قبائل تهاجم المخازن وتسرق السلاح او تصادر السلاح وهنالك أفراد يأخذون الذخائر لكي يبيعوها في السوق السوداء وهنالك من يحاول سرقة الآليات والسيارات ، حالة من الفوضى تعيشها القوات الغازية والمرتزقة التابعين لهم.
يا أهل مآرب، هذا الحال ، سيجلب لكم الوبال ، إن لم تسارعوا بالإنضمام لقوات الثورة، هذا ما أستطيع أن اقوله لهم وأنا أعرف المنطقة وأعرف قبائلها وكذلك اناشد قبائل الجنوب وأهلنا في إبين وأهلنا في حضرموت وأهلنا في يافع ، أن ثوروا على الغزاة ، لا يمكن أن تقبلوا باليمن مُحتلاً من القوى الخارجية او من القوى التي خضعت لإملاءاتهم ، وباعت الوطن بذهبهم التافه، إن من يبيع اليمن لقاء حفنة من دولارات لا علاقة له باليمن ، لا علاقة له بكرامة اليمن وعزتها ورفعة شأنها باليمن الذي كان عصياً على كل القوى الأجنبية ، واحتل الانكليز منهم عدن لكنهم طُردوا منها ، شّر طّرد بمقاومة قادتها الجبهة القومية لتحرير اليمن ، اننا نناشد الذئاب الحُمر أن ثوروا على الأجنبي وأن ثوروا على الذين نكسوا أعلامهم و خضعوا لإملاءات الأجنبي.
ولا شك أن هنالك أبضاً نوعاً من التحرك (الواجب) من قبل الإدارة الأمريكية تجاه قرارات لا يمكن للعالم أن يسكت عليها ، مثلاً قرار الإستيطان بألاف الوحدات السكنية والمستوطنات في الضفة الغربية ، انه تهويد للضفة الغربية لدرجة أن وزير الخارجية الأمريكية لم يستطع منع ذلك وأعلن أنه أبلغ الاسرائيليين رفض واشنطن هذه الخطوة ولم يقل ماذا تقبل واشنطن من بين الآلاف من الوحدات الاستيطانية التي قُررت، لم يقل كم من الوحدات وافقت عليها واشنطن ، إننا نعلم ان هذه المواقف تتخذ كذريعة لمواصلة حرب السيطرة بطرق مختلفة نتيجة الردع والمقاومة في فلسطين ولبنان واليمن.
من مجمل ذلك نقول، أن المقاومة ونهجها في التصدي والردع وتصاعد هذا النهج وتقويته كما جرى في قصف التنف والرد على الإعتداءات وما قاله الرئيس بشار الأسد لضباطه يشكل دليلاً لنا جميعاً في المرحلة المقبلة ، كل هذه العروض خداع محاولات خداع.
ولذلك تصعيد المقاومة هو الطريقة التي تجعل من هذه القوى ترضخ لمطالب الشعب المقاتل ، لمطالب المقاومة وهي الحرية والاستقلال والتطور والوحدة في وجه المغتصبين والمحتلين وهي فوق كل ذلك لها بوصلة واضحة كما قال خامنئي رضي الله عليه، إن البوصلة الحقيقية لوحدة المسلمين هي فلسطين ، ونحن نقول أن البوصلة الحقيقية لوحدة العرب ضمن معسكر المسلمين هي فلسطين ، فالقضاء على الصهيونية العنصرية واجتثاثها من أرضنا هو الشرط الأساسي والضروري كي تتمكن أمتنا العربية من توحيد جهودها للتقدم.
وبعد، يبقى أن نناشد جماهير شعبنا الغفيرة في مصر العربية ، الجماهير التي عبرت قناة السويس وحطمت خط بارليف ، نقول لها ، فلسطين تنتظركم ، لا ، لا تناموا طويلاً.