غداف راجح – أساس ميديا-
وتُشير الديناميكيات السياسية والأمنية في الدولة التي مزقتها الحرب كما تقول الصحيفة إلى أنه حتى لو كان رئيس النظام السوري مهمشاً في يوم من الأيام، ويريد حقاً اللجوء إلى الخليج والغرب، فمن المحتمل أن تكون مثل هذه الخطوة مستحيلة اليوم.
تتحقق هذه الصعوبات كما تقول الصحيفة عند فحص تفاصيل الصفقة والسياقات التي ستعمل فيها، فالاتفاق الذي تم التوصل إليه في 8 أيلول/ سبتمبر بين وزراء الطاقة في لبنان والأردن وسوريا ومصر إلى جانب القوى الدولية كالولايات المتحدة وبتمويل من البنك الدولي يهدف إلى توفير ما يصل إلى 450 ميغاوات من الطاقة لمحطة توليد الكهرباء في دير عمار، أحد مصانع لبنان الأساسية في شماله، ويتحقق ذلك بتدفق الغاز الطبيعي المصري إلى لبنان عبر الأردن وسوريا، إضافة إلى ذلك ستتدفق كمية كبيرة من الغاز الطبيعي من إسرائيل بسبب صفقة الغاز لعام 2019 بين الأردن وإسرائيل، والتي ستستوعب التدفق الإضافي للطاقة من الأردن إلى لبنان بحلول نهاية عام 2021.
في ظاهر الأمر، يأتي الاتفاق في منعطف حاسم للبنان، حيث تشهد البلاد خلاله واحدةً من أسوأ الأزمات الاقتصادية منذ أكثر من قرن، ناهيك عن انقطاع التيار الكهربائي الشديد بسبب نقص الوقود لمحطات الطاقة، ويقترن ذلك بتدهور المؤشرات الاقتصادية، بما في ذلك التقارير الأخيرة عن معدل فقر متعدد الأبعاد يبلغ 82 في المئة، وما زاد الطين بلة، أن القوى السياسية تعمل بنشاط على تحريض الانقسامات الطائفية.
وبالتالي كما تقول الصحيفة في تقريرها، فإن توقيت الصفقة منطقي بالنظر إلى الوضع الاقتصادي والجيوسياسي في لبنان، ومع ذلك تبدو مثل هذه الصفقة رائعة على الورق، ولكن من الصعب تنفيذها بشكل ملحوظ، وفي نهاية المطاف، يستند الاتفاق إلى سلسلة من الافتراضات التي لا تنسجم والحقائق على الأرض في سوريا ذلك البلد المتشابك بشكل معقد مع مصير لبنان وشؤونه الحالية.
والأهم من ذلك برأي الصحيفة أن مثل هذا الاتفاق يفترض أن سوريا ستكون مستقرة بما يكفي للتدفق الآمن لمنتجات الطاقة على طول خط الغاز العربي الذي يمتد من جابر في جنوب سوريا إلى حمص وأخيراً طرابلس في شمال لبنان، كان خط الأنابيب داخل وخارج الخدمة عبر الصراع مع حدوث الانقطاعات الأخيرة بعد الهجوم الذي وقع في 18 سبتمبر/ أيلول على محطة كهرباء بجنوب سوريا، هي إحدى النقاط الرئيسية على طول خط الأنابيب وتغذي دمشق بكميات كبيرة من الكهرباء، يعكس الحادث القدرة على إجراء عمليات من خلال الخلايا النائمة في جميع أنحاء البلاد.
فشل خط الغاز العربي
ويسلط الهجوم الضوء أيضا على قضية البنية التحتية المحدودة للطاقة في سوريا، اليوم حيث تعاني المناطق التي تسيطر عليها حكومة الأسد من انقطاع التيار الكهربائي لمدة تصل إلى عشرين ساعة، هذا هو نتيجة مباشرة للصراع وتدمير البنية التحتية، بما في ذلك خط الغاز العربي، ومع ذلك، فهو أيضاً نتيجة الحرمان المتعمد للمناطق المتمردة سابقاً كدرعا، حيث قام النظام وعن عمد بنهب البنية التحتية لدعم جهوده الحربية وعاقب المجتمعات بشكل جماعي، وعلى هذا كيف يُتوقع من سوريا أن تُسيطر على الجزء الخاص بها من الصفقة إذا لم تستطع توفير الطاقة لشعبها؟.
وأدت جهود نظام أسد في دمشق إلى استمرار حالة عدم الاستقرار في درعا أيضاً، التي عانت خلال الصيف حصاراً من قبل الميليشيا الموالية للنظام بسبب رفضها الانتخابات الرئاسية الزائفة في أيار (مايو) التي أعادت أسد إلى السلطة لولاية رابعة، واعتبرت جماعات المعارضة في محافظة درعا حرمان النظام المتعمد، والعنف ضدهم، والطبيعة غير الشرعية للانتخابات واحداً من أسباب مقاومتها.
هذه المشاعر مشتركة في جميع أنحاء سوريا في مناطق المعارضة سابقاً، والدليل على مواقف مماثلة لدرعا تظهر في أماكن أخرى، بما في ذلك أماكن مثل حمص، الأهم من ذلك أن خط الغاز العربي يمر عبر هذه المحافظة، التي لم تكن قط معقلا للمشاعر المؤيدة للنظام، وبالنظر إلى قرب حمص من خط المواجهة، هناك أيضاً خطر حقيقي من المناطق التي تسيطر عليها المعارضة على أي استقرار واقعي لخط الأنابيب.
وبالتالي، من الصعب للغاية تصديق أن أي صفقة لتدفق الغاز الطبيعي عبر سوريا ستكون مستدامة على المدى القريب إلى المتوسط، على الرغم من أن لدى دمشق حوافز لدعم الصفقة للأسباب الدبلوماسية وأمن الطاقة المذكورة أعلاه، فإن الجهات الفاعلة الأخرى التي لديها حوافز لكسر الصفقة ستمنع التنفيذ، من غير المهتمة بلبنان وتهدف إلى إلحاق الأذى بالنظام ومنع التطبيع الدولي، والأهم من ذلك، لا يمكن لواشنطن والقوى الإقليمية التأثير على كل هؤلاء الفاعلين للابتعاد عن خط الأنابيب.
المصدر: أورينت نت