فتحت الإدارة الأميركية مساراً متجدداً للعقوبات على مسؤولين ومقاولين لبنانيين. النص الذي نشرته وزارة الخزانة، يحمل الكثير من الإشارات التي توحي بإمكانية صدور لوائح بأسماء جديدة، وسط معطيات أميركية تفيد بأن هذا المسار قابل للتوسيع من الآن وحتى موعد الانتخابات النيابية، لما سيكون له من تأثيرات على المواقف السياسية للقوى والكتل والشخصيات، وتأثيرات أيضاً على الرأي العام اللبناني.
قطع العلاقات؟
يأتي التصعيد الأميركي على وقع زيادة الضغط الإقليمي حول المفاوضات الإيرانية الأميركية، وتزامناً مع أزمة ديبلوماسية بين لبنان والخليج، قد تقود إلى المزيد من الإجراءات التصعيدية الخليجية، في ظل معلومات تفيد عن تشاور بين دول مجلس التعاون الخليجي، لفرض إجراءات بحق لبنان، إذا لم يتم معالجة المسار الحكومي، وخصوصاً حول السياسة الخارجية. في هذا الوقت، جاء موقف حزب الله التصعيدي في احتضان وزير الإعلام ورفض استقالته، ليسارع تيار المستقبل إلى الردّ على بيان الحزب بشكل عنيف. وهنا لا يمكن إغفال أثر الرسائل التي تلقفها “المستقبل” من جراء العقوبات التي فرضت أميركياً.
ويعتبر خصوم الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية أن هذه العقوبات لها أهداف سياسية في سياق ممارسة المزيد من الضغوط على اللبنانيين، ويذهبون أكثر من ذلك إلى القول إن المشروع الأميركي والسعودي يهدف إلى وقوع لبنان في المزيد من الانهيار بفعل العقوبات والضغوط. فيما الشروط السعودية واضحة وهي تغيير لبنان لسياسته الخارجية والخروج من سياسة المحاور. وتشير المصادر الديبلوماسية إلى أن هناك تداولاً في إجراءات خليجية جديدة قد يتم اتخاذها وصولاً إلى مسألة قطع العلاقات مع لبنان وسحب السفراء.
الاستقرار ليس أولوية؟
المفاجئ بفرض العقوبات الأميركية هو توقيتها، بالإضافة إلى ثغرة أساسية هي عدم ذكر أو فرض عقوبات على المسؤول الحكومي الكبير الذي سمح بتهريب 120 مليون دولار. وبما أن العقوبات فرضت بسبب فساد مسؤولين ومقاولين ومجالس ومؤسسات تابعة للدولة، فلماذا لم يتم فرض عقوبات على هذه المؤسسات؟ هنا تجيب المصادر إن فرض العقوبات غالباً ما يكون توقيته سياسياً، ويبقى الأمر سيفاً مسلطاً على الجميع، وقابل لتوسيعها عندما تقتضي الحاجة.
وثمة من يعتبر أن لا قوى خارجية ستحرص على حماية الاستقرار ليستفيد منه حزب الله ويراكم نقاطه. سابقاً كانت أولوية المجتمع الدولي هي الاستقرار، أما الآن فالأولوية بعد الانهيار ستكون لفرض وقائع سياسية جديدة، تحدث متغيرات استراتيجية وسياسية تحت شعار محاربة حزب الله أو تحجيم نفوذه. في النتيجة قد يكون هذا التصور خاطئاً، لأن الحزب قد يعمد إلى تعزيز أوراقه في الداخل، وربما في المقابل ستكون النتائج السياسية والاستراتيجية المرتجاة غير قابلة للتحقق.
التبدّل الأميركي
إدارة أوباما، طلبت سابقاً عدم الضغط على الحزب وعدم هزّ الإستقرار لأن هناك حاجة إلى التعايش معه في لبنان، في ظل التقارب الأميركي الإيراني نحو اتفاق نووي. ولكن، حالياً انهار لبنان بشكل كامل. في هذا الإطار، لا بد من الإشارة إلى أن التوجه الخليجي سبق التوجه الأميركي. كانت واشنطن تطلب من الخليجيين التعاطي مع لبنان وتقديم المساعدات له لأنه لا يمكن التعاطي معه وكأن حزب الله يمثل كل اللبنانيين. الآن، يبرز تراجع في هذا الموقف الأميركي مع ممارسة المزيد من الضغط ضد الحزب، فيما لا يزال الموقف السعودي على حاله. إلا أن ذلك لن يبقى ثابتاً أميركياً، خصوصاً بحال تم التوصل مع إيران إلى اتفاق نووي ورفع العقوبات عنها، ما قد ينعكس ارتياحاً لديهاً ولدى حلفائها في المنطقة، ليبقى الموقف السعودي على حاله.