واشنطن تبدأ إدارة المال الانتخابي
– تعتمد الإدارة الأميركية دائماً عندما تستهدف تخديم مشروعها السياسي تحت عناوين تقاريرها في حقوق الإنسان التي تنفق عليها عشرات ملايين الدولارات، أن ترتكز على ما يسميه المحققون الحقوقيون لديها بأنصاف الحقائق لشراء شرعية النص والنتائج التي يخلص إليها، ويتم دس معطيات بلا مستند وأساس ضمن مجموعة معطيات قابلة للتصديق، لخلط الحابل بالنابل، وفي العقوبات يفعل الأميركيون ذات الشيء، فيتهمون بالفساد فاسدين وغير فاسدين، ويستندون إلى حقائق وإلى افتراءات، لكنهم في تقارير حقوق الإنسان عندما يتهمون حكومة بانتهاكها ويبرئون ساحة غيرها يكشفون أن هاجسهم ليس حقوق الإنسان بل تبرير الاستهداف، ومثلها في العقوبات عندما يقومون بحماية فاسدين ويتهمون بالفساد فاسدين وأبرياء، يثبتون أن القضية عندهم ليست مكافحة الفساد، وقد سألهم النائب جميل السيد لماذا لم تعاقبوا من وصفه تقريركم بالمسؤول الحكومي الكبير الذي يقول التقرير إنه شريك عمليات التحويل التي وجه الاتهام بها للسيد!
– الهدف الفعلي للعقوبات يقبع في مكان آخر، كما الهدف من تقارير حقوق الإنسان، فـ«إسرائيل” غير مدانة بالتقارير الأميركية لحوق الإنسان، وهذا كاف لكشف البعد السياسي في التبرئة والاتهام، على رغم وجود انتهاكات لحقوق الإنسان لدى كثير ممن تتهمهم واشنطن بذلك، كما وجود فاسدين على لوائح العقوبات.
– يبدو أن الأميركي على رغم الارتباك في رسم السياسات النهائية في المنطقة، لا يضيع الوقت من طريق تخديم الأهداف الثابتة، ومن أولى هذه الأهداف الثابتة توفير أفضل الفرص للتأثير في مسار الانتخابات النيابية المقبلة، سواء بالإشغال والإرباك لمن يتم تصنيفهم على خانة الخصوم، عبر استدراجهم لساحة منازلة إعلامية وقانونية تفرضها العقوبات، وإلحاق الأذى بصورتهم، كحال كل العقوبات المتلاحقة التي فرضتها واشنطن على شخصيات متعددة الاتجاهات يجمعها حلفها مع المقاومة، أو برسم إطار جديد تشير إليه بعض الأسماء في العقوبات الجديدة، وهي أسماء من عالم المال، كان لها دور في تمويل حملات انتخابية، أو يتم إيصال رسالة عبرها لمن يمكن أن يشكلوا مصادر تمويل لحملات انتخابية.
– يمسك الأميركي من جهة بصناديق التمويل الخارجية المعدة لمساندة خصوم المقاومة، من مصادر حكومية وغير حكومية في الخارج أطلقت منصات جمع المال عليها، ومن جهة موازية يوجه إنذاراً واضحاً لكل المتمولين المحليين المحيطين بالقوى السياسية لفرض الخضوع عليهم، بين الانضمام إلى الضوابط التي تضعها واشنطن للانتخابات، أو الانسحاب من الأدوار التي لعبوها سابقاً ويمكن أن يلعبوها مجدداً، أو يمكن أن يكونوا من المرشحين للعبها، بهدف تجفيف مصادر تمويل الانتخابات على كل من تراهم واشنطن عقبة أمام لوائح المرشحين الذين تضعهم واشنطن في دائرة الجماعة السياسية الصافية الولاء لها، خارج الحسابات الطائفية والمناطقية التقليدية، التي خبرتها واشنطن واكتشفت أن ولاءها يبقى مسقوفاً بضوابط يصعب كسرها، ترسمها مصالح الجماعات والمكونات التي يمثلها التقليديون، يكفي أن تلفت نظرنا واشنطن إلى أنها تخوض معركة تحجيم الرئيس سعد الحريري وكتلته في الانتخابات المقبلة لحساب لوائح أكثر انضباطاً في المواجهة مع المقاومة، وأن نقرأ رده على العقوبات بتقيدم أوراق اعتماده للاستعداد للمزيد من العداء طلباً لقبول اعتماده مجدداً، وهذه أولى مفاعيل العقوبات، تحت عنوان وصلتنا رسالتكم.