الشرق الأوسط وبدء وسباق التسلح بين إسرائيل وإيران لن تقتصر حرب الظل بين الطرفين على تقييد النشاط النووي لطهران

طاقم فني يعاين طائرات إيرانية من دون طيار (أ ف ب)

هدى رؤوف

يعني “سباق التسلّح” المنافسة بين الخصوم وأطراف الصراعات من أجل امتلاك القدرات العسكرية لضمان التفوق العسكري. بدأت إسرائيل أخيراً العمل على تطوير قدراتها الدفاعية الجوية لمواجهة تهديد الطائرات من دون طيار. ويمكن القول إنه منذ الهجوم على “أرامكو” في العامين الماضيين، تزايد تهديد الطائرات من دون طيار التي استُخدمت على نطاق واسع في الآونة الأخيرة. كما أعلنت إسرائيل أن الهجوم على الناقلة “ميرسر ستريت” كان بواسطة طائرة من دون طيار. وتعمل إيران، ليس فقط على تطوير الطائرات من دون طيار في مصانعها بل تسعى إلى انتشارها بين كثير من وكلائها الإقليميين، بحيث صدّرت طائرات من دون طيار إلى حلفائها الحوثيين في اليمن، ووكلائها في سوريا والعراق، وإلى “حزب الله” في لبنان.

تصاعد التهديد بالنسبة إلى إسرائيل مع حرب غزة الأخيرة التي استخدمت فيها حركتا “حماس” و”الجهاد الإسلامي” طائرات من دون طيار، فاعتبرت تل أبيب أن التهديد العسكري الرئيس الذي يواجه جيشها هو توريد تصاميم الطائرات من دون طيار لـلحركتين في قطاع غزة، والتي يصل مدى بعضها إلى آلاف الكيلومترات.

وتدور التقييمات الاستراتيجية الآن داخل إسرائيل، حول أولوية تعزيز الدفاعات الجوية الإسرائيلية لمواجهة خطر انتشار الطائرات المسيّرة. ويقوم سلاح الجو الإسرائيلي بشراء صفائف رادار إضافية ليتم تثبيتها في شمال إسرائيل بالقرب من سوريا بغية تحسين القدرة على اكتشاف الطائرات من دون طيار، فتجري الآن التدريبات الجوية “دراغون لاند” التي تضم نحو 11 قائداً للقوات الجوبة في العالم، إذ حلقت طائرات “أف- 16” الأميركية وطائرات “تايفون” البريطانية وطائرات “رافال” الفرنسية، لمواجهة عدو غير مرئي يُسمّى بـ”دراغون لاند”. وتوحي التدريبات التي تشبّه “الدراغون” بالطائرات من دون طيار، بأنها جزء من القدرات اللازمة لمواجهة إيران.

وتروّج إسرائيل صوراً من الأقمار الاصطناعية لقاعدة إيرانية يقول وزير الدفاع بيني غانتس إنها تُستخدم لتدريب وكلاء إيرانيين على تشغيل طائرات من دون طيار.

لذا يستهدف الجيش الإسرائيلي الحصول على تغطية كاملة للمجال الجوي الشمالي في غضون عامين، كجزء من خطة لإنشاء مظلة دفاع جوي على مستوى البلاد.

وكانت إيران بدأت بنشر بطاريات صواريخ متطورة مضادة للطائرات في سوريا، حيث تشن الطائرات الإسرائيلية بشكل روتيني ضربات جوية، فنفذت مئات الغارات في البلاد، في محاولة لإحباط التمركز الإيراني وتهريب أسلحة متطورة إلى “حزب الله” في سوريا ولبنان. كما قصفت بعض مخازن الأسلحة المرتبطة بالميليشيات العراقية.

ففي عام 2018، تحطمت طائرة من طراز “أف – 16” في شمال إسرائيل بعد أن أُصيبت بصاروخ “أس – 200” أطلقته القوات السورية. كما سقطت صواريخ سورية في إسرائيل في الأعوام الأخيرة، حيث نزلت شظايا أحدها على شمال تل أبيب، كما سقط آخر قرب موقع ديمونا النووي في صحراء النقب.

على مدار العام الماضي، وبينما تكثفت الضربات الإسرائيلية في سوريا، أصبح وقت استجابة بطاريات الدفاع الجوي السورية أسرع. وأدى ذلك إلى تغيير سلاح الجو الإسرائيلي طريقة عمله أثناء مثل هذه العمليات.

لذلك، ليس الملف النووي فقط هو الأولوية للأجندة الإقليمية لإسرائيل بل محاولة إيران تغيير ميزان القوى في المنطقة بشكل أكبر، فخصصت تل أبيب موازنة دفاع إضافية للاستعداد للحرب والتدريبات العسكرية، كما استأنف سلاح الجو الإسرائيلي تدريبات مكثفة على السيناريوهات التي تستهدف المنشآت النووية الإيرانية.

إن حرب الظل بين إيران وإسرائيل لن تقتصر على تقييد النشاط النووي، بل ستفتح مجالاً لسباق التسلح، لا سيما في مجال الدفاعات الجوية والرادارات ونشر الطائرات من دون طيار، ليس فقط في يد الحكومات بل أيضاً الجماعات والتنظيمات المسلحة، ما يزيد من عدم الاستقرار في الشرق الأوسط.

المصدر: اندبندنت عربيّة


 

Exit mobile version