كتب غسان ريفي في سفير الشمال:
فتحت جلسة مجلس النواب أمس وما رافقها من سجال سياسي حاد وخلافات جوهرية حول التعديلات على قانون الانتخاب، الأبواب على مصراعيها أمام الرياح التي قد تطيح بالانتخابات النيابية وتضع البلاد في مهب التوترات الأمنية التي قد تؤسس الى ما لا يحمد عقباه خصوصا بعد “الميني حرب أهلية” التي شهدتها المحاور التقليدية في الطيونة والشياح وعين الرمانة.
بدا واضحا أن كتلة “لبنان القوي” كانت تفتش خلال الجلسة عن إشكال مع رئيس مجلس النواب نبيه بري بهدف الاستثمار فيه شعبيا والتأكيد في الوقت نفسه على موقفها الرافض للتعديلات وإظهار رئيس المجلس بأنه لا يريد إعطاء الحق للمغتربين باختيار نوابهم ضمن الدائرة الـ16. وما الانسحاب من الجلسة سوى مؤشر عن حجم التجاذبات المقبلة على هذا الصعيد والتي من شأنها أن تطيح بالانتخابات.
يمكن القول، إنه بالرغم من الرد على رد رئيس الجمهورية ميشال عون والابقاء على القانون كما تم إقراره في الجلسة الماضية وتوقيعه من الرئيس بري ومن رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي، وإلزامية توقيعه من الرئيس عون بحسب الدستور، فإن الأمور لم تنته بعد، خصوصا في ظل الاجتهادات حول التصويت الذي حصل على بند إقتراع المغتربين (الدائرة 16) لجهة إحتساب الأصوات على العدد الكامل لمجلس النواب أي 128 نائبا فيحتاج إسقاطه الى 65 صوتا وبالتالي يكون هذا البند ساري المفعول كونه حصل على 61 صوتا، أو إحتساب الأصوات على عدد النواب العاملين حيث يحتاج إسقاطه الى 57 صوتا ويكون البند قد أسقط فعلا بالـ 61 صوتا، يضاف الى ذلك عدم إقرار الميغاسنتر مع البطاقة الممغنطة التي يتمسك بها رئيس الجمهورية ويعتبرها خطوة إصلاحية تدفع المواطنين الى الادلاء بأصواتهم في أماكن سكنهم.
هذا الخلاف الجوهري، سيفتح الباب أمام تقديم طعن أمام المجلس الدستوري، وهو قد يأتي من رئيس الجمهورية بعد توقيعه المرسوم، أو من عشرة نواب من تكتل “لبنان القوي”، وطبعا فإن دراسة ملف الطعن وتعيين مقرر له والنظر به وإصدار القرار بشأنه سيحتاج بالحد الأدنى الى فترة شهر، الأمر الذي سيحتم تأجيل الانتخابات الى أيار المقبل، وفي حال عدم قبول المجلس الدستوري بالطعن ورده، عندها قد يلجأ الرئيس عون الى عدم توقيع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة التي من المفترض أن يصدره وزير الداخلية في 27 آذار المقبل، الأمر الذي سيفرض تأجيلا للاستحقاق.
لكن الأخطر، ما إستنتجته بعض المصادر السياسية المواكبة، من إمكانية لجوء تكتل “لبنان القوي” الى مقاطعة جلسات مجلس النواب بعد خروجه من الجلسة أمس إعتراضا على ما أسماه المخالفات الدستورية، ما يعني تعطيل عمل البرلمان في ظل حرص الرئيس بري على عدم عقد جلسة نيابية بغياب أكبر مكون نيابي مسيحي، لتتلاقى هذه الخطوة السلبية مع تعطيل مجلس الوزراء في ظل حرص الرئيس ميقاتي على عدم عقد جلسة بغياب المكون الشيعي الذي يربط مشاركته بإنهاء ملف المحقق العدلي في قضية تفجير مرفأ بيروت طارق البيطار.
كل ذلك، من شأنه أن يضيع فرص الانقاذ على لبنان وأن يبقيه أسير الأزمات المتلاحقة، فضلا عن تضييع فرصة إستعادة ثقة المجتمع الدولي عبر إجراء الانتخابات النيابية التي قد يطيح بها الكباش القائم بين الرئيسين عون وبري، سواء بالاجتهادات الدستورية أو ربما عبر توترات أمنية يمكن أن تنتجها الخلافات السياسية كما سبق وحصل في مناطق عدة وآخرها في الطيونة.