ابراهيم ناصرالدين-الديار
«فجر»الاشتباك السياسي جلسة مجلس النواب التشريعية، ومع استمرار تجميد جلسات مجلس الوزراء، تتعاظم المخاوف من «تطيير» ممنهج للانتخابات النيابية في ظل مواجهة سياسية مفتوحة بين التيار الوطني الحر، وحركة امل ستمتد حتى موعد الانتخابات، اذا ما حصلت. اما الملف القضائي فلا يقل «فوضوية»عن الاجواء السياسية في ظل دعوات الرد والمخاصمة التي اغرقت العدلية في ملف تفجير المرفا، فيما تشير الاجراءات القانونية في جريمة الطيونة الى «ضبضبة» محتملة لملف استدعاء رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع. في هذا الوقت، لا يبدو الملف اللبناني على «طاولة» التفاوض الايراني- السعودي، وقد اقفلت المملكة العربية السعودية «الابواب» امام رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ورفضت التعامل بايجابية مع مسعاه»لاستثمار» تصريحات وزير الاعلام جورج قرداحي لفتح قنوات اتصال مع المملكة واعادة «الاحتضان» السعودي للرئاسة الثالثة. «كهربائيا» منحت واشنطن «الضوء الاخضر» لربط لبنان بالشبكة الكهربائية الاردنية عبر سوريا، في المقابل فرضت واشنطن عقوبات بالغة الدلالة في توقيتها وتفنيد اسبابها من حيث ربط رجلي اعمال «فاسدين» برئيس الحكومة السابق سعد الحريري ورئيس تكتل لبنان القوي جبران باسيل، واتهام النائب جميل السيد بتهريب نحو 120 مليون دولار الى الخارج؟!
«اشتباك» سياسي في البرلمان
ساهم «اطلاق» النائب جبران باسيل «النار» على «مبادرة « البطريرك بشارة الراعي قبل ساعات من جلسة مجلس النواب في «كهربة» الاجواء، وادت الى تكرار الصدام المفتوح مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، وبعد سقوط احتمال حصول «تسوية» لم يأخذ مجلس النواب بملاحظات رئيس الجمهورية، وفيما اتهم نواب تكتل لبنان القوي رئيس المجلس بمخالفة الدستور، وعملوا على «تطيير» الجلسة، اتهمهم بري بمحاولة «تطيير» الاستحقاق الانتخابي، وسأل: قولوا بصراحة بدكم الانتخابات؟
وقد حسمت الجلسة التشريعية النقاش حول موعد إجراء الانتخابات النيابية، فصوّتت بأغلبية 77 نائباً على تبكير الانتخابات إلى 27 آذار المقبل بدلاً من 8 أيار ، فيما دار جدل كبير حول موضوع إلغاء الدائرة الـ 16 للمغتربين وما تتضمنه من 6 مقاعد لناحية تصويت المغتربين للمقاعد الـ 128، إذ جاءت نتيجة التصويت بنسبة 61 صوتاً وليس 65 بعد امتناع نواب حزب الله عن التصويت. وقد اعترض نواب التيار الوطني الحر على احتساب اصوات 61 نائباً كأغلبية نيابية على أساس أن عدد أعضاء المجلس النيابي حالياً هو 117 نائباً بعد استقالة 8 نواب ووفاة ثلاثة.
بري : انتهى!
وفيما شكك رئيس مجلس النواب نبيه بري في رغبة التيار الوطني الحر باجراء الانتخابات النيابية، اشار الى ان ما حصل في المجلس ليس تفسيراً للدستور ولا تعديلاً له، وأن مهمة تفسير الدستور تعود للهيئة العامة لمجلس النواب، وقال: «النواب الموجودون في الجلسة عددهم 101 وإذا أخذنا بالتفسير الذي يقول إن النصاب القانوني بالمطلق هو النصف زائداً واحداً هم 128 و11 نائباً بين متوف ومستقيل والنصاب يكون 59. وفي هذه الحالة لا ضرورة للتصويت مرة أخرى، يعني أن القانون رد بالجهتين نتيجة التصويت61، معناها ان هناك رداً للقانون ككل ويكون موضوع التاريخ في آذار لإجراء الانتخابات قائماً «. وأوضح «أن هذا الاجتهاد اعتمد في انتخابات رئاسة الجمهورية للرئيس رينيه معوض وبشير الجميل، حينذاك أخذوا بعدد الأحياء. وأضاف بري: في الأساس في الطائف كان تفسير الدستور يعود للمجلس الدستوري. المجلس النيابي ألغى هذا الأمر بعد نقاش طويل. وقال «إن تفسير الدستور يعود للمجلس النيابي هذا الموضوع انتهى».
الى المجلس الدستوري «در»؟
غير أن رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل لم يقبل النتيجة وانسحب مع نواب التيار من الجلسة وتحدث عن مخالفة دستورية كبيرة، وقال إن ” تفسير الدستور كما تعديله يحتاج إلى الثلثين وبالتالي لا يجوز التلاعب، وإذا كنا سنحتسب نصاب 59 فنحن بذلك نعدّل الدستور ولذلك يجب العودة إلى نصاب 65 نائباً، ويتجه تكتل لبنان القوي الى الطعن في القانون ، فيما تدور مشاورات راهنا حول شكل وموعد الخطوة. ولدى المجلس مدة شهر للبت في الطعن، اذا قبل شكلا، وهذا ما يطرح اسئلة كثيرة حيال احتمال حصول الانتخابات في مواعيدها المقررة، في ظل استنفاد المهل.
فشل اختراق «الجدار» السعودي!
في هذا الوقت، تواصلت تداعيات الحملة «المفتعلة» على تصريحات وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي حول اليمن، وفيما استمرت «عاصفة» الردود المدفوعة «الثمن» في الداخل اللبناني، لم ينجح رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في «اختراق» جدار الحرد السعودي تجاه لبنان، وتبين له بعد ساعات على اثارة «عاصفة» الردود على تصريحات وزير الاعلام، انه من غير الوارد استغلال الحدث لتحقيق قفزة سياسية نوعية باتجاه اعادة التواصل مع المملكة التي واصلت تعاملها «الجاف والقاسي» معه كرئيس حكومة على الرغم من عملية «جس النبض» التي قام بها محيطون به من خلال التواصل مع «اصدقاء» مشتركين مع الرياض لمعرفة رد الفعل السعودي على وجود استعداد لدى رئيس الحكومة للمضي قدما وحتى النهاية في «معركة» الدفاع عن «كرامة» السعودية ودول الخليج، والذهاب بعيدا في معركة اقالة وزير الاعلام، مقابل اعادة الاعتبار لموقع الرئاسة الثالثة في المملكة وعودة «الاحتضان» المباشر لما يمثله اليوم على رأس المركز الاول للسنة في لبنان.
«الرسالة» وصلت الى السراي؟
ووفقا لمصادر مطلعة، كانت الردود السعودية حاسمة لميقاتي، ولا تقبل اي تاويل، ومفادها «لست على جدول اعمالنا ولا يشكل لبنان اولوية لدينا، ولا عودة الى الوراء، ومن يريد اتخاذ اي موقف فهذا شأنه، لكن لا ينتظر اي «مكافاة» في السياسة او غيرها، ثمة من اخطأ ومن واجبه تصحيح هذا الخطأ».
وبعد ان وصلت «الرسالة» الى السراي الحكومي، لم يجد ميقاتي نفسه معنيا بخوض «مغامرة» داخلية دون «مظلة» خارجية، واستمزج رأي رئيس الجمهورية ميشال عون حول ضرورة القيام بخطوة مشتركة لتصحيح الموقف، فكان عون واضحا لجهة اعتقاده بان ثمة مبالغة في ردود الفعل على كلام قاله الوزير قبل توليه منصبه الرسمي، واعتبر ان صدور توضيحات بهذا الشان كاف لتوضيح موقف الحكومة اللبنانية، وهو امر يجب ان يرضي دول الخليج، اما اذا استمرت الخطوات التصعيدية، فهذا يعني وجود نيات مبيتة، لا يمكن التعامل معها.
ميقاتي: الاعتذار «اهون الشرين»؟
بعد ذلك، تواصل رئيس الحكومة مع رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، باعتباره الراعي السياسي لقرداحي، لاقناع الاخير «بالاعتذار» عما بدر منه، باعتبار ان هذه الخطوة «اهون الشرين»، الا ان وزير الاعلام رفض الطلب متمسكا برأيه القائل إنه لم يخطىء «كمسؤول»، وانما عبر عن رأيه الحر قبل توليه المسؤولية ولا يحق لاحد محاسبته على رايه الشخصي في حرب «عبثية» باعتراف العالم. وقد حظي قرداحي بدعم مطلق من فرنجية الذي اكد له انه يحظى بالغطاء السياسي الكامل. وقد جدد رئيس الجمهورية ميشال عون بالامس التاكيد ان تصريحات قرداحي صدرت قبل توزيره ولا تعكس وجهة نظر الدولة اللبنانية.
«رسائل» سعودية متناقضة؟
وفي سياق متصل، اكدت مصادر دبلوماسية في بيروت، ان ما حصل خلال الساعات القليلة الماضية يؤشر الى ان الرياض تفصل بين محادثاتها مع ايران وموقفها من الملف اللبناني، وهذه المؤشرات ليست مرتبطة فقط بما حصل من تصعيد مبالغ فيه حيال تصريحات قرداحي وانما من خلال خطوتين متزامنتين ومتناقضتين. ففي خطوة لافتة في توقيتها أعلنت السلطات السعودية إطلاق سراح الشاب علي النمر ابن شقيق رجل الدين الشيعي البارز نمر النمر الذي أعدمته الرياض، عام 2016. وعلي النمر كان محكوماً بالإعدام بعد اتهامه بالتظاهر في المنطقة الشرقية، وينظر لقرار الإفراج عنه في سياق تقديم مبادرات حسن نية لطهران على وقع المفاوضات المستمرة بين الجانبين. في المقابل لا يبدو أن حزب الله ضمن قائمة التّساهل السعودي، أو يدخل ضمن محادثات الرياض- طهران، وبالتزامن مع الإفراج عن النمر، صنّفت المملكة مؤسّسة القرض الحسن «كياناً إرهابيّاً»، وفي الدلالات يمكن الجزم ان المملكة ليست في صدد تخفيف التصعيد الممنهج في لبنان الذي لا يبدو مدرجا على «طاولة» التفاوض مع طهران.
حزب الله: عدوان سافر
من جهته اعتبر حزب الله القرار السعودي ضد مؤسسة «القرض الحسن»، عدوانا على لبنان وتدخلا سافرا في الشؤون الداخلية اللبنانية، وخضوعا ذليلا للادارة الاميركية وخدمة بائسة لأهداف العدو الصهيوني، وأكد الحزب أن «هذا القرار المرفوض لا يقدم ولا يؤخر في عمل هذه المؤسسة الإنسانية، التي كرست نفسها لخدمة الفقراء والمحتاجين وذوي الدخل المحدود وعموم الشعب اللبناني.
عقوبات اميركية «رسائل» سياسية؟
وفي «رسالة» اميركية بالغة الدلالة سياسيا، وبغض النظر عن صحة الاتهامات من عدمها، أدرج مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية المتعهّد جهاد العرب المقرّب من الرئيس سعد الحريري، والمتعهد داني خوري المقرّب من رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، والنائب جميل السيّد بتهمة الاستفادة شخصياً من تفشي الفساد والمحسوبية في لبنان، مما أغنى أنفسهم على حساب اللبنانيين ومؤسسات الدولة. وبحسب البيان الاميركي فان جهاد العرب منح عدة عقود عامة مقابل مدفوعات رشوة للمسؤولين الحكوميين ومنها في عام 2018، بعقد قيمته 18 مليون دولار لإعادة تأهيل جسر في بيروت، وعقد اخر بـ 288 مليون دولار من مجلس الإنماء والإعمار كما عمل العرب كوسيط اعتبارا من عام 2014 للتوسط في اجتماع بين كبار المسؤولين اللبنانيين قبل الانتخابات الرئاسية اللبنانية، مقابل عقدين حكوميين قيمتهما حوالى 200 مليون دولار. اما داني خوري فهو شريك تجاري مقرب من جبران باسيل، وبسبب علاقته الوثيقة معه، حصل بحسب البيان الاميركي، على عقود عامة كبيرة جنت له ملايين الدولارات منها في عام 2016، حين حصل على عقد بقيمة 142 مليون دولار من مجلس الإنماء والإعمار لتشغيل مطمر برج حمود. وخوري متهم بإلقاء النفايات السامة والنفايات في البحر الأبيض المتوسط، وتسميم الثروة السمكية، وتلويث شواطئ لبنان، وكل ذلك بينما فشل في معالجة أزمة النفايات. اما النائب جميل السيد الذي سيعقد اليوم مؤتمرا صحفيا للرد على العقوبات، فهو متهم اعتبارًا من عام 2021، بالالتفاف على السياسات واللوائح المصرفية المحلية، ووفقا للبيان الاميركي، ساعده مسؤول حكومي كبير في تحويل أكثر من 120 مليون دولار إلى الاستثمارات الخارجية، وذلك لإثراء نفسه وشركائه على الأرجح.
«لفلفة» الاستماع الى جعجع ؟
وفي خطوة قانونية تفتح «الباب» امام احتمال حصول التسوية في ملف استدعاء رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع للاستماع في جريمة الطيونة، احال مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي فادي عقيقي المحضر الالحاقي لملف الطيونة الذي ختمته مديرية المخابرات الى قاضي التحقيق العسكري الاول فادي صوان وطلب من الاخير الاستماع الى جعجع بصفته شاهدا، ووفقا لمصادر قضائية، بما ان عقيقي طلب من صوان الاستماع اليه على سبيل «المعلومات»، يعود للقاضي صوان، بان ياخذ بطلب عقيقي والذهاب الى منزل جعجع للاستماع اليه، على ان يتخذ القرار المناسب حينئذ بختم الاستجواب او اصدار مذكرة بملاحقته، وبامكانه ايضا اهمال طلب عقيقي، اذا راى انه لا جدوى من ذلك على ان يختم مطالعته معللا قراره. تجدر الاشارة الى ان محكمة الإستئناف المدنية في بيروت قبلت طلب الردّ المُقدّم من وكلاء الموقوفين في أحداث الطيونة لرفع يد مفوّض الحكومة بالتكليف القاضي فادي عقيقي عن الملف. في هذا الوقت، حفظ النائب العام لدى محكمة التمييز القاضي غسان عويدات الشكوى المقدمة ضد الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله.
الدعاوى «تغرق» العدلية
قضائيا، حفل يوم «العدلية» بدعاوى جديدة «لكف يد» المحقق العدلي طارق البيطار بعدما تقدّم النائبان علي حسن خليل وغازي زعيتر بدعوى رد إلى محكمة الاستئناف المدنية في بيروت بحقه. ووفقا لمصادر قانونية لا يحق للقاضي نسيب إيليا ان يبت دعوى الرد المقدمة من الوزير السابق زعيتر كونه سبق أن رد شكلاً دعوى مماثلة، ما يعني انه سيحيلها الى غرفة أخرى وان جلسة استجواب زعيتر أمام القاضي البيطار لا تزال قائمة اليوم، ومن المفترض ان يحضر محاميه لتقديم دفوعه امام المحقق العدلي. وكان البيطار رفع بالامس جلسة استجواب رئيس الحكومة السابق حسان دياب بعد تبلغه دعوى مخاصمته من الهيئة العامة لمحكمة التمييز، فيما رفع النائب نهاد المشنوق دعوى ضد الدولة اللبنانية ممثّلة بهيئة القضايا في وزارة العدل، لما اعتبره خطأ جسيماً في قرار البيطار بملاحقة واستجواب المشنوق كـ»مدّعى عليه» خلافاً لمواد في الدستور والقانون، ولن يتم النظر بالدعوى قبل الاثنين المقبل موعد عودة رئيس مجلس القضاء الاعلى القاضي سهيل عبود من باريس.
«ضوء اخضر» اميركي للكهرباء
وفي سياق، سعيها للحد من نتائج الدخول الايراني النفطي الى لبنان، اعطت واشنطن «الضوء الاخضر» لنقل الكهرباء الى لبنان من الاردن عبر سوريا، ومنح البنك الدولي موافقته على تمويل المشروع، وقد أعلن عن التوصل إلى الاتفاق النهائي لنقل خلال مؤتمر صحافي مشترك بين وزراء الطاقة اللبناني والسوري والاردني، حيث أكد وزير الطاقة وليد فياض أن البنك الدولي شارك في الاجتماع وسيمول الاتفاق، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة قد أعطت الضوء الأخضر للمشروع. من جهته، طمأن وزير الطاقة الأردني أنهم عالجوا بعض القضايا العالقة بإيجابية في قضية نقل الكهرباء إلى لبنان، اما وزير الطاقة السوري فشدد على أنهم لن يكونوا حجر عثرة في الاتفاق. تجدر الاشارة الى ان الاستفادة العملية من استجرار الكهرباء ستصبح امرا واقعا مع مطلع العام الجديد.