تحقيقات - ملفات

“فورين بوليسي”: هل بات التهديد بالحرب السبيل لتحقيق السلام مع إيران؟

ترجمة رنا قرعة Rana Karaa

إستندت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تجاه إيران الى نهج إعادة البرنامج النووي للجمهورية الإسلامية إلى سابق عهده من خلال استعادة الاتفاق النووي الموقع عام 2015 والقيود التي يفرضها على البنية التحتية النووية الإيرانية حتى العام 2030.
وبحسب صحيفة “فورين بوليسي” الأميركية، “تعتقد الإدارة أنه بمجرد تحقيق الأمر، فسيكون لديها الوقت للتفاوض بشأن صفقة “أطول وأقوى”، من شأنها أن تمدد أحكام المهلة التي تنهي القيود المفروضة على حجم وجودة البرنامج ، ومن شأنها معالجة قضايا الصواريخ الباليستية الإيرانية والسلوك الايراني في المنطقة. وعوضاً عن ذلك، فقد جعلت إيران برنامجها النووي أكثر تهديداً وأثارت تساؤلات حول ما إذا كان قرارها سيواجه برد دبلوماسي عليه.

لم يقتصر الأمر على منع الإيرانيين للوكالة الدولية للطاقة الذرية من الوصول إلى بيانات المراقبة الخاصة بأنشطة التخصيب، ولكنهم اتخذوا خطوات ليس لها غرض مدني مبرر، وقد تجلى الأمر برفع مستوى تخصيب اليورانيوم الى مستوى 60 في المئة ، كما وانتاج معدن اليورانيوم”.
وتابعت الصحيفة، “يشكل غياب الخوف الإيراني مما يمكن أن يفلت من طموحاتهم النووية أمرا خطيرا، وقد ينتج عن ذلك سوء تقدير من جانب إيران حول ما إذا كانت الولايات المتحدة سترد عسكريا، وبالتأكيد فان هذا الامر سيجعل النتيجة الدبلوماسية أقل احتمالا.
هل يمضي الإيرانيون قدمًا الآن في عمليات تخصيب قريبة من مستوى صنع الأسلحة، ومعدن اليورانيوم، وسلسلة من أجهزة الطرد المركزي المتقدمة للضغط على واشنطن لتحسين شروط الاتفاق النووي، حيث يحصلون على تخفيف للعقوبات أكثر مما يحق لهم مقابل قيود أقل على بنيتهم التحتية النووية؟ أم أنهم يفعلون ذلك لأنهم يريدون تحقيق قدرة شبيهة باليابان تمكنهم من الانتقال بسرعة كبيرة إلى سلاح نووي إذا اختاروا القيام بذلك؟ أم يريدان الخيارين معا بحيث لا يستبعد أحدهما الآخر؟”
ورأت الصحيفة أنه “إذا أرادت الولايات المتحدة تقليل مخاطر نشوب صراع وإعطاء الدبلوماسية فرصة للنجاح، فسيتعين على إدارة بايدن استعادة خوف إيران من رد فعل أميركي وممارسة الضغط بشكل أكثر فاعلية. إذن كيف يمكن لإدارة بايدن تغيير الحسابات الإيرانية، خاصة في الوقت الذي أعلن فيه الإيرانيون أخيرًا أنهم سيعودون إلى المحادثات في فيينا؟ ستحتاج واشنطن إلى دمج وتنظيم عدد من التحركات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية والاستخباراتية والعسكرية. سياسياً ودبلوماسياً، ستحتاج إلى التركيز على عزل الإيرانيين. فمن خلال الانسحاب من الاتفاق النووي من دون خطة لاستبداله، تكون إدارة ترامب قد عزلت عن طريق الخطأ الولايات المتحدة، وليس إيران. لا يرى القادة الإيرانيون أنفسهم مثل كوريا الشمالية، فالعزلة مهمة، لكن عزل إيران سياسياً يتطلب جدية أميركية بشأن الدبلوماسية والعمل مع الآخرين، حتى وإن باتت العواقب واضحة، وإن فشلت الدبلوماسية في منع الإيرانيين من أن يصبحوا دولة تمتلك أسلحة نووية.
على سبيل المثال، تحتاج الصين، أكبر مستورد للنفط في العالم، إلى شرق أوسط مستقر، وليس شرقًا اوسطيا تمزقه الحرب، ومن المؤكد أن الروس والأوروبيين لا يريدون رؤية إيران تمتلك أسلحة نووية أو تطورها، ويقدّرون مخاطر نشوب صراع أوسع في الشرق الأوسط إذا استمرت طهران في مسارها الحالي. كما يدرك الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، على وجه الخصوص، أنه إذا شعرت إسرائيل بأنها مضطرة لضرب إيران، فإن حزب الله في لبنان والمجموعات الشيعية في سوريا سيضربون إسرائيل بعشرات الآلاف من الصواريخ والطائرات بدون طيار. بالنظر إلى الوجود الروسي في سوريا، فإن آخر ما يريده بوتين هو الوقوع في قلب مثل هذا الصراع”.

وأضافت الصحيفة، ” ما يربط مجموعة 5 + 1 معًا هو الرغبة في منع إيران من امتلاك أسلحة نووية والإيمان باستخدام الدبلوماسية لتحقيق هذا الهدف. إذاً، على إدارة بايدن، مع التأكيد على التزامها بالدبلوماسية، أن تقول إنه إذا جعلت إيران النتيجة الدبلوماسية مستحيلة، فإنها تخاطر ببنيتها التحتية النووية بالكامل.
من الناحية الاقتصادية، لا ينبغي للولايات المتحدة أن ترفع العقوبات، لكن بايدن يمكن أن يعرض مرة أخرى منح إعفاءات لمشتريات النفط الإيراني لبلدان محددة أو الوصول إلى بعض الأصول الإيرانية المجمدة مقابل وقف التخصيب فوق 3.67 في المائة، ووقف إنتاج معدن اليورانيوم، كما وإنهاء عرقلة رقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
عسكريا، يجب على الولايات المتحدة استخدام القيادة المركزية الأميركية لإجراء تدريبات مشتركة مع إسرائيل والدول العربية، بما في ذلك دمج الدفاعات ضد الهجمات البالستية والصواريخ الجوالة، واستخدام الوسائل والأسلحة الإلكترونية لإيقاف إطلاق الصواريخ، ومحاكاة الرد على هجمات القوارب الصغيرة.
علاوة على ذلك، يحتاج بايدن إلى تنحية إيران عن فكرة أن واشنطن لن تتصرف عسكريا وستمنع إسرائيل من القيام بذلك”.
وختمت الصحيفة، “إن أرادت واشنطن تقليل احتمال استخدام القوة ضد البرنامج النووي الإيراني، فمن الضروري استعادة الردع. لذلك، على القادة الإيرانيين الإعتقاد بأن الولايات المتحدة أو إسرائيل ستعمل عسكريا لتدمير استثماراتهم الهائلة في البرنامج النووي إذا استمروا على المسار الحالي ورفضوا التوصل إلى نتيجة تفاوضية. ليست هذه هي المرة الأولى التي يكون فيها التهديد الموثوق باستخدام القوة ضروريًا لتجنب استخدامها”.
المصدر: خاص “لبنان 24”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى