هيام عيد- الديار
أكثر من سيناريو بات قيد التداول في الساعات ألـ 48 الماضية حول الهدف البعيد من وراء التصعيد السياسي الذي بدأ يُسجّل على العديد من المحاور الداخلية، ومن دون مراعاة التفاهمات والتحالفات، كما التسويات التي حصلت أخيراً عند تأليف حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، ومن أبرز السيناريوهات التي تشير إليها أوساط نيابية في كتلة بارزة، هو وضع الإستحقاق الإنتخابي النيابي في دائرة الشكوك لجهة حصوله وإمكانات إجرائه في مناخ أمني مستقلّ، وذلك، وفق ما ورد في البيان الوزاري للحكومة، وفي الموعد الذي أطلقه رئيسها نجيب ميقاتي للمجتمع الدولي الذي اعتبرها حكومة إصلاح وانتخابات.
وعلى الرغم من الغيوم الملبّدة في سماء العلاقات السياسية بين المكوّنات المتحالفة داخل مجلس الوزراء، والتي تعمل كفريق سياسي واحد في مقاربة كل الملفات بدءاً من التفاوض مع صندوق النقد، ومعالجة الأزمات الإجتماعية، وإقرار التعيينات في المراكز الشاغرة وفق قاعدة توافقية، فإن الهدف المتمثّل بساعة الإنتخابات النيابية، والتي لم تتحدّد بعد، يشكّل، وكما تقول الأوساط النيابية، عنواناً تشترك فيه هذه المكوّنات، وتتعاون رغم الضجيج الحالي حول التعديلات، على السعي لإبعاد كأسه عنها، كونها كلها تستشعر تراجعاً بحجم رصيدها الشعبي في صفوف ناخبيها بادئ ذي بدء، كما في صفوف المستقلين، ولذلك، تعمل على «تطييرها»، خصوصاً وأن موجات الإحتجاج الشعبي مرشّحة لأن تتزايد وتتصاعد في المرحلة المقبلة، مع تفاقم الأزمات الحياتية، وليست الحركة العمالية المرتقبة اليوم في الشارع تحت عنوان «يوم الغضب»، سوى المقدّمة لما ستكون عليه المعادلة في الشارع، في حال بقيت المعالجات عاجزة عن توفير الحلول الإنقاذية الدائمة، وليس المرحلية أو المؤقّتة.
ولذلك، تخشى الأوساط النيابية نفسها، أن تكون الفصول المتتالية للتحقيق الجاري بأحداث الطيونة، حلقة في سلسلة حلقات تستهدف ضرب موازين القوى على الساحة السياسية عشية بدء البحث بالتحالفات الإنتخابية، ذلك أن حجم وتأثير مجموعات المجتمع المدني في المعركة الإنتخابية المقبلة، سيفرض معادلة جديدة تجعل من كل الأطراف السياسية في جبهة واحدة، في مواجهة مرشّحي الحراك المدني والمستقلّين كما النواب المستقيلين من المجلس النيابي. ولذلك، فإن كل ما يجري اليوم من مواجهات سياسية وغير سياسية، لا يعدو كونه نموذجاً عن ما يمكن أن يحصل من تصعيد تحت شعار الحفاظ على الواقع السياسي القائم، وعدم تغيير التوازنات داخل المجلس النيابي وعلى الساحة الداخلية، ولو كلّف هذا الأمر الإنزلاق نحو الفوضى وفق أجندة داخلية، لا دور فيها لأي فريق خارجي.
وتكشف هذه الأوساط، معلومات متداولة على المستوى الديبلوماسي في بيروت، تتحدّث عن أن المجتمع الدولي يضغط باتجاه ترسيخ الإستقرار وإجراء الإنتخابات النيابية في مواعيدها الدستورية، من أجل الحفاظ على «الستاتيكو» اللبناني مستقرّاً في لحظة إقليمية حافلة بالمخاطر والتحدّيات الأمنية والتسويات السياسية الإقليمية. ولذا، فإن كل ما يُسجّل من تطوّرات دراماتيكية تستحضر شبح المواجهات بين اللبنانيين في الشارع، هو في رأي الأوساط النيابية البارزة نفسها، مجرّد استهداف للإنتخابات النيابية، وذلك، على المدى البعيد بهدف تعطيلها من خلال زعزعة الإستقرار الأمني.