الأجندات والإنتماءات.. مشروعان لا يلتقيان
“ليبانون ديبايت” – علي الحسيني
يوماً بعد يوم، يتكشّف الإنقسام السياسي والطائفي في لبنان بشكلٍ مُخيف وتظهر معه حقيقة واحدة، تؤكد استحالة التعايش بين معظم المكوّنات، خصوصاً وأن الإنقسامات هذه، سببها اختلاف وجهات النظر حول طبيعة لبنان وهويته، بالإضافة إلى دوره وموقعه ضمن الصراعات الإقليمية. واللافت أن أحداث “الطيونة”، قد أعادت التأكيد على صعوبة البحث عن مساحات مُشتركة، يُمكن أن تتلاقى عندها الأطراف المُتخاصمة لا سيّما “حزب الله” و”القوّات اللبنانية”، بالإضافة إلى كشفها هشاشة الأمن الداخلي وقابليته للإنفجار متى وُجدت نوايا التفجير عند أي طرف لبناني.
الشعور بفائض القوّة لدى الحزب بفضل السلاح الذي يمتلكه، تُقابله “القوات اللبنانية” بفائض “اللبنانية” من خلال تمييز نفسها على أنها لبنانية وأكثر لبنانيةً من الغير وتحديداً “حزب الله” المُتّهم قواتيّاً، بتنفيذ أجندة إيرانية هدفها السيطرة على البلد وبالتالي تحويله إلى نُقطةٍ “فارسية” مُتقدّمة على البحر المتوسط. أيضاً بالنسبة إلى الحزب الذي يُجاهر علناً بانتمائه عقائدياً لمدرسة “ولاية الفقيه”، لم يشفع له لجوؤه للقضاء اللبناني في قضايا عديدة، نزع صفة المُتّهم عن نفسه، كونه الطرف الأقوى تسليحاً وتنظيماً لدرجة أن وجوده بات يوازي وجود الدولة بكل مؤسساتها.
“نعم لقد أظهرت أحداث الطيونة أنه لا يُمكن التعايش مع السلاح ولا مع من يقف خلف السلاح”. بهذه الجملة يُعبّر مصدر في “القوّات اللبنانية” ، عن الواقع الذي وصل اليه لبنان واللبنانيين جرّاء “الهيمنة التي يُحاول الحزب فرضها على اللبنانيين وعلى الدولة ومؤسساتها، وتحديداً الجسم القضائي الذي أصابت أسهم “حزب الله” كل نُقطةٍ فيه. لذلك مُقابل الطلب من رئيس حزب “القوات” سمير جعجع المثول أمام القضاء للإستماع إلى إفادته في أحداث “الطيونة”، يجب الإستماع الى إفادة السيد حسن نصرالله خصوصاً وأنه رئيس الحزب الذي نفّذ “غزوة” الطيونة.
وتابع المصدر نفسه: ثمّة جهة تحدثت في العلن وأمام الجميع عن امتلاكها مئة الف مُقاتل. والسؤال، ألا يستدعي هذا الإعتراف دعوة هذه الجهة، أقلّه للإستفسار منها حول هوية هؤلاء المُقاتلين وتسليحهم ومشروعهم. والسؤال الثاني، ألا يُشكّل هذا الاعتراف خطراً على المؤسسات العسكرية والأمنية في لبنان، خصوصاً وأننا جميعاً كلبنانيين نعلم أي نوع من الأسلحة تمتلكه هذه الجهة وكمّ من مرّة استُعمل هذا السلاح في الداخل؟”.
وختمت المصادر قولها، بأن “المواجهة اليوم هي بين حزب الله من جهة وجميع اللبنانيين من جهة أخرى، منعاً لتحقيق مآربه وأهدافه بوضع اليد على الدولة اللبنانية بشكل كامل. ولذلك لن نسمح له بأي شكل من الأشكال بتحقيق هدفه هذا وتحويل اللبنانيين إلى أكياس رمل لتحقيق المشروع الإيراني.”
من جهة أخرى، تُشير مصادر مُقرّبة من “حزب الله”، إلى أن “ما حصل في الطيونة جاء ليكشف مدى استعدادات وجهوزية الطرف الآخر لافتعال “ميني 7 أيار” باعترافهم، ولو لم تكن الإشتباكات قد وقعت في ذلك النهار، لكن هذا الطرف قام بتنفيذها في أي يوم أخر وبمناسبة أخرى. لذلك، فإن البلد كله اليوم أمام مشروعين، الأول عنوانه الحفاظ على لبنان ومؤسساته وحدوده البحرية والبرية من خلال “الثلاثية” المعروفة، والثاني جعله ورقة ضغط بيد الخارج للنيل من استقلالية البلد ومقاومته ضمن مشروعٍ واسع تقوده أميركا وإسرائيل بتواطؤ من بعض الدول العربية.”